صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

قيادة موحدة ومعلنة من كل الأطراف لقيادة الثورة وانتزاع السلطة (٤)

شارك هذه الصفحة

تنسيقيات لجان المقاومة وتحالفاتها هو التنظيم الموحد الذي يقود الشارع طوال أربع سنوات في ثورة مستمرة. هذا التكوين، رغم امتداده الكبير، لم يتبلور في قيادة معلنة تقوم بقيادة الثورة وفي انتقالها لقيادة الدولة. ترك هذا فراغا في الفضاء السياسي ملئته أطراف عديدة، تبلورت في الأسابيع الماضية في قوى الاتفاق الإطاري وغيرها. (المقال رقم ٢).

طوال تاريخها قامت حكومة انقلاب الإنقاذ بالتخلص من العناصر الشريفة والوطنية بطرق مختلفة، مخلفة ورائها أكثر من نصف مليون مفصول، من أكثر العناصر كفاءة ونبلاً، الذين كانت لهم مواقف صلبة ضد انقلاب الإنقاذ وفكرها الإقصائي الظلامي بداية، ومن ثم فسادها ولصوصيتها واستبدادها انتهاء.

لم تكن رحلة المفصولين، أحياء وأمواتا، نزهة، لكنهم دفعوا أثمانها الغالية من حياتهم وحياة أسرهم وتشردهم في أنحاء العالم غصبا على الاغتراب والهجرة والأوطان البديلة. هؤلاء كانوا من كل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي والاقتصادي والإنساني. وشكلوا منظماتهم المختلفة للدفاع عن حقوقهم، منقسمين أحيانا ومتحدين في أخرى.

بعد خذلانهم من حكومة عبد الله حمدوك بعجزها عن إصدار قرار سياسي بإعادة المفصولين من الخدمة المدنية والشرطية والقوات المسلحة إلى الخدمة، واعتبار القرار كأن لم يكن، تكونت اللجنة المشتركة للمفصولين من الخدمة العامة، واستطاعت تجميع شتات التنظيمات المختلفة ووحدتهم؛ لأنها قامت على أسس “الاستقلالية والقومية”، ونظمت أكبر موكب حول المطالبة بحقوقها، وصاغت مذكرة ضافية كانت الأولى في تاريخها لطي صفحة المفصولين نهائيا.

جعلتها هذه التحركات المعبر عن كافة جموع المفصولين، وبدأت في صناعة دورها الوطني السياسي. وعقب انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ طرحت استعدادها لتولي قيادة الثورة والدولة بما لها من خبرات وكفاءات في كل المجالات وصلابة نضالية مجربة ورجال دولة.

تمت اتفاقات أولية مع الميثاق الثوري لسلطة الشعب باعتبارها أغلبية ولايات السودان. ومن ثم طرحت اللجنة المشتركة وجهة نظرها في حل تاريخي، ضمن إطار المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب (يتم تعديلها للعفو القانوني القضائي المشروط- مقال رقم ٣) وعودة القوات النظامية لثكناتها ودورها الطبيعي، وطرحت برنامجها التنفيذي الشامل حول السلام وهيكلة وإصلاح وتحديث القوات النظامية والوضع المعيشي والمؤسسية وغيرها (٣٥ صفحة) وهو البرنامج الوحيد الشامل المطروح في الساحة حتى الآن.

انتهى هذا الدور بتوقيع لممثلي قطاعات المفصولين الثلاثة على تحالف التغيير الجذري وتخليهم عن دورهم المستقل القومي (استقلت من اللجنة المشتركة وكافة المنظمات في نفس يوم التوقيع وطرحت رأيي في العديد من المقالات)، وهكذا تعطل دور اللجنة المشتركة، وترافق هذا مع انشقاقات وتراوحات في داخل لجان المقاومة لم تمكنها من الاتفاق على قيادة للثورة ومن ثم الدولة.

لقد أودت الاستقطابات بتوحد قوى الثورة، وتوزعت بين مشروعين، تتفق بشكل عام حول الأهداف، لكن تختلف في تكتيكات التنفيذ، وهو ما أثر على مشروع الميثاق الموحد وعدم إمكانية وجود قيادة تقود الثورة وترص الصفوف من القواعد الشعبية، لجانا وأحزابا ومنظمات وسائر الشعب السوداني.

لايجدي البكاء على اللبن المسكوب!

أردت، طوال العامين الماضيين، أن تقدم لجان المقاومة قيادتها، ودافعت بشدة أن تضع الميثاق حسب وجهة نظرها ليتم مناقشته. هذا لم يتم؛ فقد ظلت حركة موحدة ميدانيا من كل التنسيقيات لكنها قاصرة عن قيادة الثورة سياسيا، وعن تقديم قيادة لانتزاع السلطة وإدارة الدولة.

إنني أدعو اللجنة المشتركة للتقدم لقيادة الثورة وإدارة الدولة عبر تحالف وطني كبير من كافة تنسيقيات لجان المقاومة المعتمدة ومنظمات المجتمع المدني الثورية، لكن بشروط جديدة:

أولا: أن تسحب المنظمات المطلبية للمفصولين (اللجنة القومية للمفصولين، مفصولي الشرطة الغد ولجنة مفصولي القوات المسلحة) والتي وقعت على تحالف التغيير الجذري توقيعها لتعود كيانا مستقل القرار وقومي التوجه؛

ثانيا: لقد حدث شرخ كبير وسط هذه التنظيمات وتفرق المفصولون لمنظمات ولجان مختلفة ومتعددة حسب موقفهم من تحالف التغيير الجذري لأنها لاتعبر عنهم. عليه فإن اللجنة المشتركة الجديدة ستضم ممثلي لكافة التنظيمات المعبرة عن التوجهات الفكرية والسياسية وسط المفصولين في القوى المدنية والشرطة والقوات المسلحة؛

ثالثا: يتم توحيد الرؤى بين اللجنة المشتركة وتنسيقيات لجان المقاومة في الوطن (٣٤ تنسيقية من الولايات والعاصمة) ومنظمات المجتمع المدني وممثلي تنسيقيات النازحين والحركات المسلحة حول:

(١) الإعلان السياسي (إعلان مبادئ عامة) الذي طرح من اللجنة المشتركة كأساس للمناقشات، ويطور عبر المجلس التشريعي الانتقالي فيما بعد لميثاق ثورة ديسمبر: إعادة تأسيس الدولة السودانية وبناء سلطة الشعب؛

(٢) الحل التاريخي ضمن إطار المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب (العفو القانوني القضائي المشروط- مقال رقم ٣)، وعودة القوات النظامية لثكناتها ودورها الطبيعي كمؤسسات ضمن إطار الدولة المدنية الديمقراطية؛

(٣) مراجعة وتطوير البرنامج التنفيذي الذي طرحته اللجنة المشتركة على أساس الإعلان السياسي المتفق عليه؛

(٤) يتم نقاش هذه الوثائق والخروج بقيادة موحدة ومعلنة من كل الأطراف لقيادة الثورة وانتزاع السلطة وإدارة الدولة. والاتفاق على أن يكون تمثيل تنسيقيات لجان المقاومة بخمسين في المائة في المجلس التشريعي.

هذه القيادة عليها أن تقدم برنامجها للشعب السوداني للالتفاف حولها ومخاطبة القوى المؤيدة للثورة في الأجهزة النظامية بتأييد القيادة ووضع برنامج معلن لكافة تكتيكات انتزاع السلطة وتقود المناقشات مع القوى المختلفة المنخرطة في مشاريع متعددة ودعوتها للمشاركة، ومن ثم تقديم نفسها للقوى الخارجية.

سوف يحاسب التاريخ كل المنظمات الثورية والمفصولين ولجان المقاومة والشعب المناضل إذا تقاعسنا عن التقدم لتقديم البديل التاريخي وتحمل المسؤولية في إيقاف كل العبث والتخريب الذي ينسف سيادة الدولة ويبعثر وحدة الوطن ويعرض تطلعات الشعب للضياع.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *