بـ13 صوتًا من جملة 15 عضوًا دائمًا، وامتناع روسيا والصين، مدّد مجلس الأمن الدولي، أمس الأربعاء، عقوبات دولية مفروضة على السودان عاماً آخر ينتهي في 12 مارس 2024، كما مدد التفويض الممنوح للجنة خبراء مكلّفة بالإشراف على تنفيذ حزمة العقوبات التي تشمل حظرًا لاستيراد الأسلحة عامًا، ما يعني فشل المحاولات الحثيثة التي قادتها حكومة انقلاب 25 أكتوبر لاقناع المجتمع الدولي بانتفاء أسباب تلك العقوبات، رغم التعهدادات الروسية للخرطوم برفعها.
تعود العقوبات المعنية إلى العام 2004م، عندما أصدر مجلس الأمن القرار 1556 وحظر بموجبه توريد الأسلحة إلى جميع الكيانات غير الحكومية وجميع الأفراد العاملين في دارفور وكون لجنة لمتابعة تنفيذ القرار. وفي مارس 2005، أقر المجلس بأغلبية 12 عضوا قرارا آخر بالرقم 1591، وسع بموجبه مظلة الحظر لتشمل الحكومة السودانية، وقضى بفرض حظر توريد السلاح عليها بجانب الفصائل المسلحة في دارفور، وأعلن عن تشكيل لجنة من خبراء لمراقبة تطبيق قرار الحظر ومساعدة اللجنة السابقة بتولى مهمة رصد تنفيذ التدابير التي شملها القرار بجانب التحقيق في تمويل الجماعات المسلحة والعسكرية والسياسسة ودورها في الهجمات على المدنيين.
ومنذ نحو عام، تقود الخرطوم، جهودًا دبلوماسية حثيثة بحجة انتفاء أسباب فرض تلك العقوبات، وفي الثاني عشر من فبراير الماضي، طلب مجلس السيادة الانتقالي، من الأمم المتحدة إنهاء تفويض فريق الخبراء الأمميين ورفع العقوبات، لكن تقريرا مفصلا وجهه فريق الخبراء إلى رئيس مجلس الأمن الدولي، نهاية الأسبوع الأول من شهر فبراير الماضي، حوى حيثيات دحضت الحجة الحكومية، واستند أعضاء مجلس الأمن على فحوى التقرير في قرار تمديد العقوبات.
غير أن وزارة الخارجية السودانية، قالت في بيان الخميس، إن قرار مجلس الأمن وضع قيد زمني مدته 18 شهرا لرفع العقوبات المفروضة على السودان، معتبرة ذلك، جاء بفضل التحركات الدبلوماسية للخرطوم ودعم المجموعات العربية والإفريقية ودول عدم الانحياز ومنظمة التعاون الإسلامي.
وأشار البيان إلى أن السودان تلقى دعما قويا بمجلس الأمن لرفع العقوبات من المجموعة العربية والإفريقية ودول منظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز ودول الغابون وغانا وموزمبيق والعضو العربي الإمارات وأصدقاء السودان بمجلس الأمن.
لم تجد روسيا خلال تصوبت أعضاء مجلس الأمن غير الامتناع عن التصويت، بعد فشل محاولاتها في اقناع أعضاء المجلي بإنها العقوبات على السودان، ذلك، بعدما تعهد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الشهر الماضي، بدعم المطلب السوداني، كما امتنعت الصين عن التصويت لذات الأسباب.
وفي السياق، قال نائب السفير الصيني لدى الأمم المتحدة غينغ شوانغ إن العقوبات المفروضة على السودان عفا عليها الزمن، ويجب أن ترفع، لأن الأمور تشهد تحسنا على الأرض.
لكن تقرير فريق الخبراء والذي يقع في 60 صفحة، قدمت حيثيات مخالفة لما ذهبت إليه الصين، موضحًا أن الحالة الأمنية في دارفور كانت هشة خلال النصف الأول من عام 2022، وأشار التقرير إلى تأخر نشر نحو 2000 من قوات الحركات المسلحة المقرر انضواءها قي قوات حماية المدنيين، بسبب ما أسماها التقرير خلافات هيكل القيادة الموحد والتمويل، وقال “أبرزت الأطراف المحاورة الحكومية مرارًا وتكرارًا لفريق الخبراء أن عدم مواصلة تنفيذ الاتفاق يعزي إلى عدم توافر الموارد المالية”.
وأشار إلى ضلوع بعض القوات الحكومية بدور مزعزع للاستقرار “عندما قامت ذاتها بتسليح القبائل”. وقال التقرير “على الرغم من التزام الحركات المسلحة الموقعة في اتفاق جوبا للسلام بتسليم أسلحتها وعتادها العسكري، فإنها لم تتخل إلا عن كمّ صغير من الأسلحة الصغيرة في حين احتفظت بالأسلحة الثقيلة”.
لفت التقرير كذلك، إلى انخراط قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية والحركات المسلحة الدارفورية الموقعة على اتفاق السلام، في حملات تجنيد شرسة، فيما “تفاقمت الحالة الأمنية بسبب عملية النشر الواسعة النطاق لمقاتلي الحركات المسلحة وأفراد قوات الدعم السريع، الذين غالبًا ما شاركوا في النزاعات المحلية في جميع أنحاء دارفور، بالإضافة إلى وقوع أكبر انتهاك لوقف إطلاق النار منذ توقيع الاتفاق في أبريل 2022 غرب دارفور “كرينك والجنينة” عندما اشتبكت قوات الدعم السريع مع إحدى الحركات المسلحة، وهي التحالف السوداني. ومع أنه شُرع في إجراء تحقيقين في أعمال العنف، فلم يُعتقل سوى شخص واحد، وتصاعدت أعمال العنف أيضًا في جبل مرة في نوفمبر الماضي عندما اشتبك جناح عبد الواحد مع فصيل منشق بقيادة مبارك ولدوك”.
وكشف التقرير عن ارتفاع مستوى الجريمة في دارفور مع عودة قوات الحركات المسلحة إليها من العاصمة الخرطوم، وقال: “تمكن من رؤية هذا التصاعد في مايو ويونيو 2022، لكن بحلول ديسمبر انخفض مستوى انعدام الأمن لكنه كان ما يزال مرتفعًا”.
“إنّ تشرذم القوى السياسية، مقترنا بالضعف الاقتصادي وهشاشة البلد.. وكذلك الضغط الخارجي المستمر والمتنوع قد أثر على الحالة في دارفور”، يقول التقرير الأممي الذي أضاف “ويمكن اعتبار هذه الحالة على أنها استقرار في مهب الريح”. وتابع “قد أبقى تأخر الانتقال السياسي والنزاعات الداخلية في الدول المجاورة على إمكانية حدوث مزيد من التدهور وامتداد النزاع إلى دارفور فتعدين الذهب غير القانوني، والاتجار بالمخدرات والأسلحة، وسرقة الماشية هى أنشطة متجاوزة للحدو الدولية؛ ولا تزال دارفور منطقة اتجار بالأشخاص باتجاه البحر الأبيض المتوسط (ليبيا، ومؤخرا المغرب) وأوروبا”.
ورأى التقرير أن القوات المشتركة لحماية المدنيين أداة غير كافية لمنع نشوب النزاعات، وهو ما يدحض الحيثيات التي بنت عليها الخرطوم مطالبتها للأمم المتحدة بإنهاء تفويض فريق الخبراء الأممي.