صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

الخرطوم.. ما الدستور الذي يتعين على الجيش حمايته؟

توقيع الاتفاق الاطاري- ارشيفية

توقيع الاتفاق الاطاري- ارشيفية

شارك هذه الصفحة

يحاول قادة انقلاب 25 أكتوبر، حثيثا نقض تعهداتهم بإعادة كرة العملية السياسية إلى المرمى مجددا، واختيار تموضعها وتهيئتها ثم ركلها باتجاه مرمى الخصم، ما يفتح الأوضاع في البلاد برمتها على جملة سيناريوهات، من بينها أن يقفز هؤلاء القادة بزانة الانقلاب مرة أخرى، دون تقدير للموقف ما “قبل الخطو” أو بعده، كيف؟

تصريحات الفريق شمس الدين كباشي، الأحد، أمام حشد جماهيري بكادقلي عاصمة جنوب كردفان، لا لبس فيها ولا تحمل من الأوجه إلا ما صدرت من أجله، وهي ثلاثة نقاط: إن القوى السياسية والعسكرية الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري ليست كافية لحل المشكلة السياسية؛ إن القوات المسلحة لن تمضي في الاتفاق الإطاري ما لم تأت قوى أخرى معقولة ومقبولة؛ إن القوات المسلحة لن تحمي دستورا غير متوافق عليه، ما يعني ضمنا إن القوات المسلحة هي التي تحدد وجاهة وقوة الدستور الذي يستحق الحماية.

ولإيضاح الصورة كان كباشي يتحدث عن حد أدنى مع كل القوى لتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي، حتى يكون اتفاق متوافق عليه بدرجة مقبولة من الناس.

كباشي نفسه أكد عدم إمكانية حدوث توافق كامل، ومع ذلك قال “إن المجموعة والقوى السياسية والعسكرية الموجودة في الاتفاق الإطاري ليست كافية لحل المشكلة السياسية.. نقولها صراحة”. وقال نصا: “إن القوات المسلحة خارج العملية السياسية، والصحيح إنها خارج العملية السياسية، وأنها على مسافة واحدة من كافة المبادرات”، ومع ذلك، قال إنها-القوات المسلحة- لن تمضي في الاتفاق الإطاري ما لم تأت “قوى أخرى معقولة ومقبولة”.

كباشي قال أيضا “في النهاية إن الاتفاق الذي يخرج ستكون مسؤولية حمايته عند القوات المسلحة”، ورغم ذلك، قال “إن الجيش لن يحمي دستور غير متوافق عليه وضعه 10 أشخاص فقط”.

تبدو مؤشرات النكوص واضحة في خطاب الفريق كباشي الذي أوضح أن ظروفا دعت القوات المسلحة لتكون جُزءا من العملية السياسية الجارية “ولكنها لن تمضي فيها إذا لم تأت قوى أخرى معقولة ومقبولة”، ما يعني عدم اتفاق المكون العسكري على الدخول –جميعا- إلى التسوية، وبالتالي فهناك ما يعمل على نقض ما تم نسجه، وهو ما قاله كباشي صراحة في كادقلي “لن نمضي في هذا الاتفاق ولن نعول عليه وإذا كان السياسسين يرونه كافيا، فليمضوا فيه”.

وجدت تصريحات كباشي تمهيدا قائد الانقلاب عبد الفتاح البرهان، عندما قال أمام حشد بنهر النيل قبل يومين فقط من خطاب كباشي “إن الجيش لا يريد المضي في الاتفاق الإطاري مع جهة واحدة؛ وأن القوات المسلحة تريد مشاركة الجميع في تنفيذ الاتفاق الإطاري لإدراكها بأنه لن يقبل أحد أن تسوقه فئة معينة دون أن تُشرك الآخرين”.

ذلك، قبل أن يعود– البرهان- مؤكدا في اليوم التالي عدم التنصل عن الاتفاق الإطاري قائلا: “اعتقدوا أننا بصدد التنصل من الاتفاق الإطاري لكن سنمضي فيه وفق رؤيتنا لتوحيد السودانيين، والقوات المسلحة لا تخطط للانقلاب على ما اتفقت عليه”.

تبدو تصريحات الرجلين متناقضة بشأن التعاطي مع العملية السياسية، لكنها بالأساس متناغمة، وتهدف إلى محصلة واحدة، فعندما حل رئيس المخابرات المصري، عباس كامل، حاملا مبادرة مصرية تتقاطع مع مسار العملية السياسية الجارية في الخرطوم بدعم دولي، أعلنت قوى الحرية والتغيير رفضا مغلظا لها، بينما وافق عليها المكون العسكري الذي لم يبدي اعتراضا. 

تدعم تصريحات كباشي المتزامنة من كادقلي بصورة واضحة القوى المجتمعة في إطار المبادرة المصرية بالقاهرة، والتي حملت في توصياتها ذات النقاط التي أكد عليها خطاب كباشي.

في المحصلة هي محاولات حثيثة من قادة انقلاب 25 أكتور لجر العجلة إلى الوراء، وهي محاولات تتزامن مع وصول عدد من المبعوثين الدوليين للخرطوم، غدا الأربعاء، لإظهار دعمهم للانتقال الديمقراطي في السودان وفقا لتأكيد الولايات المتحدة الأمريكية، فهل سيتمكن قادة الانقلاب من إعادة الكرة إلى المرمى وركلها مجددا؟


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *