بغياب لافت، مفاجئ لقادة القوات النظامية، أنهت رشة الإصلاح الامني والعسكري، آخر ورش ومؤتمرات المرحلة النهائية للعملية السياسية، أعمالها مساء اليوم الأربعاء بالخرطوم، وأصدرت بيانها الختامي، لكن عدم حضور العسكريين للجلسة الختامية فتح شرفات الأسئلة مجددًا بشأن جديتهم في تسليم السلطة للمدنيين.
ورشة الإصلاح الأمني والعسكري هي آخر قضايا خمسة مكملة لـ“الاتفاق النهائي”، الذي نص عليه اتفاق اطاري وقع بين قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري في الخامس من ديسمبر الماضي، وشملت القضايا بجانب الإصلاح الأمني والعسكري، العدالة والعدالة الانتقالية، السلام، تفكيك نظام 30 يونيو، وقضية شرق السودان.
وتهدف العملية السياسية برمتها إلى توقيع اتفاق نهائي يطوي صفحة انقلاب 25 أكتوبر 2021م الذي نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، واستعادة الحكم المدني الديمقراطي إلى مساره، وهي عملية تشهد مناهضة واسعة من قبل قوى سياسية أبرزها الحزب الشيوعي وبعض لجان المقاومة وقوى الحرية والتغيير-الكتلة الديمقراطية التي هددت باسقاط الحكومة التي تتمخض عن هذه العملية، في حين تجري محاولات حثيثة لضمها إلى الاتفاق.
لدى مخاطبتهما افتتاح الورشة أكد قائدا الانقلاب عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو إلتزامهما بالإصلاح الأمني والعسكري، وصولًا إلى جيش سوداني واحد، وأكد البرهان عدم وقوفهم حجر عثرة في سبيل إصلاح الدولة السودانية.
وقال إن القوات المسلحة ستكون تحت إمرة أي حكومة مدنية منتخبة بأمر الشعب. مضيفًا بأن هذه فرصة مواتية لوضع أسس الإصلاح الأمني والعسكري وكل أجهزة الدولة المختلفة خاصة الأجهزة الشرطية وأجهزة العدالة.
أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ
وعزت مصادر انسحاب ممثلو القوات النظامية المفاجئ من الورشة التي انطلقت الأحد الماضي، بحضور قادة هذه القوات وعلى رأسهم القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو، إلى اعتراضهم إحدى النقاط في التوصيات تتعلق بتواريخ دمج القوات وفي مقدمتها قوات الدعم السريع في الجيش.
ومع ذلك، انعقدت الجلسة الختامية وأصدرت بيان ختامي، تلاه المتحدث الرسمي باسم العملية السياسية، خالد عمر يوسف، في مؤتمر صحفي، موضحًا أن الغرض من الورشة هو تطوير الأسس والمبادئ للتصورات المتفق عليها لعمليات الإصلاح والدمج والتحديث للمؤسسات الأمنية والعسكرية بما يعزز الانتقال الديمقراطي.
وقال إن الورشة ناقشت عمليات الإصلاح بكل أبعادها في الجوانب المتصلة بالقوانين والهياكل والعقيدة العسكرية وتعدد الجيوش والقوات وتنقية القوات النظامية من العمل السياسي الحزبي وعناصر النظام المباد وحزب المؤتمر الوطني المحلول.
وتدارس المؤتمرون 5 أوراق حول التجارب العالمية والمقارنة قدمها خبراء وطنيون ودوليون في الإصلاح الأمني والعسكري، وأشار المتحدث الرسمي للعملية إلى أن اللجان المتخصصة من المدنيين والعسكريين ستواصل النقاشات حول الصياغات الفنية العامة والنهائية للتوصيات التفصيلية لإدراجها في الاتفاق النهائي ونشرها للرأي العام.
ولفت خالد عمر يوسف إلى أن النقاشات في الورشة استندت إلى ورقة المبادئ والأسس لإصلاح القطاع الأمني والعسكري المتفق عليها بالكامل والموقعة بين الأطراف المدنية والعسكرية، في 15 مارس الحالي، مشيرًا إلى أنها وضعت الأساس لحل القضايا الرئيسية من الإصلاح والدمج والتحديث.
لم يبد ممثل الآلية الثلاثية المشتركة التي تضم بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان، والإتحاد الإفريقي ومنظومة الإيقاد، محمد بلعيش، أي قلق إزاء انسحاب القادة العسكريين، وأشار بالمقابل إلى أن القيادة العسكرية أكدت في الجلسة الافتتاحية التزامها الواضح بتأسيس قطاع أمني محترف يخضع للمساءلة أمام المسؤولين المنتخبين.
واعتبر بعليش ختام الورشة إشارة ملموسة لهذا الالتزام بمعالجة موضوع صعب وحساس، وقال “إن مسألة إدماج القوات موضوع شائك في الانتقال لكنه ضروري”.
وأكد أن التزام الأطراف السودانية بخطوات الإصلاح والإدماج للوصول إلى جيش محترف واحد، هو أمر جدير بالتقدير والإعجاب، معلناً دعم الآلية لهذه الخطوات، مشددًا أن الإصلاح الأمني يجب أن يكون عملية وطنية لتحديد الهياكل الأمنية التي يحتاج إليها السودانيون، ويمكن أن يكون شراكة مع المجتمع الدولي، لتمكين السودان من الاستفادة من الخبرات الدولية، مؤكدًا استعداد المجتمع الدولي للمشاركة بالطريقة التي يتفق عليها السودانيون.
ممثل القوى المدنية، رئيس حزب الأمة القومي، فضل الله برمة ناصر، اعتبر لدى مخاطبته الجلسة الختامية أن الأمور على ما يرام، وأن الأوضاع تمضي نحو الأفضل.
ووفقًا للبيان الختامي شارك في الورشة 300 شخص يمثلون القوات النظامية (الجيش، والدعم السريع، والشرطة، وجهاز المخابرات العامة)، بجانب القيادات السياسية من القوى الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري وحركات الكفاح المسلح.
متزامنًا مع وصول العملية السياسية إلى محطتها الأخيرة (ورشة الإصلاح الأمني والعسكري)، الأحد الماضي، أعلن المتحدث باسم العملية خالد عمر يوسف، عن فراغ لجنة صياغة الإتفاق النهائي المنتظر، من إعداد المسودة الأولية للاتفاق، وتم تسليمها للأطراف المدنية والعسكرية المنخرطة في العملية السياسية بصورة رسمية ليبدأ العد التنازلي لتوقيع الإتفاق النهائي.
ووفقًا للجدول الزمني المعلن فإن توقيع الاتفاق السياسي النهائي، سيكون في الأول من أبريل المقبل، على أن يتم توقيع الدستور الإنتقالي في السادس من ذات الشهر، يعقب ذلك، تشكيل الحكومة المدنية في الحادي عشر من أبريل، متزامنا مع ذكرى سقوط النظام المباد.