انهى خبير الأمم المتحدة لحالة حقوق الإنسان بالسودان، التونسي، رضوان نويصر، زيارة رسمية إلى البلاد استغرقت أسبوعا، وهي الأولى له منذ تعينه بالمنصب في 16 ديسمبر الماضي، ليحل محل أداما دينغ الذي استقال في أكتوبر الماضي، بعد عامين من الإمساك بالملف (نوفمبر 2020- أكتوبر 2022م)، ورغم ترحيب الحكومة في الخرطوم، بالزيارة وإبداء روح التعاون من “أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان بالسودان”، إلا أن نويصر تنتظره مهمة صعبة– فيما يبدو- بسبب الواقع القائم الذي أرساه انقلاب 25 أكتوبر على مدى أكثر من عام.
يتمتع رضوان نويصر الذي عينه المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر ترك، كخبير له بشأن حالة حقوق الإنسان في السودان، بخبرات واسعة ينتظر أن تعينه على حمل ملف السودان المثقل بالانتهاكات وتركة عدم التعاون مع المجتمع الدولي، فالرجل الذي يتحدث الإنجليزية والفرنسية والعربية بطلاقة، شغل مناصب رفيعة في الأمم المتحدة لأكثر من ثلاثة عقود، فقد عمل مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسان، كما عمل وزيرا للدولة للشؤون الخارجية في الحكومة الانتقالية التونسية في عام 2011، وسبق له أيضا العمل في قضايا اللاجئين وحماية المدنيين في الدول التي تمر بحالة صراع ومراحل ما بعد الصراع في إفريقيا والشرق الأوسط، بينها جمهورية الكونغو الديمقراطية وجيبوتي والعراق وسوريا واليمن.
عقب تعينه بمنصب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، اختار النمساوي، فولكر تورك، وقد كان قبل ذلك، أحد أقرب مساعدي الأمين العام للأمم المتحدة، السودان لتكون وجهته الأولى خارجيا، قائلا: “لقد أعطيت الأولوية للسودان لأني أردت أن أعبر عن تضامني مع شعب السودان في هذه اللحظات المصيرية من تاريخ البلاد لايصال رسالة قوية بأنه يجب أن تكون حقوق الإنسان في صميم عملية الانتقال”، ما يعكس بوضوح ارتفاع مؤشرات السودان السالبة في مجال حقوق الإنسان لدى المجتمع الدولي.
بالفعل استهل تورك زيارته إلى السودان، في 13 نوفمبر الماضي واستمر حتى 16 من الشهر ذاته، التقى خلالها بمسؤولين حكوميين وممثلين من منظمات المجتمع المدني، ومدافعين عن حقوق الإنسان، بجانب رؤساء وكالات الأمم المتحدة، والديبلوماسيين، وبمحصلة تلك الزيارة وصف المفوض الأممي الوضع في السودان بأنه “قاتم”، وأن البلاد باتت في مفترق طرق، مستدركا بأن “أدوات التخلص من بعض هذه التحديات في متناول اليد”.
في مؤتمر صحفي فى ختام الزيارة أشار تورك إلى التقدم الذي أحرزه السودان بفضل ثورة ديسمبر قائلا: “تابعناهم بانبهار، وانضممنا إلى زخم التغيير والأمل في مستقبل أكثر إشراقا وسلاما وعدلا لشعب هذا البلد المذهل”، لكن انقلاب 25 أكتوبر الذي نفذه قائد الجيش قوض تلك الآمال، وهو ما عبر عنه تورك قائلا: “توقف التقدم المهم الذي حصل بين عامي 2019 و2021م نحو الإصلاح القانوني والمؤسسي بسبب الاستيلاء العسكري على السلطة في 25 أكتوبر 2021. ونجد أنفسنا الآن في مفترق طرق حاسم”.
أبرز تجليات عمليه تقويض التقدم كما شهد مفوض حقوق الإنسان، الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين ما أدى إلى مقتل أكثر من 100 متظاهر سلمي وإصابة الآلاف، بجانب الحوادث المميتة في النيل الأزرق ودارفور وغرب كردفان وحالات التعذيب والاختفاء القسري والعقوبة خارج الأطر القانونية.
إذا، سيكون أمام خبير الأمم المتحدة لحالة حقوق الإنسان بالسودان، رضوان نويصر، كثير من التعقيدات بشأن الحالة في السودان، رغم ما يحظى به من الخبرة والتجربة في بلدان مشابهة، ومن بين تلك التحديات المتابعة مع حكومة الخرطوم، بشأن الإجراءات التي اتخذتها لتنفيذ التوصيات التي قدمها سلفه، أداما ديينق، وبجانب ذلك، متابعة تنفيذ الالتزامات التي قطعتها الخرطوم خلال زيارة المفوض السامي، فولكر تورك، في نوفمبر العام الماضي، في حين ينتظر أن يبنى الأخير على نتائج زيارة نويصر لإحاطة مجلس حقوق الإنسان، خلال جلسته 52 المنتظر عقدها في مارس المقبل، وكذلك، التقرير الشامل الذي سيقدمه المفوض خلال الجلسة 53 للمجلس في يونيو المقبل.