صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

طاهر أبو بكر.. ما عاد غيابه ممكنا عن الشرق

طاهر أبو بكر

شارك هذه الصفحة

قبل بضعة أيام عاد إلى البلاد القيادي التاريخي في حزب مؤتمر البجا، محمد طاهر أبوبكر، وسط حالة من الإحتفاء في البحر الأحمر، شرق السودان، وفي ظل وضع سياسي يتسم بالتعقيد في الإقليم.

ورأس محمد طاهر لسنوات اللجنة المركزية لمؤتمر البجا في مرحلة الكفاح المسلح، وشارك مع أحزاب وفصائل المعارضة السودانية في مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية 1995، ووقع في الميثاق الصادر عن المؤتمر إنابة عن مؤتمر البجا.

شارك طاهر قبل ذلك بفاعلية في النشاطات السياسية والنقابية في البحر الأحمر قبل انقلاب الإنقاذ، وقاد مع آخرين المقاومة المبكرة، من موقعه كنائب رئيس نقابة عمال الشحن والتفريغ.

في اليوم الثالث عشر من أبريل 1994 قرر اجتماعا لمؤتمر البجا عقد في مدينة كسلا الكفاح المسلح ضد الإنقاذ، وتم اختياره في اجتماع تالي ببلدة (ملوبيرا) داخل العمق الإريتري رئيسا للجنة معنية بتنفيذ المقررات، واختير عبدالله كنه نائبا له.

في وقت لاحقا من اندلاع المعارك في الجبهة الشرقية، تعرض طاهر للسجن والاعتقال من قبل النظام الإرتري بعد خلاف حول طريقة إدارة الشئون السياسية، ولم يتم الإفراج عنه إلا بعد وساطة من الراحل الدكتور جون قرنق، حيث تم السماح له بمغادرة إريتريا للأبد.

أدت تلك الأحداث إلى انقسام في جسد التنظيم، حيث قاد طاهر فصيل مؤتمر البجا المركز العام، إلى أن توحد بمبادرته من جديد في العام2005، ثم هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليشارك باسم مؤتمر البجا في تأسيس المنبر الديمقراطي في إيوا، ويصبح سكرتيره لاحقا.

قبيل انطلاق مفاوضات القاهرة بين التجمع الوطني الديمقراطي والنظام البائد، أعلن مؤتمر البجا مقاطعتها، مطالبا بمنبر منفصل لقضايا الشرق، ليوقع في أسمرا العام 2006 اتفاق للسلام ضمن تحالف “جبهة الشرق “، وأسدل الستار على مرحلة الكفاح المسلح فى الإقليم.

وكانت الجبهة قد نشأت عن تحالف مؤتمر البجا و”الأسود الحرة”، وحزب الشرق الديمقراطي، ومجموعة من القيادات السياسية في الإقليم.

ونشأت الجبهة كاستجابة لنداءات من شخصيات وطنية، أن تمثل آنذاك كل مكونات الإقليم في عملية الحوار والوصول لاتفاق مع الحكومة المركزية. وهذا ما تم بالفعل بأسمرا برعاية من الحكومة الإريترية، التي أوت قيادات الجبهة وقدمت لهم المساندة فى مختلف المجالات.

ووصف حينها منشقون عن الجبهة الاتفاقية بالمولود الناقص، إلا أن الجهود التي بذلتها الوساطة الإريترية نجحت فى تذليل الصعاب أمام المفاوضين من الجانبين.

وقال طاهر إن الاتفاقية تم التوقيع عليها تحت ضغوط إريترية قاسية على قيادات التنظيم، وأن الاتفاق لم يعالج القضايا الرئيسة لشرق السودان، وعلى رأسها المشاركة العادلة فى السلطة والقسمة العادلة لثروة السودان، والتنمية التي تراعي خصوصية المناطق المتأخرة.

 ورأى محمد طاهر أن واقع تنفيذ حتى ما وقع عليه قيادات المؤتمر والجبهة يؤكد أنهم تعرضوا للخديعة، لأن الحكومة، بنظره، كانت تهتم فقط بنزع سلاح المقاتلين وتسريحهم.

وطالما ما أبدت القيادات المنشقة من الحزب استياءها من فشل المساعي المتكررة للدفع بتنفيذ الاتفاق، مرجعين ذلك إلى عدم وجود ضامنين دوليين عند التوقيع باسمرا.

ويبدو أن قضية الشرق التي قادت من قبل بعضهم لحمل السلاح، لا تبتعد فى جوهرها عن”مطالب قديمة” كانت قدمتها القيادات التاريخية لمؤتمر البجا فى منتصف الخمسينيات، إبان صعود الكيانات ذات الصبغة الإقليمية والمناطقية.

ولكن الذي تغير فى الحالة التي نحن بصددها هو الطريقة التي يتم بها الإلحاح على تحقيقها في ظل وضع انتقالي مضطرب، فبينما اضطرت الحكومة الانتقالية، برئاسة حمدوك، إلى تجميد تنفيذ (مسار الشرق) الموقع عليه ضمن اتفاقية سلام جوبا (أكتوبر 2020)، بسبب رفضه من بعض القوى في الإقليم، تدعو قوى أخرى إلى حمل السلاح مرة أخرى من أجل مطالب لا تجد الاجماع.

ما يعرف عن طاهر إيمانه بالحل السياسي الشامل لكل قضايا البلاد، وتمسكه بشعارات ثورة ديسمبر في (الحرية والسلام والعدالة)، ودعوته المتكررة لسرعة عقد المؤتمر الدستوري لمناقشة المطالب في أنحاء مختلفة، وهو ما قد يفسر ذلك الإحتفاء الكبير بعودته المتأخرة.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *