صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

الإرادة السياسية قبل القانون وقبل الاتفاق

30 نوفمبر

شارك هذه الصفحة

ما يمنح دولة ما أن توصف بأنها دولة مؤسسات، ليس دقة وفصاحة القوانين وقوة حجيتها. فالقانون، وما له من مزايا، ربما يأتي تاليا لشيء أكثر منه أهمية، إنها الأرادة السياسية الفعالة. الإرادة كما هي إصرار على الفعل نابع من الإيمان بالأهداف. فهذه الإرادة السياسية هي وحدها ما تهب أي دولة جدارة أن تكون دولة مؤسسات.

وفي الواقع، وخلال ديكتاورية عمر البشير، قرأنا وطالعنا قوانين لا بأس بها، لكن بالمقابل شاهدنا كيف أن هذه القوانين وأدوات تنفيذها كانت معطلة بشكل مفضوح بسبب ممارسة سياسية ركيكة، يمارسها نوع من السياسيين، كانت السياسة بالنسبة لهم مطية للمغنم أكثر من كونها مسؤولية وخلق ومساهمة في بناء المجتمع. لذلك ليس غريبا علينا أن نشعل ثورة لتقضي على كل هذه الركاكة وتضعنا في المسار السليم.   

صحيح، لقد خلقنا ثورة سلمية ونشطة، منذ 2018 وحتى اليوم، بل إنها ما زالت نموذجية في سلميتها وإصرارها وعنفوانها، رغم العقبات التي وضعت أمامها، لكننا لم نرفق هذه الثورة أبدا بإرادة سياسية تكون هي نفسها ثورة لتدفع بإتجاه سن القوانين وحراسة تطبيقها وصولا إلى دولة المؤسسات والحرية والسلام.

من المحبط إننا وبعد أربع سنوات من سقوط نظام عمر البشير، لم نر أي عدالة تتحقق، بل إن الممارسة السياسية لا تحمل لنا الأنباء السارة، إنما تعمق إحساسنا بأننا سنكون بعيدين جدا عن تحقيق دولة المؤسسات والعدالة التي هي غاية ثورة ديسمبر، وبعيدين كذلك عن توفير الإرادة السياسية، لأننا في لحظة سابقة قبلنا بفرصة مشروطة لبناء الدولة!


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *