صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

زوجة الشهيد معاوية بشير: العدالة تتعرقل بأساليب مختلفة

شارك هذه الصفحة

في الذكرى الرابعة لاستشهاد ابن البراري، الخرطوم، معاوية بشير، تقول أسرته إن العدالة لن تتحقق في ظل استمرار قادة انقلاب 25 أكتوبر في المشهد، مؤكدة أنها ستواصل التمسك بحق القصاص من قتلته مهما تطاول الزمن.

وقالت مناهل يوسف، زوجة الشهيد، لـ (الحداثة) إن السلطة الحالية تمنع تحقيق العدالة، وإن مسار كل قضايا الشهداء، ومنهم معاوية، تمت عرقلته بطرق وأساليب مختلفة، لحد إطلاق سراح الجناة في أكثر من قضية.

وتأتي ذكرى معاوية في ظل اتفاق سياسي مختلف حوله بين الحرية والتغيير وقادة انقلاب 25 أكتوبر أرجأ قضية العدالة الانتقالية ضمن قضايا أخرى لمزيد من المشوارات.

وسقط الشهيد معاوية مع شهيدين آخرين في يوم كالح من أيام هذا الحي، بري الدرايسة، والذي وافق 17 يناير 2019، وهذا داخل منزله بعد أن أطلقت عليه مجموعة من جهاز الأمن والمخابرات الرصاص عبر باب المنزل، ردا على حمايته لمجموعة من الثوار كانوا يتعرضون لمطاردة بالرصاص الحي.

كان الشهيد قد شق قبلها الطريق لأداء صلاة المغرب في مسجد الحي، وسط سحب من الغاز المسيل للدموع وأصوات الرصاص، وكان عائدا حينما تفاقم القمع لأبعد الحدود.

على باب المنزل وقف معاوية ليدخل الثوار المطاردين، وحينما فشل القتلة في تجاوز هذا الباب الذي سده الشهيد بجسده بإحكام، ووقف ليتأكد من عدم اقتحام المنزل، أطلقوا عليه الرصاص عبر الباب.

ووفقا لجيرانه كان الشهيد حالة خاصة من الإنسانية تمشي بين أهل الحي، يعرفونها ويقدرونها، وحينما سقط برصاص الغدر لم يبق شيئا على حاله في كامل البراري، التي تم إغلاقها بالكامل لأيام في مشهد من الغضب سيحفظه التاريخ.

في يوم إصابته، 17 يناير، كان الميدان بجوار منزله يستقبل أكبر مواكب ثورة ديسمبر، وقد صمد الموكب أمام قمع الأجهزة الأمنية حتى قرابة مغيب الشمس، وحينها بدأت جرائم القتل.

يشير أحد شهود العيان إلى أن صمود الموكب طوال النهار أمام قوة من الشرطة أولا، ثم قوة من جهاز الأمن، واستمرار تواجد وهتاف الثوار داخل الميدان، أدى لأن يواجه الحي أبشع أنواع الانتهاكات، فقد سقط الشهداء، الدكتور بابكر عبد الحميد، والفاتح النمير في الميدان، ثم سقط بعدهما الشهيد معاوية، وتم انتهاك حرمات المنازل واعتقال وضرب العشرات.

تم اسعاف الشهداء الثلاثة إلى مستشفى “رويال كير” في وقت متقارب، ورحل الشهيد دكتور بابكر في ذات الليلة، والتحق به الشهيد معاوية فجر اليوم التالي، لتصعد روح الشهيد الفاتح النمير إلى بارئها بعد أيام.

كانت منطقة بري قد شهدت حراكا ثوريا لم ينقطع منذ أواخر نوفمبر 2018 حيث دأب الثوار على إغلاق الطرق وإشعال الإطارات، بجانب تنظيم المواكب ليلا ونهارا، لكن بعد سقوط شهداء ذلك اليوم أصبحت معقل الثورة الأول.

بالنسبة لـ “محمد عمر فرنساوي”، وهو أحد ثوار ذلك اليوم، إن “طريقة استشهاد عم معاوية وموقفه الرجولي بتصديه للأمن وحمايته للكنداكات، والتضحية بنفسه من أجل سودان عريض يسع الجميع، يمثل المعنى الأبرز لقيم المجتمع السوداني”.

وتابع: كتب القدر أن يصاب الشهيد في هذا اليوم بجانب الدكتور بابكر عبد الحميد أحد أفراد الجيش الأبيض، الذي كان يؤدي مهمته الإنسانية النبيلة في اسعاف المصابين ومساهمته الثورية، والشهيد الفاتح النمير الذي مثل رمزا للصمود بكل معانيه.

وأشار إلى أن 17 يناير 2019 كان قد شهد أول وأعظم اعتصام في الثورة السودانية جوار مستشفى رويال كير، معتبرا أن الاعتصام كان النواة الحقيقية لاعتصامات “القيادة العامة والجودة”.

وأكد فرنساوي لـ “الحداثة” أن هذه الذكرى تمر والثورة مستمرة من أجل تحقيق أهدافها ومن أجل الدولة التي تلبي تطلعات السودانيين، مشددا على توافر العزيمة لدى الثوار لإستكمالها وضمان تحقيق جميع أهداف الثورة.

وأضاف: “لم تنفجر الثورة في ديسمبر، فقد اتفجرت بالمعنى الحقيقي ضد الإسلام السياسي منذ العام 1989، وتوالى الشهداء في ظل الحراك المستمر، مثل الطالبة التاية من جامعة الخرطوم ودكتور علي فضل، وشهداء كثر في بقاع مختلفة من السودان، ولن تتوقف حتى ينال السودان استقلاله الحقيقي”.

وتابع: “سنواصل المسيرة التي بدأت مع رفقائنا الشهداء، ولن نتوقف لأننا لا نعرف الهزيمة، فإما أن ننتصر أو نموت”.

ذكرى 17 يناير 2019 حملت معها صور ومشاهد عمليات القمع والقنص في أزقة هذا الحي بينما يتبادل بعض السكان جوانب منها.

باب المنزل الذي نفذ الرصاص عبره لجسد الشهيد، لازال واقفا بشموخ تزينه من الداخل كتابات ثورية، واسم الشهيد في قلبها. كلمة العدالة هي قصة المنزل وحديث سكانه الشاغل.

وتؤكد زوجة الشهيد، مناهل يوسف، أن قضية الشهيد لم يحدث بشأنها أي تقدم منذ وقت طويل، بجانب توقف الاتصالات مع كل الجهات ذات الصلة لعدم الجدوى، فهي تشعر بافتقار كل الأطراف لإرادة تحقيق العدالة لشهداء ديسمبر ولجميع شهداء الثورة.

تتساءل عما تم تحقيقه في أي من قضايا الشهداء، بينما يتم إطلاق سراح المتهمين في ارتكاب هذه الجرائم، وتغرق قضايا الشهداء في صمت.

ومع ذلك تشدد زوجة الشهيد معاوية على أنهم لن يفرطوا في العدالة وحق الشهيد، مهما تطاول الزمن، مشيرة إلى أن أغلب أسر الشهداء أصبحت على قناعة باستحالة تحقيق العدالة في ظل السلطة الحالية، وتنتظر ذهابها.

وتضيف: “أسر الشهداء يجمعون أوراق وملفات القضايا خوفا من إضاعتها انتظارا لوضع آخر يسمح بتحقيق العدالة”.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *