صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

هل أفلح انقلاب 25 أكتوبر في وصل الدائرة الجهنمية؟

أعمال حسب الرسول

شارك هذه الصفحة

في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021م، أي قبل عام ونيف من الآن، استيقظ السودانيون على انقلاب سمّاه قائده “تصحيحاً لمسار الفترة الانتقالية”، مثلما سُمِّي من قبْل أوّلُ انقلاب عسكري تشهده البلاد في نوفمبر 1958م، ثورةً، ومثلما سُمِّيت أيضاً مايو بالثورة، وتبعتها (ثورة الإنقاذ)؛ ففي العادة لا يسمي الانقلابيون فعلتهم انقلاباً، رغم طابعها العسكري.

سجل الجنرال عبد الفتاح البرهان انقلابه مع سلسلة الانقلابات العسكرية في السودان، فهل نجح في إكمال وصل الدائرة الجهنمية أو الشريرة بحسب تعبير د. عطا البطحاني في كتابه التعثر الديمقرطي في السودان (ثورة شعبية، فترة انتقالية، ديمقراطية، انقلاب، انتفاضة، فترة انتقالية، انقلاب…)؟

يلحظ المراقبون للتاريخ السياسي السوداني، أن الانقلابات لا تنجح دون أن يدفع بها تيار أو حزب ما، فيما يسمّى في العرف السياسي السوداني بالحاضنة؛ فأيُّ حاضنة اعتمد عليها البرهان في انقلابه على الفترة الانتقالية؟

الحقيقة أن حاضنة انقلاب 25 أكتوبر كانت تركيبة غير منسجمة، قوامها الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية سلام جوبا، وبعض الإدارات الأهلية، وفلول نظام الثلاثين من يونيو، لكن كل هذا لم يمثل دافعاً قوياً لتحقيق الانقلاب أهدافه كاملة وعلى رأسها إخماد ثورة ديسمبر.

إضافة إلى ذلك، اعتمد انقلاب 25 أكتوبر على تطبيق السيناريو المصري في إخماد أي بارقة للثورة المصرية، لكن دون فائدة، فالمتناقضات الداخلية في عناصر انقلاب البرهان، تمنع استمراره.

لم يستطع انقلاب 25 أكتوبر إدارة دولاب الدولة كما ينبغي لنظام انقلابي يريد ترسيخ انقلابه، ولهذا عدة أسباب: أولها، تصدي السودانيين للانقلاب في مهده، فكان ذلك أولى علامات فشله؛ وثانيها، تفاقم حالة التردي الاقتصادي لا سيما مع إيقاف الدعم الدولي للسودان بسبب الانقلاب؛ وثالثها، أن المتناقضات البنيوية في عناصر الانقلاب لم تسمح بتشكيل حكومة تسيير أعمال على الأقل.

ومع كل هذا لم يكن لدى الانقلاب – مع تضاعف تلك المتناقضات – أي خطاب يستطيع أن يمتص به غضب الشارع.

ويبدو جلياً أن لجوء البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو إلى التسوية السياسية التي يشهد السودان إرهاصاتها الآن، حالة من اللجوء الاضطراري حتى تلوح فرصة أخرى لقفزة أخرى في الظلام.

لكن السؤال الأهم هنا: هل تفلح التسوية القادمة في كسر هذه الدائرة الجهنمية؟

في رأيي لا الانقلاب استطاع وصل هذه الدائرة، ولا التسوية التي رشحت في الإعلام باستطاعتها كسرها.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *