صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

هل يمتلك الثوار برلمانهم؟

إرشيف

شارك هذه الصفحة

ماجد محمد علي

في الأسبوع الماضي، سيرت (لجان المقاومة) موكبها المركزي ناحية مقر المجلس التشريعي الانتقالي بأم درمان، وهو المجلس الذي لم يقدر له الانعقاد قبل انقلاب 25 أكتوبر، رغم أن الوثيقة الدستورية التي تم توقيعها 2019 نصت على تشكيله خللال 90 يوما.

لجان المقاومة، في الواقع، داومت خلال ذلك العام 2019‪ والعام الذي يليه على تسيير المواكب التي تطالب شركاء الانتقال بإطلاق سراح المجلس الذي كانت تأمل كثيرا في أن يقوم بدور كبير في معالجة الخلل الذي شاب أداء الشركاء وحكومتهم، وضبط البوصلة وجهة تنفيذ برنارمج ثورة 19 ديسمبر المجيدة.

وفي منتصف العام الذي شهد الانقلاب على الوثيقة الدستورية وعلى برنامج الانتقال، تعالت أصوات في الساحة السياسية تطالب بسرعة تشكيل المجلس، وتتهم أطراف بعينها العمل على تغييبه، بهدف قيادة الحكومة الانتقالية بعيدا عن برنامج الثورة، وعدم تمكين قوى ديسمبر، صاحبة المصلحة في تفكيك بنية الدولة للقديمة، من امتلاك منصة التشريع والرقابة، وتزامن ذلك مع تركيز أغلب بيانات لجان المقاومة وبقية قوى الثورة في الأجسام ذات الطبيعة النقابية، على سرعة الإيفاء بمطلب المجلس التشريعي، وإيقاف عمل البديل، وهو غرفة تشريعية مكونة من مجلس السيادة ومجلس الوزراء.

وقد يكون لتلك الاتهامات ما يسندها وفق ما جرى على هذا الصعيد في تلك الأيام، والشاهد هو غياب أهم القوانين التي كان يطالب الشارع بسرعة إجازتها، مثل قوانين النقابات والأمن الداخلي والتعاون وعدم إلغاء كل القوانين المقيدة للحريات، ومراجعة ترسانة من القوانين تركتها الإنقاذ نافذة، بجانب تعطيل عمل مراقبة أداء الحكومة ومناقشة حتى اتفاق سلام جوبا (2020) والتعديلات التي جرت على الوثيقة الدستورية.

كان وقتها للمجلس التشريعي الانتقالي حاجة متعاظمة في ظل تفاقم الخلافات بين الشركاء، وعدم وجود مرجعية دستورية وقانونية لحسمها، علاوة على تعثر الحكومة في إنشاء أغلب المفوضيات والمؤسسات المتفق عليها، والمعنية بشكل مباشر بتنفيذ برنامج الثورة والانتقال عموما.

ويرى البعض أن المجلس التشريعي بالنسبة لشارع الثورة هو مدخل تفكيك بنية الدولة القديمة وعلاقات قوى المصالح ومراكز نفوذهم، وتمكين الشارع من غالبية مقاعده كان سيمهد دون شك، لإقرار بنية تشريعية قوية داعمة لعملية الانتقال، استنادا على شعارات ديسمبر وبرنامجها المعلن، ولهذا تحديدا تم تغييبه حتى وقع الانقلاب.

ربما لتلك الخلاصة تتصاعد الآن أيضا أصوات في شارع الثورة، مع قرب توقيع تسوية جديدة مع قادة الانقلاب، متساءلة حول موقع المجلس التشريعي وعضويته مما يدور من تفاهمات، ونسبة قوى الثورة في مقاعده، هذا حتى في ظل موجة الرفض المتصاعدة للاتفاق نفسه، والتي عبرت عن نفسها في الشارع بوسائل مختلفة خلال الساعات الماضية.

ويعتقد من يدعمون ضرورة تمكين قوى الثورة من غالبية المجلس، أن الانقلاب وقع بالأساس لمنع إقرار برنامج الانتقال الديمقراطي وبناء مؤسساته، وأهمها المجلس التشريعي، لذا لن يسمح للقوى صاحبة المصلحة في إسقاط الدولة القديمة بكل ظلاماتها، بالوصول لغالبية مقاعد المجلس والسيطرة على عملية التشريع والرقابة على المؤسسات، ما يفتح الباب لاستمرار الدولة القديمة بعلاقاتها وتحالفاتها داخليا وخارجيا، وتمهيد الطريق تشريعيا لوأد الانتقال أو حتى إفراغه من مضمونه.


شارك هذه الصفحة

1 thought on “هل يمتلك الثوار برلمانهم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *