توقع ممثل الأجسام الطلابية في جامعة الخرطوم، محمد عادل، ازدياد أعداد الطلاب المهاجرين من الجامعات السودانية إلى الجامعات الأجنبية بسبب رسومها الدراسية الزهيدة وتوفر الاستقرار الأكاديمي، مشيرا إلى لجوء 22 ألف طالب إلى الجامعات المصرية فقط بعضهم من جامعة الخرطوم.
وانتقد عادل قرار إدارة جامعة الخرطوم القاضي برفع الرسوم الدراسية من 65 ألف جنيه في العام الماضي، إلى 550 ألف جنيه هذا العام، دون مراعاة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للطلاب وأسرهم.
وأوضح عادل، في ندوة حول ضعف تمويل التعليم العالي وأثره على الرسوم، تزايد أعداد الطلاب المعسرين في كليات الجامعة هذا العام، حيث بلغوا في كلية الطب 700 طالب والآداب 440 طالب، مشككا في إمكانية معالجة أوضاعهم من جهات خدمية كانت تتولى سابقا هذه الملفات في ظل الرسوم الجديدة.
وأشار إلى أن الزيادات تتزامن مع ترد كبير في بيئة أكثر من 186 سكن داخلي للطلاب تنتشر عبر 14 ولاية، بجانب توقف الدعم الاجتماعي الذي يقدم للطلاب رغم قلته من صندوق دعم الطلاب، وأعرب عن تخوفه من تأثير هذه الأوضاع التي تكتنف العملية التعليمية في الجامعات، على استمرارها، في ظل مؤشرات مقلقة تتصل بالتعليم العام، من بينها حرمان 43٪ من الأطفال في سن المدرسة من التعليم، وارتفاع نسب البطالة لدى الشباب إلى 50٪ في آخر إحصائية رسمية، بجانب اعتراف رسمي ببلوغ نسبة الفقر في العام 2021 نحو 65٪.
وشكا عادل من معاناة الطلاب وأسرهم اليومية من المصروفات اليومية، التي تتراوح بين 2500 و3000 جنيها، بإجمالي 60 و100 ألف جنيها للطالب الواحد فقط شهريا، وتساءل: “ماذا تفعل الأسر التي لديها أكثر من طالب في الجامعات أو التعليم العام”؟
وقال عادل إن خلاف الطلاب الأساسي مع إدارة الجامعة ووزارة التعليم العالي، هو حول طبيعة الرسوم المفروضة وهدفها، فهل هي مساهمة من الطلاب في تسيير الجامعة، أم هي للإيفاء بكامل تكلفة التشغيل؟ مشددا على أن الدولة يجب أن تصرف على التعليم الحكومي، وأن تكون الرسوم المفروضة على الطلاب رمزية.
ورأى أن الخطة التنموية الشاملة التي تضع التعليم في المقدمة لازالت غائبة، في ظل تساؤلات حول مستوى مهارات ومقدرات الخريج الجامعي نفسه، وما توفر له في إطار جودة التعليم.
والأسبوع الماضي، أغلق طلاب من جامعة الخرطوم الطرق المؤدية إلى الجامعة احتجاجا على زيادة الرسوم الجامعية، قبل أن تتدخل السلطات وتفتحها بالقوة دون تسجيل إصابات.
وصعد طلاب الجامعة احتجاجهم على الزيادات الكبيرة التي تعذر عليهم وأسرهم الإيفاء بها، بينما أعلن اساتذة الجامعة عن تضامنهم مع مطالب الطلاب وحملوا وزارة المالية مسؤولية عدم وجود ميزانية خاصة بالتعليم العالي.
وانطلقت الاحتجاجات على أرضية رفض جماعي من طلاب الجامعات لما يعتبرونه تسليعا للتعليم، وطالبوا بإعادة النظر في قرارات زيادة الرسوم الجامعية للقدامى والجدد، ولتحمل الدولة مسؤوليتها عن العملية التعليمية في الجامعات من حيث البيئة والتطوير.
وأكدت الدكتورة نهى عبد الحفيظ، عضو الهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم، أن سياسات الدولة لا تولي أهمية للتعليم، ما يتجسد في غيابه عن الموازنة العامة بشكل يلائم أهميته ودوره في عملية الإنتاج.
وأشارت إلى أن دعم التعليم يعني اهتمام الدولة بتنمية القوى العاملة الوطنية، التي ترفع مستوى الإنتاج في كل القطاعات الاقتصادية، وبالتالي النهوض بالدولة نفسها، لأن العملية التعليمية هي عملية إنتاجية بامتياز مثل عمليات الإنتاج في قطاع البترول.
ورأت أن سياسة الدولة تجاه التعليم الجامعي تركت الأساتذة والطلاب في مركب واحد، لأنها تركت الجامعات تواجه مسئولية توفير كامل منصرفاتها من أجور وميزانيات تسيير وتنمية.
وقللت نهى في الندوة من أشكال الدعم الحكومي المقدم على المستوى الاتحادي والولائي للجامعات، مؤكدة أن وزارة المالية تقدم منحة غير ثابتة القيمة وغير ملزمة، لأنها ترى أن على الجامعات تحصيل أموال وتوفير استثمارات مثل وحدات حكومية وعسكرية، تملك مزارع دواجن ومنتزهات ومصانع صابون.
وأضافت: “هل علينا التفكير في بيع الطلاب بالرأس أم ماذا”؟ ومن أين نقدم الأموال لوزارة المالية؟
بينما استعرض، د. إبراهيم أونور، تجارب من دول العالم في تمويل التعليم العالي، مشيرا إلى التزام أغلب الدول بدعم التعليم العالي من خلال طرق مختلفة، وفي مقدمتها اليابان والولايات المتحدة الأمريكية التي توفر عبر البنوك تمويلا للدراسة الجامعية، يلتزم الطلاب بسداده على أقساط بعد التخرج والعمل.
وحذر أونور من اتجاه الدولة إلى التخلي عن التعليم، ودعا إلى الالتزام بتوفير بنية تحتية قوية للعملية التعليمية، ومواجهة التحديات التي تواجه التعليم العالي من خلال خطة شاملة.