صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

عن ملابسات غياب وإياب المرشد ولقاء الحسن الميرغني والبرهان

مولانا محمد عثمان الميرغني
شارك هذه الصفحة

عاد مرشد الطريقة الختمية، مولانا محمد عثمان الميرغني إلى الخرطوم، في توقيت مناسب سياسيا، أو ربما غير مناسب، لكن الزعيم الذي يبلغ من العمر (85) سنة عاد بعد غياب لعقد من الزمان قضاه في القاهرة، لم يبارحها إلا في زيارة قصيرة لدولة الإمارات، كانت العام الماضي.

فطوال العقود الثلاثة الماضية استقر الميرغني في بلده لخمسة أعوام فقط، هي الأعوام ما بين 2008- 2013. ففي العام (2013)، وفي ذروة الانتفاضة الشعبية “هبة سبتمبر” كان الميرغني يغادر بلده تاركا خلفه الدماء والأشلاء وقمع سلطة الإنقاذ البائدة للمتظاهرين (خلفت الهبة أكثر من 200 شهيد)، وفسرت مغادرته سياسيا بأنها كانت نوعا من الاحتجاج على تلك المقتلة.

أسئلة كثيرة تنتظر عودة الميرغني، والإجابة عليها ستوضيح موقفه شبه الواضح من قضية الحرية والديمقراطية، ومن الثورة ككل. صحيح هناك الآلاف ممن استقبلوه في مطار العاصمة الخرطوم، لكنهم لم يحظوا أبدا بالتلويحة المحببة للميرغني، فخروجه من باب جانبي، بعكس ما كان يتوق لمعانقته الآلاف، انتفت به أسباب العودة الطبيعية لمرشد الغياب والإياب، ربما لم تسمح ظروفه الصحية، وقد يجد المريدون لشيخهم تبريرا للمغادرة الإجبارية، لكن ثمة ملابسات غامضة لفت عودته من قبل وصوله بأيام، وأثناء ساعات ترجله من الطائرة المصرية الخاصة التي أقلته من مقر إقامته بالقاهرة. وفي المساء اكتفى الميرغني بكلمات مقتضبة زادت من غموض العودة المنتظرة، وظللت مزيد من الغيوم على الضباب العالق في البيت الميرغني والحزب والطريقة.

“كان واضحا أن هناك من يحاول تجيير زيارة الميرغني لصالح صفه السياسي”! بتلك الجمل القصيرة يجيب نائب رئيس قطاع التنظيم بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل أسامة حسونة على سؤالنا حول ما اكتنف عودة الميرغني من غموض. بصورة أوضح يتبنى ذلك الخط (تجمع التوافق الوطني) الذي تمثله الحركات المسلحة، حليفة المكون العسكري، وإن شئت الدقة قل حلفاء رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، فيما يقاتل ابنه الأكبر وخليفته المرتقب على الطريقة والحزب، السيد الحسن الميرغني، لضم والده لصف ثوري بدأه بالتوقيع على (الإعلان السياسي) الذي ستولد منه التسوية المرتقبة، وإعلان انحيازه لتحالف قوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي”، لكن حسونة يعود مرة أخرى في إفادته لـ(الحداثة) للتأكيد بأن مولانا محمد عثمان الميرغني متمسك بالتحول الديمقراطي، ويسعى إلى التوافق بين السودانيين، وأنه أول من سعى للم شمل السودانيين وتوافقهم، ويمضي حسونة للقول “إن التاريخ النبيل من المهاجر والنضال في صفوف (التجمع الوطني الديمقراطي 1994- 2006) وتوقيعه لاتفاق سلام مشهود، لا يمكن أن يلتبس على من يريدون موقفا مغايرا لمولانا الميرغني.

وبعودة لأحداث الأمس “الاثنين” فإن الحزب الاتحادي الديمقراطي “الأصل” الذي يترأسه مولانا نفسه، استصدر بيانا عقب الاحداث التي شهدها مطار الخرطوم من منع نجل الميرغني “السيد الحسن” من استقبال والده، إلى اقتياده إلى منزل بالقيادة العامة، رجحت المصادر أن يكون محاولة للقاء رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وحيث لم ترشح أي انباء أخرى عن لقاء بين الحسن والبرهان، إلا أن مقربين من الحسن قالوا إنه رفض أي لقاء خارج مظلة الإعلان السياسي الذي وقع عليه مع قوى الحرية والتغيير، وهي نقطة ربما تعزز مكانة الحسن المؤسسية داخل التحالف الذي يرنو لتحقيق أكبر قدر من الإلتقاء السياسي تحت سقف الحرية والديمقراطية وتحقيق أهداف ثورة ديسمبر.

بعد إنجلاء معركة الاستقبال فإن الأيام المقبلة ستشهد مفاصلة الشرعية الحزبية داخل فناء الحزب الاتحادي الديمقراطي، وربما الطريقة الختمية نفسها، فبينما يعتمد نجل الميرغني “جعفر الصادق” على تفويض متلفز من والده بثه قبل وصوله للبلاد بأيام للقيام بأعباء الحزب، وبدأ يتحرك في تجريف الملعب باستصدار قرارات بالفصل لعدد من قيادات الاتحاديين، وتلويح بمحاسبة شقيقه الحسن الميرغني بتجاوز الحزب والتوقيع على الإعلان السياسي لقوى الحرية والتغيير، يعتمد الحسن بكونه الابن الأكبر لزعيم الحزب والطائفة الختمية، وبرصيد وافر من المواقف السابقة حتى إبان مشاركته سلطة الإنقاذ المخلوعة، فضلا عن ضمه لمعظم البيت الختمي والميرغني وعلى رأسهم إبراهيم الميرغني الذي يحظى بتأييد هو الأوسع في الدوائر التقليدية للحزب بشرق السودان، ويعود نائب رئيس القطاع التنظيمي بالأصل “أسامة حسونة” للتأكيد بأن الشرعية التنظيمية للحزب واحدة فقط، وهي اللجنة السياسية التي جاء تكوينها بعد حل هياكل الحزب التنظيمية من قبل رئيس الحزب وعين عليها نجله السيد الحسن ومنحه تفويض رئاسة القطاع التنظيمي ونائب رئيس الحزب في العام (2013)، والتي أشار حسونة إلى أنها عملت على الشروع في تكوين المؤتمرات القاعدية وصولا إلى المؤتمر العام.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *