صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

العملية السياسية في وثبتها الثانية، كيف يبدو “المَيْس”؟

مؤتمر ازالة التمكين- ارشيفية

مؤتمر ازالة التمكين- ارشيفية

شارك هذه الصفحة

بعد اسبوعين، على “مؤتمر خارطة طريق تجديد عملية تفكيك نظام الـ30 من يونيو”،  تنطلق بقاعة الصداقة بالخرطوم، مساء اليوم الثلاثاء 31 يناير، فعاليات “مؤتمر اتفاق جوبا لسلام السودان واستكمال السلام”، ضمن المرحلة النهائية للعملية السياسية وسيستمر حتى الجمعة الموافق 3 فبراير، وهي خطوة ينتظرها داعمي الاتفاق الاطاري الموقع بين قوى ائتلاف الحرية والتغيير والمكون العسكري، بنفاد صبر، فيما يعتبرها مناهضو الاتفاق الاطاري مجرد تسوية تسوية ستبقي انقلابيي 25 اكتوبر 2021م على سدة السبطة.

ابقى الاتفاق السياسي الاطاري، الموقع في الخامس من ديسمبر الماضي، خمس قضايا جوهرية تحت بند “قضايا الاتفاق النهائي”، على ان يتم تطوير الاتفاق الاطاري بمشاركة جماهيرية واسعة من اصحاب المصلحة والقوى الموقعة على الاعلان السياسي وقوى الثورة لتخرج الرؤية النهائية بشأنها وهي العدالة والعدالة الانتقالية، الاصلاح الامني والعسكري،  اتفاق جوبا لسلام السودان وإكمال السلام، تفكيك نظام 30 يونيو، وقضية شرق السودان.

مؤتمر “خارطة طريق تجديد عملية تفكيك نظام الـ30 يونيو الذي انطلق في الثامن من يناير الماضي، واستمرت أعماله لاربعة ايام  بقاعة الصداقة بالخرطوم، ومثل ضربة البداية لفعاليات المرحلة النهائية للعملية السياسية في السودان، انتهى الى عودة لجنة ازالة تمكين نظام الـ30 من يونيو واسترداد الأموال العامة، ولكن وفق إستراتيجية جديدة وهيكل جديد وأسس قانونية وبكفاءات وطنية مؤهلة، وفق مبادئ سيادة حكم القانون والشفافية والعدالة.  

وخلص المؤتمرون الى التمسك بإستمرار عمل تفكيك نظام الـ30 من يونيو واسترداد الاموال المستولى عليها بوسائل غير مشروعة، مع ضرورة تثبيت أسس ومبادئ عملية التفكيك وفق المعايير الدولية وسيادة حكم القانون، مع الدعم السياسي من القوى السياسية والمدنية وفق ميثاق وطني لتفكيك التمكين بكل أبعاده الفكرية والسياسية والإجتماعية والثقافية ووضع الضمانات الكفيلة كاطار داعم ومناصر من أجل بناء دولة ديمقراطية عادلة تضمن كرامة كل أبنائها وبناتها وضرورة تقوية دور الاعلام في التفكيك وتشجيع العمل الصحفي الإستقصائي.

فولكر وايس وبلعيش

ومع استعجال اطراف الاتفاق الاطاري الذي جرى تحت اشراف ورعاية دولية واسعة شملت الآلية الثلاثية لثلاثية المشتركة التي تضم بعثة الامم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان “يونتاميس” والاتحاد الافريقي بجانب الهيئة الحكومة للتنمية “الايقاد”، والرباعية الدولية المؤتلفة من الولايات المتحدة وبريطانيا والمملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة، على ضرورة التعجل واعلان بعض قادة الحرية والتغيير عن اعلان الحكومة المدنية في اقل من شهر، الا قطار المرحلة النهائية من العملية السياسية، لا يبدو انه يسير على هدى في طريق ممهد، فها هي المحطة الثانية من جملة خمس محطات لازمة تحين بعد اسبوعين على انطلاق  القطار، في وقت يتسارع تدفق المياه تحت مختلف جسور القضية السودانية المتشعبة.

وفقا لتصريح من سكرتارية “المرحلة النهائية للعملية السياسية”، سيناقش  “مؤتمر اتفاق جوبا لسلام السودان واستكمال السلام”،  عدد من اوراق العمل حول قضايا السلام وينخرط فيه المشاركون والمشاركات في مجموعات عمل تناقش محاور المؤتمر للوصول لتوصيات تدعم اتفاقية السلام.

المؤتمر الذي سيناقش قضية السلام، لاسيما اتفاق جوبا لسلام السودان، الموقع في الثالث من اكتوبر 2020م، بين الحكومة الانتقالية السابقة بقيادة عبد الله حمدوك وحركات الكفاح المسلح المنضوية تحت لواء الجبهة الثورية، تقاطعه عدد من ذات الحركات التي مهرت اتفاق جوبا بتوقيعاتها، وتنخرط قواتها في تطبيق بند الترتيبات الامنية، على رأسها حركتي العدل والمساواة، بقيادة جبريل ابراهيم وتحرير السودان التي يرأسها حاكم اقليم دارفور مني اركو مناوي، بحجة ان المؤتمر المعني يلتئم بناء على مخرجات الاتفاق الإطاري الذي ترفضه هذه الحركات  من الاساس.

على الرغم من توسيع دائرة الدعوات من قبل القائمين، على امر مؤتمر السلام، من قوى دولية والحرية والتغيير لتشمل بجانب القوى الموقعة على الاتفاق الاطاري والقوى الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، النازحين واللاجئين وتنظيمات النساء والشباب ولجان المقاومة والرعاة والرحل والمزارعين والادارات الأهلية، الا ان مقاطعة بعض الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام سيخلق تحدٍ حقيق امام نجاح المؤتمر، بحساب ان اكثر من نصف المدعويين هم بالاساس هم من مناطق نفوذ هذه الحركات ومن انصارها او مناصريها.

 هذا التحدي يظل قائما على الرغم من تذكير مبعوثو الاتحاد الأفريقي والإيقاد والأمم المتحدة عشية انطلاق المؤتمر بأن الهدف منه هو التركيز على تنفيذ اتفاقية السلام وتحديد سُبُل تطبيقها بشكل افضل، ورغما عن تاكيد قوى الحرية والتغيير ان المؤتمر لن يناقش تعديل الاتفاقية او مراجعتها.

مناوي وجبريل

ومع بروز كثير من التحديات والتعقيدات يحاول ممثلو المجتمع الدولي دوما حث الجميع للمضي قدما في انجاح العملية السياسية، ففي مقال مشترك قال محمد بلعيش، سفير الاتحاد الافريقي، وفولكر بيرتس، ممثل الامم المتحدة الخاص للامين العام للسودان، واسماعيل وايس، المبعوث الخاص للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (الايقاد)، قالوا “إن موقف الرفض القاطع الذي تتخذه بعض القوى الثورية في السودان ضد الاتفاق الاطاري يجب ان يدفع القوى المؤيدة للديمقراطية للعمل بجهد اكبر لاشراك هذه الاصوات المُشككة وضمان مشاركتهم في تطوير اتفاق على اساس توافقي لتجاوز هذه التحفظات”.   

وبالنسبة لهؤلاء الثلاثة فان العملية السياسية دخلت مرحلة جديدة وحاسمة بعد توقيع الاتفاق السياسي الاطاري، وقد نجحت المرحلة الأولى -بفضل الجهود السودانية المقتدرة- في التاسيس لعملية حوار سلمي يعلو فيه صوت المنطق ويخفُت فيه صوت العنف بهدف التوصل لحلٍّ سياسي يصنعهُ السودانيون، حل ينهي انقلاب 25 اكتوبر 2021 بشكلٍ فعّال ويضمن العودة لمرحلة انتقالية يقودها المدنيون نحو السلام والديمقراطية في السودان..فهل سيكون ذلك ممكنا بناء على الوقائع الجارية؟


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *