صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

دقلو يتمنى العودة إلى (11 أبريل)

شارك هذه الصفحة

بصورة غير متوقعة، اعتذر قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، عن مشاركته في انقلاب 25 أكتوبر الذي نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، مقرا بأنه كان خطأ. قبل أن يدعو فلول النظام المباد لرفع أياديهم عن المؤسسة العسكرية وعن المجتمع السوداني “لينعم بفترة انتقال سياسي مستقر يختار في نهايتها من يحكمه دون تزوير وتزييف”.

وقال دقلو اليوم من الخرطوم: “تبين لي منذ يوم الانقلاب الأول أنه لن يقود لما رغبنا فيه مما دفعني لعدم التردد بأن أعود عنه إلى الصواب وأن أرغب بصدق في الخروج من السلطة السياسية وتسليمها لسلطة مدنية انتقالية، وهو أمر تعاهدت عليه مع الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقيادة القوات المسلحة السودانية ولن أعود عنه أبدا”.

وحصلت قوات الدعم السريع وقائدها محمد حمدان دقلو على شعبية كبيرة إبان انعقاد اعتصام القيادة العامة في الخرطوم، لكونه أعلن انحيازه لحماية الثوار والامتناع عن الاشتراك في قتلهم، لكن سرعان ما فقد البريق في أعقاب عملية مجزرة فض الاعتصام، وكانت قوات الدعم السريع ضمن القوات المتهمة بالمشاركة في المجزرة الدموية الواسعة. ويبدو أن البدوي الطموح يسعى لاستعادة تلك الشعبية المفقودة.

وتكونت قوات الدعم السريع بتشريع من برلمان حكومة الإنقاذ في يناير 2017م. لكنها بنهاية 2018 أعلنت عن استقلاليتها السياسية عن النظام في خطاب شهير ألقاه دقلو بضاحية طيبة الحسناب، جنوب الخرطوم، أعلن فيه التزامه بدعم ثورة ديسمبر المندلعة حديثا.

ومنذ أسابيع، بدأت نواة للتقارب بين قائد قوات الدعم السريع وقوى الحرية والتغيير الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري في 5 ديسمبر الماضي فحواها دعم (الإعلان السياسي الإطاري) والمضي به إلى اتفاق نهائي ينهي وجود مؤسسة الجيش في السياسة والاقتصاد.

وكان لهذا التقارب بين قائد الدعم السريع وقوى الحرية والتغيير فرصة للنجاح قبل التوقيع على الوثيقة الدستورية في أغسطس2019، إلا أن تكتيكات التباعد بينهما قد نجحت، وبعد أقل من سنتين مضت قوات الدعم السريع للمشاركة في انقلاب 25 أكتوبر الذي نفذه قائد الجيش للإطاحة بالحكومة الانتقالية برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك.

وفي 25 يوليو 2019، توصلت قوى الحرية والتغيير وقوات الدعم السريع إلى اتفاق غير رسمي بشأن قضايا رئيسية في العاصمة الإثيبوبية أديس أبابا، وبرغم أن الاتفاق بينهما لم يتم الكشف عنه أبدا، إلا أن الأطراف التزمت وقتها بالعمل في مجالات رئيسية، شملت إعطاء أولوية لتحقيق السلام وترتيبات اقتسام السلطة، وتأجيل تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي وتعيين الولاة المدنيين.

واختار قائد قوات الدعم السريع، الزمان والمكان، المناسبين لخطابه إلى الأمة السودانية، الأحد 19 فبراير، فمن ناحيته يتزامن “مع توقيت حرج بلغته العملية السياسية الجارية مع تكثيف فلول النظام المباد محاولاتهم لإفشالها، وتوسع دائرة الرفض لها، ومن ناحية أخرى اختار قيادة قواته (الدعم السريع) بالخرطوم لإطلاق خطابه، وذلك، في أعقاب أكثر من 5 خطابات سابقة لقائد القوات المسلحة عبد الفتاح البرهان، من نهر النيل، والفريق شمس الدين كباشي، من جنوب دارفور، تناولت العلاقة بين الجيش والدعم السريع، ووضعية الأخيرة وضرورة دمجها في القوات المسلحة.

وقال دقلو إن قواته هي جزء من القوات المسلحة، بنص قانونها، وأن ما يجري من فعل الوقيعة بينهما هي من فلول النظام المباد، وأضاف: “لن نسمح لعناصر النظام البائد بالوقيعة بين القوات المسلحة السودانية والدعم السريع”. وأردف “أقول لهم إنهم لن يستطيعوا بلوغ ذلك أبدا”.

كذلك، اعتبر دقلو أن الاتفاق السياسي الإطاري الموقع بين الحرية والتغيير والانقلابيين في الخامس من ديسمبر الماضي، هو المخرج الوحيد من الأزمة الراهنة. ونص ذلك الاتفاق على دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة وصولا إلى جيش مهني واحد.

وتشكل مسألة دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة واحدة من المسائل الأكثر جدلا على المستويين الرسمي والشعبي، لذلك حاول دقلو حسم هذه النقطة الخلافية بقوله: “إننا في قوات الدعم السريع ملتزمين بما ورد في الاتفاق السياسي الإطاري بخصوص مبدأ الجيش الواحد وفق جداول زمنية يتفق عليها. كما إننا ملتزمون بصدق بالانخراط في عمليات الإصلاح الأمني والعسكري، بصورة تطور المؤسسة العسكرية وتحدثها وتزيد من كفاءتها وتخرجها من السياسة والاقتصاد كليا، وتمكنها من التصدي الفعال لكل ما يهدد أمن البلاد وسلامها”.

ويرى دقلو أن الاتفاق السياسي الإطاري وضع أساسا متينا للمبادئ الرئيسية التي تعيد للمؤسسة العسكرية ما فقدته بسبب سياسات النظام المباد، “لذا سنمضي فيه بصدق وجدية حتى تتحقق أهدافه كاملة غير منقوصة، فهذا الاتفاق حزمة واحدة يجب أن تنفذ كلها دون تجزئة”.

وقال “اطمئن الشعب السوداني بأننا ماضون في مسيرة الحل السياسي الذي بدأناه في الاتفاق الإطاري وسنمضي فيه حتى آخر الطريق بثبات حتى يعود الاستقرار لهذه البلاد، وتتجنب الشرور والفتن”.

وفي الوقت الحالي يعد محمد حمدان دقلو واحدا من أكثر الشخصيات تأثيرا في العملية الانتقالية في السودان، ويشار دوما إلى إن قوات الدعم السريع التي يقودها لديها نفوذ واسع وتكسب إيرادات ضخمة من مشاركة قواتها في الحرب اليمنية، وتجارة الذهب، والمشاريع التجارية الأخرى. وحصلت في العاصمة الخرطوم على مناطق حساسة أصبحت المعقل الاستراتيجي لانتشارها.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *