يحدوهم الأمل مقروناً بالعمل، وتحدوهم الأغنيــات مقرونةً بالأمنيات، وضع أطباء السودان، مساء السبت، لبنة أخرى قوية على بناء العمل النقابي الديمقراطي في البلاد، بانتخابهم د. هبة عمر، رئيسا للجنة التمهيدية لنقابتهم، بعد أكثر من ثلاثة عقود من الغياب القسري.
وتعزز الخطوة من دعم قيام النقابات على أساس حرية التنظيم والتنظُم النقابي الديمقراطي والبناء من القواعد والجمعيات العمومية.
ونالت د. هبة عمر، عدد 86 صوتًا، بينما حاز منافسها بروفيسور ولي الدين النور محمد الفكي، 55 صوتًا، فيما امتنع عن التصويت أثنان.
وتبرز انتخابات اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، لأول مرة خلال 33 عام، وحدة غير مسبوقة في صفوف الأطباء الذين وضعوا في عملية اتسمت بالشفافية لبنة أساسية في سبيل تكوين نقابتهم.
وانطلقت عملية الاقتراع بدار الأطباء المطلة على شارع النيل بالخرطوم، لانتخاب رئيس وعضوية اللجنة التمهيدية، بعد يوم من بدء إجراءات العملية الانتخابية التي شملت إجازة الدستور واللائحة الانتخابية.
وجرت العملية بمشاركة مراقبين من المجتمع المدني ونقابات ولجان الصحفيين والمهندسين والمحامين.
كانت نقابة الصحفيين السودانيين، قد سبقت بوضع اللبة الأولى في بناء العمل النقابي الديمقراطي بعد ثورة ديسمبر، ففي يوم 27 أغسطس 2022م شهدت دار المهندس بالخرطوم، بعد مخاض عسير، ميلاد أول نقابة منتخبة للصحفيين، وذلك بعد ثلاثة عقود من الغياب، واختار الصحفيون عبد المنعم أبو إدريس نقيبًا و39 عضواً بمجلس النقابة.
واحتفى أبو إدريس بميلاد نقابة الأطباء بتهنئتهم على انتخاب اللجنة التمهيدية، واعتبرها في تدونة على صفحته بفيس بوك، خطوة مهمة نحو عودة نقابتهم، مؤكدًا أن عودة النقابات عبر الانتخابات يعبد الطريق إلى الديمقراطية.
في ديسمبر الماضي، حل ربيع نقابة الدراميين، التي سارت على خطى التكوين بعد نقابة الصحفيين السودانيين، وعمدت نقابة الدراميين إلى عقد مؤتمر فرعيات النقابة في الولايات بمدينة كادقلي، لتُجيز نظامها الأساسي وتنتخب مكاتب فرعية، ومن ثم توّجت ذلك بانتخاب نقابة تمثل الدراميين في كل السودان بمركز أمدرمان الثقافي، حيث جرى التوافق على قائمة واحدة، على رأسها نقيباً المخرج والممثل الرشيد أحمد عيسى، وميسرة حسن بخيت سكرتيراً عاماً، وحياة الصادق سكرتيراً مالياً.
وتنافس على منصب رئيس اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء د.هبة عمر إبراهيم محمد أحمد، ود. ولي الدين النور محمد الفكي، وجرت الانتخابات بمشاركة الأطباء من كل ولايات السودان.
كما تم انتخاب عضوية المكتب التنفيذي الذي يتكون من 20 عضوا، من بين 52 مرشحا، وضمت قائمة الفائزين: بثينة مأمون (الخرطوم وسط)، رزان الدوري (المراكز الصحية)، فاطمة إلياس (بورتسودان)، معاذ السيد (البحر الأحمر)، عبد الرحمن البشري كور(أم درمان)، رحاب المأمون (الدايات)، محمد إدريس (دارفور)، مرتضى التهامي (الخرطوم)، علي سليمان بيتاي (كسلا)، أحمد عباس (أم درمان)، أيمن الهادي (دنقلا)، رويدا عوض (القضارف)، عطية عبد الله عطية (المنظمات)، وليد عثمان (دارفور)، مواهب يونس (دارفور)، أبوبكر محمد أحمد (دارفور)، أمينة القاش (خصوصيين)، بدر صديق بدر (تجاني الماحي)، خالد الفاتح وحمدان مصطفى (الوزارة).
خلال ندوة بنقابة الصحفيين مطلع الشهر، قالت عضو لجنة انتخابات نقابة الأطباء دكتورة أسماء السني، إن هدفهم الرئيس هو ترسيخ مبادئ وقوانين العمل النقابي من خلال علاقة واضحة مبنية على الثقة، تسهم في استعادة الحركة النقابية، وأشارت إلى أن قضايا الأطباء ليست بمعزل عن قضايا الوطن وأن إصلاح القطاع الصحي والصرف على الصحة وتحسين أوضاع الأطباء أهم التحديات التي يجب أن تعمل النقابة على حلها.
لكن على الرغم من حالة الفرح الجامحة بماراثون البناء النقابي، إلا أن الطريق إلى هذه النقابات لم يكن ممهدًا، فقد دخلت نقابة الصحافيين بعد ميلادها في معركة لا تقل أهمية عن معركة الانتخابات، إثر رفض مسجل تنظيمات العمل قبول إيداع النظام الأساسي للنقابة والمجلس وأعضاء المكتب التنفيذي، وذلك بعد 5 أشهر من تقديم الطلب، ما دفع مجلس النقابة إلى عقد اجتماع طارئ، فوض خلاله المكتب التنفيذي للنقابة لاتخاذ الترتيبات اللازمة لمواجهة القرار.
ويأتي رفض مسجل تنظيمات العمل التسجيل بدعوى مخالفة الخطوة لقانون النقابات للعام 2010م، في وقت تستمد فيه نقابة الصحفيين السودانيين شرعيتها من قواعدها طبقاً لما أسسته الاتفاقية رقم (87) الخاصة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي التي صادق عليها السودان بموجب القانون رقم (1) لسنة 2021 ودخول الاتفاقية حيز التنفيذ منذ مارس 2022 لتسود وتعلو على أي تشريعات تتعارض ونصوص الاتفاقية الدولية.
“لم يكن طريق تكوين نقابة الصحفيين السودانيين، منذ البداية، ممهداً بالورود، بعد أن سعت القوى الشمولية لقطع الطريق بالمال والسلاح والترتيبات الإدارية، إلا أن إرادة ثورة ديسمبر المجيدة في بناء الدولة المدنية الديمقراطية كانت غالبة”، يقول بيان نقابة الصحفيين الشهر الماضي، وهي ذات المعركة التي لا تنتظر نقابة الأطباء فحسب، وإنما كل النقابات التي اختارت السير على طريق البناء النقابي الديمقراطي الحر.