“لسنا على عجلة من أمرنا. أمامنا العمر باكمله، وسنظل خلفهم جميعا حتى يتحقق التغيير الذي عملنا له، ومات من أجله الشباب”، هكذا ترد تلك الشابة العشرينية على سؤال حول 19 ديسمبر وما تبقى من تطلعاتها.
سلمى تضيف بأن أنصار 19 ديسمبر أكثر مما يعتقد الاعلام والسياسيين والعسكر، واغلبهم لم يتجاوز العقد الثالث من العمر، لذلك لن يختفى أثر الثورة ولن تغيب مطالبهم مهما حدث ومهما واجهت من تحديات.
في ذكرى الثورة، الرابعة، لا تشعر الشابة بخفوت صوت المطالب، ولا بانحسار الحماس تجاه تحقيقها، لأن مطالب الثورة بالنسبة للشباب، هي شروط حصولهم على حياة في هذا البلد، تتحلى بادنى درجات الحياة الكريمة التي يستحقها الناس في أي مكان بالعالم، حتى بالمقارنة من دول مجاورة لها ظروف اقتصادية مشابهة.
الشابة العشرينية تعتقد ان من حقها وحق جيلها، ان لا يعيشون على ذات الطريقة التي فرضت على الاجيال السابقة، ووفق ذات المعطيات التي رسمت مسار لحيواتهم جميعا، منذ الاستقلال، لذلك تضيف :”لو تراجعنا وقبلنا مثلهم بالذي تتيحه التوازنات الراهنة، سنضيع كل شئ”.
أما مجتبى فهو على قناعة بان الثورة حققت نصف اهدافها على الأقل، لأنها نجحت في إسقاط النظام الذي ثارت على ظلمه وفساده وتدميره للبلاد، كما قدمت الفرصة لقوى سياسية جديدة لتولي المسئولية، ومكنت الشباب من الإشتراك في إدارة البلاد لحد ما، “فهم على الاقل فرضوا اجندة التغيير على الجميع بحيث لا يمكن تجاوزها.”
النصف الذي ينتظر إن يتم تحقيقه، وفق الشاب، هو اعادة بناء المؤسسات بشكل صحيح، وإرساء السلام مع ضمان مشاركة من يحملون السلاح في البناء، واصلاح الاقتصاد بحيث يرتاح الشعب السوداني من المعاناة التي ظل يرزح تحتها لعقود طويلة، وإصلاح الأجهزة العسكرية والأمنية.
ويقع في نهاية المطلوبات، التي يشرحها مجتبى، صناعة دستور دائم للسودان وإجراء انتخابات تحسم مسألة تداول السلطة بشكل ديمقراطي، ينهي النزاع حولها.
19 ديسمبر بالنسبة لعادل، وهو عامل حر في منتصف الاربعينات، ذكرى بداية التحرر من نظام الانقاذ البائد وحزبه المؤتمر الوطني المحلول، الذي جثم على صدر الشعب لوقت طويل جدا. كما ان الذكرى تشهد استمرار الثورة من اجل تحقيق اهدافها، والتي أبرزها الانتقال الديمقراطي وخروج العسكريين من المشهد السياسي بشكل نهائي.
من أهداف هذه الثورة التي يجب التوقف عندها، بحسب عادل، تحسين حياة الناس بشكل يحفظ كرامتهم، وهو يتطلب إلتزام الدولة بمسئولياتها في الصحة والتعليم على الأقل، وفي تمويل طلبات الانتاج عبر البنوك، ومكافحة الفساد الذي أغرق تماما كل اجهزتها، والرقابة على الاسواق التي تسيطر عليها احتكارات تمتص دم الشعب دون رحمة.
ويعتقد أيضا أن الأوضاع السائدة لا يمكن أن تستمر، بعد التضحيات التي قدمت في الشوارع من أجل تغييرها، فلا يمكن أن يستمر نهب ذهب البلاد وتذهب عائداته لحسابات مصرفية خارجية، ولا تباع الاراضي للاجانب في غفلة من الشعب، ولا تستمر فوضى حمل السلاح والهجوم على الآمنين بغرض النهب أو الاستيطان.
“هذه الذكرى ليست مناسبة للاحتفال بتفجر الثورة، وإنما مناسبة لاعادة التأكيد على حتمية تحقق أهدافها، مهما طال الزمن”، يقول محمد المحامي الشاب. والذي يشير إلى ان الحراك المستمر في الشوارع لم يتوقف طوال السنوات الاربع الماضية، رغم تشكل الحكومة الانتقالية برئاسة حمدوك ثم الانقلاب عليها، لان الثورة لم يكن هدفها فقط تشكيل حكومة جديدة تكون بديلا لحكومة النظام البائد، بل كان الهدف تغيير كافة الأوضاع في السودان، بحيث تتاح فرصة لبناء دولة جديدة لا تشبه الدولة القديمة.
محمد يضيف أن الثورة كانت على الوضع الذي بلغته الدولة القديمة، بكل تفاصيلها، من أجهزة ومؤسسات وقوانين ونظم متبعة وعلاقات خارجية، والتي اورثت السودانيين الفقر والجوع ودفعت باغلبهم للتفكير في الهجرة بشكل نهائي، ولهذا لا يعتقد ان الثورة يمكن ان تنتهي حتى لو تم تشكيل حكومة ومؤسسات انتقالية جديدة، بل حتى لو فرضت القوى الاقليمية والدولية اجندتها على جميع الأطراف في الساحة السياسية، لأن محصلة هذا الفرض بنظره ستكون واقع اخر مأزوم.