صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

لماذا يخضع التعليم للتغيرات السياسية؟

شارك هذه الصفحة

لفترات طويلة، ظل التعلبم خاضعا للسلطة، توظفه كيفما تريد، تصمم المناهج لخدمة ايدلوجيتها الفكرية، كل ذلك دفعت ثمنه  أجيال من أبناء الشعب السوداني نتيجة لسياسات الأنظمة المتعاقبة على الحكم في السودان ونظرتهم للعملية التعليمية ككل.

فهل كانت كل الحكومات السابقة في تاريخ السودان تنظر إلى التعليم بنظرة بعيدة عن توظيفه في خدمتها وتطويع المناهج لتثبيت نفسها، وتغرس مناهجها في عقول التلاميذ والطلاب؟ 

وفقا لتجارب فأن التعليم في السودان لم يسلم من تغلبات الوضع السياسي، من انقلاب إلى ديمقراطية إلى انقلاب آخر، إلا أن حكومة المؤتمر الوطني المحلول، رسخت وعمقت مفهوم الطبقية في التعليم، مما يدعوا لضرورة الحديث عن سياسات التعليم من خلال نظرة شاملة للتعليم، ومنذ الاستقلال 56 حيث كان التلعيم يقوم على مشروع ممنهج، الغرض منه القعود بالتعليم حتى لا يكون أداة من أدوات التغيير ورافعة من روافع الوعي الذي ينشده السودانيين بعد خروج المستعمر، وغابت نظرة التأسيس لنهضة تعليمية ترسخ لمبدأ بناء السودان الجديد الذي يتعلم فيه الجميع دون تمييز.

الأسير لا ينتج حرية

وتقول مدير إدارة التعليم الخاص، أساس، بولاية الخرطوم سابقا، درية محمد بابكر، إن التعليم  ظل أسيرا وخاضعا للتغيرات السياسية والأنظمة المتعاقبة على الحكم، فكل نظام يحكم يأتي بأيدلوجيته وبرنامجه وسياساته وفلسفته ليفرضها دون مراعاة لرغبات غالبية الشعب، لذلك ظللنا نعاني من التدهور المطرد على مر السنوات.

وتضيف: عندما جاءت ثورة ديسمبر المجيدة، كان من أولوياتنا في لجنة المعلمين السودانيين، باعتبارنا حاضنة تربوية مستقلة، أن نقدم مشروعنا في التعليم إلى وزير التربية التعليم، بروفيسور محمد الأمين التوم، بإعادة النظر في المنظومة التعليمة ككل، من معلم ومتعلم وأهداف ومناهج وبيئة تعليمية… إلخ، وكذلك مراجعة القوانين الخاصة بالتعليم وإصلاحها والهيكلة والخطط “بهدف ضمان نجاح العملية التعليمة وخروجها من هذه الدائرة الشريرة منذ الاستقلال” وحتى تقوم الدولة بواجبها تجاه التعليم بالصرف عليه وزيادة ميزانيته في الموازنة العامة للدولة. 

خصخصة ما لايخصخص

وتعتبر أن عملية تحويل النظام التعليمي من نموذجي إلى جغرافي جاء لمحاربة بدعة ابتدعتها الإنقاذ في سعيها الدؤوب لخصخصة التعليم، فالطبيعي أن تكون المدارس جغرافية تستوعب كل الناجحين، ولكن تم ابتداع هذه المدارس للتربح والتكسب، بالإضافة إلى المظهر الطبقي لهذه المدارس وفتح فصول خاصة داخل المدارس الحكومية.

وحتى الآن هذه المدارس تفرض رسوما باهظة جدا فوق طاقة أولياء الأمور، مع ملاحظة أن وزارة التربية والتعليم، في عهد الثورة، قامت بإلغاء هذه المدارس؛ حيث أصبحت جميع المدارس جغرافية، ويتم التوزيع حسب سكن الطلاب، وفي ذلك تقليل أيضا لتكلفة الترحيل على الأسر التي تعاني بسبب الضائقة الاقتصادية، ولكن، للأسف، الآن رجع الحال كما كان عليه في السابق.

تمييز المعلمين

وترى درية أن المدارس النموذجية أصبحت وسيلة لمن ترضى عنهم الوزارة، ويحرم منها بقية المعلمين والمعلمات، كما أنها يُوفر لها فريق العمل الكامل والكتاب والإجلاس، بينما يتم إهمال المدارس الجغرافية، مما يؤثر سالبا على المعلمين والطلاب وحتى أولياء الأمور، بالإضافة إلى شعورهم بالتمييز السالب ضدهم، “وفي هذا أثر نفسي بليغ جدا”.

وتعتقد أن التغييرات السياسية تلعب دورا في هذا الجانب؛ فالآن تم إقصاء جميع المعلمين الذين أتت بهم الثورة، وإعفاءهم من مناصبهم، وهذا يكشف، بجلاء، أن التغيرات السياسة هي المتحكمة في العملية التعليمية، وهذا يقعد بالعملية التعليمية ويجعلها غير ذات جدوى.

هل يعبر عن فئات المجتمع؟

يجب أن يكون التعليم قضية قومية وليس له علاقة بالتغييرات السياسية، يتداعى له كل المجتمع، وأن يشارك أصحاب المصلحة في تأسيس تعليم ديمقراطي.

 أسس الأستاذ سامي الباقر للحديث عن أهمية ديمقراطية التعليم وضرورة مشاركة الجميع كضرورة لمنع أن يكون التعليم مرهونا بالأمزجة السياسية التي لا يستثنى منها أحدا فكل من أتت به السلطة يريد تجيير التعليم لصالحه. وأكد أن ايدلوجيا الإسلام السياسي ترى أن الترويج لأفكارهم لايتم إلا من خلال التعليم، وهو ماحدث من أدلجة للمناهج والعملية التعليمية  طيلة ٣٠ عاما، وأكد ضرورة أن يقوم التعليم على ثوابت المجتمع. 

سيطرة على المعلمين سياسيا

واعتبر المدير التنفيذي السابق لوزارة التربية والتعليم، سامي الباقر، عودة المدراس النموذجية وإلغاء التوزيع الجغرافي له عدة أسباب، أبرزها السيطرة على المعلمين من خلال الإغراءات المادية والتخويف والترهيب، بالإضافة إلى ذلك فأن عودة التوزيع النموذجي يعيد منهج الطبقية في التعليم، وهذا يساعد الدولة في التنصل من مسؤولياتها.

ولفت الباقر إلى أن المدارس النموذجية نموذج لتغبييش الوعي وذر للرماد على العيون؛ فالتعليم ليس طبقة ايدلويجة محددة تعكس انجازات بعض المدارس وتتجاوز آلاف المدارس التي تعاني بفضل تنصل الدولة عن واجبها .وشدد على ضرورة قيام مؤتمر شامل لأصحاب المصلحة، من القرى إلى المدن، يقول فيه الناس كيف يريدون التعليم وتترجم مخرجاته إلى منهج ثابت.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *