صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

رحيل شاعر الحزن النبيل يُلهب عاطفة المدينة

صلاح حاج سعيد. تصوير: عصام عبد الحفيظ
شارك هذه الصفحة

رحل فجر اليوم، شاعر الأغنية السودانية، صلاح حاج سعيد، عن عمر يناهز الـ(75) عاماً، إثر علة صحية بمستشفى الجودة بمدينة الخرطوم، وشيعته جموع من محبيه إلى مقابر فاروق نهار اليوم.

مثَّل سعيد – بحسب مهتمين بمسيرة الأغنية السودانية – حجر زاوية، مع آخرين، في التحول الشعري من حسيات ووصفيات أغاني الحقيبة، إلى التعبير عن الحُبِّ في المدينة السودانية الحديثة، في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي، فتغنَّى له الفنان الراحل مصطفى سيد أحمد بقصائده الأشهر (الحزن النبيل) و(قمر الزمان) و(الشجن الأليم) و(كان نفسي أقول لك من زمان)؛ ومن قبل تغنى له الفنان الطيب عبد الله (لقيته واقف منتظر).

إضافة إلى  ثنائيته مع الراحل مصطفى سيد أحمد فقد تغنى له عدد من الفنانين السودانيين: حسين شندي، البلابل، محمد ميرغني.

وُلد سعيد في أربعينيات القرن العشرين، بمدينة الخرطوم، ودرس فيها الابتدائية والوسطى ثم كلية الحقوق بجامعة القاهرة الفرع.

يقول الشاعر بابكر الوسيلة لـ”الحداثة” إن صلاح حاج سعيد، طوال تجربته الغنائية، ظل يغذي روح الشعب ويعبر عن عاطفته، فرحاً وحزناً، تلك العاطفة النابعة من عمق المدينة السودانية المعاصرة، بحكم أنه ابن بيئة حي الخرطوم 3 العتيق. ويضيف: “أضاف سعيد مفردة جديدة على الأغنية السودانية، تركت أثراً اقتفاه من بعده شعراء الأغنية الرصينة كعمر الطيب الدوش وغيره”.

مثل سعيد ومصطفى سيد أحمد ثنائية عبَّرَتْ عن الأغنية السودانية في مرحلة من مراحلها الحديثة، وانسجم صوت المغني الحزين مع عواطف شاعر رومانتيكيات المدينة.

الشاعر والناقد والأكاديمي د.أسامة تاج السر، يعد سعيد أحد أبرز الشعراء في مشهد الكتابة للغناء السوداني، فبالمقارنة مع أهم أصوات الشعر الغنائي – مستشهداً بالتيجاني الحاج موسى وإسحق الحلنقي – فإن صلاح قد حافظ على رصانة إنتاجه، ويضيف: “في زمان كانت فيه الأيديولوجيا ملهمة، لم يعتمد صلاح على اتجاه أيديولوجي – مثلاً – لكي يبرز صوته، لكن ما قدمه هو صوته الشعري المعاصر لحركة تجديد الغناء، وربما هذا ما جعله منسجماً مع تجربة فريدة كتجربة مصطفى سيد أحمد الغنائية”.

ويضيف أسامة: “شرُفت قبل أعوام خلت بمراجعة ديوانه، الأعمال الكاملة، لهيئة الخرطوم للطباعة والنشر، وأتمنى أن يكون قد رأى النور، فهو كنز من الجمال”.

يسرد الشاعر هاشم عباس الجبلابي، كيف أثر صلاح حاج سعيد على جيلهم في الكتابة الشعرية عندما التقى بهم بمنتدى المصنفات الأدبية بأمدرمان: “كان يقف خلف سياج مبنى المصنفات الأدبية والفنية، يُراقب ويسترق السمع باهتمام لما يدور داخل تلك الحديقة الجميلة المكتظة بمجموعة من الشباب والشابات، وهم يتناوبون على منصة منتدى المصنفات الأدبية والفنية، ورويداً رويداً بدأ يقترب منّا ويجلس بيننا.. يا إلهي إنه الشاعر القامة صلاح حاج سعيد”!

ويضيف هاشم في حديثه لـ”الحداثة”، أن صلاح شكّل مدرسة شعرية كان لها الأثر العميق في كتابات العديد من الشعراء من أبناء جيلهم، كطفرة في كتابة السهل الممتنع من شعر الدارجة، من خلال التلاعب باللفظ وتطويعه وتصريفه بالشكل الذي يليق ببنيان النص وإيصال فكرته بشكل مختلف وسياق مشوّق.

ويقول: “كنا نتلقَّف بحُبٍّ ونستشعر في كتاباتنا سريان هذا النمط في أفكارنا الشعرية، وحقيقة ما كان لهذا أن يتأتّى إلا بعد انتشار أغنيات الراحل مصطفى سيد أحمد، التي كانت تتميز بهذ النمط من الشعر، وكان لصلاح حاج سعيد القدح المعلّي في أغنياته”.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *