صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

السودان.. هل أوشكت العملية السياسية على نهاياتها؟

الواثق البرير

الواثق البرير

شارك هذه الصفحة

من بين خضم متلاطم من الخلافات والإحباط واليأس، بسب تعثر عملية الإنتقال والتحول الديمقراطي، خرج الأمين العام لحزب الأمة القومي- أحد أبرز القوى التي تقود التسوية الجارية- الواثق البرير مبشرًا باقتراب العملية السياسية من نهاياتها لتستكمل خلال الأيام المقبلة بالتوقيع على الاتفاق النهائي إيذانًا ببدء مرحلة جديدة من الانتقال مبنية على أسس جديدة، لكن المخاض العسير الذي يعتور العملية من تجاذبات وتباينات يهدد مستقبل البلاد واستقرارها، وفقًا للبرير، لتبقي بذلك، العملية مفتوحة على كل الاحتمالات.

السبت الماضي، أعرب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عن قلقه إزاء تصاعد التوتر في السودان. وناشد مجددا جميع الأطراف التخلي عن المواقف المتصلبة ووضع المصالح الشخصية جانبا، والتركيز على المصالح المشتركة للشعب السوداني من خلال مضاعفة الجهود من أجل استعادة حكومة يقودها المدنيون.

وتقف البلاد عند مفترق طرق بسبب تداعيات انقلاب 25 أكتوبر والبيئة السياسية والأمنية التي نجمت عن الخلافات المستمرة بين أطراف متعددة حول الاتفاق السياسي،  الذي ترفضه مبدئيا أحزاب سياسية ولجان مقاومة وقوى مهنية وتنطيمات مطلبية وقوى ثورية أخرى، فيما تجاهد قوى الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية، من أجل الانضمام إلى العملية السياسية بشروطها الخاصة، وإلا تهدد بإسقاط العملية.

في مارس الماضي، اتفقت الأطرافعلى مصفوفة زمنية تضمنت التوقيع على الاتفاق السياسي النهائي، في الأول من أبريل المقبل، على أن يتم توقيع الدستور الإنتقالي في السادس من ذات الشهر، يعقب ذلك، تشكيل الحكومة المدنية في الحادي عشر من أبريل، غير أن خلافات حادة نشبت بين أطراف المكون العسكري، أبطلت مفعول تلك المصفوفة، ولا تزال العملية عالقة بانتظار اتفاق الجيش والدعم السريع. 

خلال إفطار رمضاني نظمه حزب الأمة القومي، الأحد، بحضور رئيس الحزب المكلف فضل الله برمة ناصر وقياداته  قال البرير: “إن العملية السياسية بلغت مراحلها الأخيرة ونأمل أن تستكمل خلال الأيام المقبلة بالتوقيع على الاتفاق النهائي لنبدأ مرحلة جديدة من الانتقال مبنية على أسس جديدة”.

وأضاف: “نطمئن أبناء شعبنا بأن أوان الخلاص قد اقترب وأن العملية السياسية قد بلغت مراحلها الختامية وما يظهر على السطح من تباينات لن تقف حجر عثرة في استكمال استعادة التحول المدني”.

تصريحات البرير جاءت متزامنة مع تسريبات عن توصل الجيش وقوات الدعم السريع إلى حسم نفاط الخلاف الرئيسية المتعلقة  بدمج هذه القوات ووضعيتها مستقبلًا. وكانت قوى إعلان الحرية والتغيير -المجلس المركزي، أعلنت مساء الأربعاء الماضي، عن تأجيل توقيع الاتفاق السياسي النهائي، وكان هذا التأجيل الثاني بعد أن فشلت الأطراف في التوافق على توقيع الاتفاق في الأول من أبريل الحالي.

وأشار قائد الجيش عبد الفتاح البرهان لدى مخاطبته مأدبة إفطار الأحد، إلى أن التأخير في الوصول إلى اتفاق بسبب بعض الأمور التي تتعلق ببند الإصلاح الأمني والعسكري، متمنيا تجاوزها بالسرعة اللازمة، مؤكدا  أن الهدف هو قيادة البلاد إلي دولة ديمقراطية مدنية كاملة يكون الجيش فيها بعيدا عن السياسة، واجبه فقط حماية الوطن.

وفي هذا السياق، أكد الأمين العام لحزب الأمة القومي، على ضرورة التزام المؤسسة العسكرية بمهامها الدستورية في حماية البلاد والدستور والفترة الانتقالية من أي مغامرات لأصحاب الردة السياسية، داعيًا إلى استكمال عملية السلام الشامل بالحوار البناء مع الأطراف غير الموقعة على اتفاق جوبا، وتفكيك بنية النظام السابق واستعادة ممتلكات الدولة المنهوبة والاستفادة منها في دعم التنمية والاقتصاد.  

بالنسبة للبرير فإن أهم أهداف المرحلة الجديدة من الانتقال هي استعادة مسار التحوُّل المدني الديمقراطي بتأسيس السلطة المدنية الانتقالية الكاملة، وخروج المؤسسة العسكرية من معادلة الحكم والسياسة والتزامها بمهامها الدستورية في حماية البلاد والدستور والفترة الانتقالية من أي مغامرات لأصحاب الردة السياسية.

إضافة إلى تفكيك بنية النظام البائد واستعادة ممتلكات الدولة المنهوبة والاستفادة منها في دعم التنمية والاقتصاد وتحقيق العدالة لكل الضحايا لاسيما شهداء الثورة، بجانب قيام المؤتمرات المتخصصة ذات الأهمية حول الحكم المحلي، الإصلاح المؤسسي، المؤتمر الدستوري، العلاقات الخارجية والتعليم، بجانب حل قضية الشرق بمشاركة كل مكوناته ومعالجة آثارها.

المخاض العسير الذي يلازم البلاد من تجاذبات وتباينات يهدد مستقبل البلاد واستقرارها، وفقًا للبرير، يجعل هذه الأهداف رهينة بوصول العملية السياسية إلى نهاياتها، غير أن الأمين العام لحزب الأمة يقلل من هذه الخلافات ويرى أنها سمة طبيعية تحدث في الفترات الإنتقالية.

ويعضد المحلل السياسي د. الشفيع خضر مع ما ذهب إليه البرير قائلًا في مقال الإثنين “تشهد فترتنا الانتقالية الراهنة، تنافسا سياسيا واجتماعيا حادا، وهذه سمة طبيعية من سمات فترات الانتقال عموما. لكن، يمكن ضبط هذا التنافس لصالح نجاح الفترة الانتقالية وذلك من خلال المؤسسات التشريعية، كأطر منظمة ومراقبة وفق القانون، لأن في غياب هذه المؤسسات، تلوح في الأفق إمكانية إخفاق العملية السياسية في تنفيذ مهام الانتقال”.

يشار إلى أنه في يناير الماضي، انطلقت المرحلة النهائية للعملية السياسية بين الموقّعين على “الاتفاق الإطاري” الموقع في 5 ديسمبر الماضي بين المكون العسكري وقوى سياسية أبرزها ائتلاف الحرية والتغيير- المجلس المركزي،  وتهدف العملية التي تجري برعاية دولية إلى إنهاء انقلاب 25 أكتوبر 2021، وإعادة الحكم المدني الديمقراطي.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *