صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

التسوية.. هل من ضمان لحماية الانتقال؟

متظاهرون سودانيون

متظاهرون سودانيون في العاصمة الخرطوم

شارك هذه الصفحة

بعد نحو 14 شهرا من انقلابه على الحكومة المدنية الديمقراطية بقيادة د. عبد الله حمدوك، ها هو رئيس مجلس السيادة الإنتقالي، القائد العام للقوات المسلحة، الفريق عبد الفتاح البرهان، ينحني للعاصفة ويعود للخلف لذات النقطة بحصيلة قوامتها أكثر من 120 قتيلًا من الشباب واقتصاد أكثر تدهورًا ودولة ترفل في عزلة ومستقبل عالق في احتمالات صعبة، فبأي رؤى كان يفكر البرهان في  تصحيح مسار الثورة.

 حين أذاع البرهان بيانه في 25 أكتوبر وأصدر قراراته  بحل مجلسي السيادة والوزراء وإعلان حالة الطوارئ وتعليق العمل ببعض مواد الوثيقة الدستورية، واعتقال قيادات الحكومة المدنية، كان المبرر الذي بنى عليه خطوته هو “التشاكس بين بعض القوى السياسية وتكالبها نحو السلطة والتحريض على الفوضى والعنف”، ما أدى لـ”انقسامات تنذر بخطر وشيك يهدد أمن الوطن ووحدته وسلامة أرضه وشعبه”.

بعد عام ونحو 40 يومًا على الانقلاب، وبنظرة خاطفة على تلك المبررات نجدها أشد وطأة، فالقوى السياسية الثورية تناثرت إلى تحالفات بفعل المكون العسكرى والفوضي تضرب بأطنابها والعنف بلغ مداه بمقتل أكثر من 120 من المتظاهرين السلميين مع اقتصاد يتهاوى.

في بلد عرف عبر تاريخه ما يزيد عن نصف قرن من الحكم العسكري الديكتاتوري، مقابل 10 سنوات من الحكم المدني الديمقراطي الهش، لم يكن التشاكس السياسي سبة أو مبررًا لقتل أحلام الانتقال الديمقراطي ووئد أحلام المستقبل.

لقد كانت لقائد الجيش مبررات أخرى غير منظورة، ظهرت تباعًا على مدى العام ونيف، ترمي في محصلتها –فيما بدا- إلى إعادة العجلة إلى ما قبل 19 ديمسبر 2018م، على أن تكون المظلة لهذه العملية هي استنساخ قوى ومكونات ثورية تحت عناوين على شاكلة “الحرية والتغيير، لجان المقاومة، حركات الكفاح المسلح..إلخ”، حتى يكون العنوان العريض لتلك الردة هو ثورة ديسمبر وشعاراتها “حرية، سلام وعدالة”.

الآن، يقف قائد الجيش عبد الفتاح البرهان على أبواب تسوية سياسية مع ذات المكون المدني الذي انقلب عليه، ستعيده هذه الخطوة –بالطبع- إلى المربع الأول، لكن يأتي ذلك، في ظل ذات المبررات من التشاكس السياسي، الذي يتجلى في صورته الأبرز بانقسام الحاضنة السياسية التي استند عليها البرهان ودفعته إلى الانقلاب، وأيضًا وسط فوضي وعنف يضرب مختلف أنحاء البلاد، فهل تتضمن وثيقة التسوية ضمانات لعدم حدوث انقلاب آخر.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *