صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

وجود تيار لا يرفض التسوية داخل الحزب الشيوعي شيء طبيعي (مقابلة)

فتحي فضل

شارك هذه الصفحة

قال الناطق الرسمي للحزب الشيوعي السوداني، فتحي فضل، إن وجود تيار داخل الحزب الشيوعي لا يرفض التسوية والحل السياسي المطروح أمر متوقع، وأكد أنه متى ما التزم العضو بدستور الحزب يمكن له أن يعبر عن رأيه حتى وإن كان مخالفا لرأي الأغلبية.

ومنذ 2020 ظل الحزب الشيوعي على خلاف سياسي مع قوى الحرية والتغيير التي وقعت اتفاقية سياسية إطارية مع قادة انقلاب 25 أكتوبر على أمل إخراج العسكريين من السلطة.. أدناه مقابلة فضل مع (الحداثة).

الوضع السياسي في السودان معقد بحسب المحللين، ما المخرج من هذا؟

المخرج واضح، ويستدعي جرأة وجسارة من قبل قيادات القوى السياسية الحية التي تقف بوضوح ضد التسوية السياسية مع الانقلاب، وترفع شعارات اللاءات الثلاث. وهذه القوى، في تقديري، هي لجان المقاومة والأحزاب السياسية التقدمية وحركة العاملين والمنتجين ومنظمات المجتمع المدني وجماهير المعسكرات والنزوح في دارفور وضحايا الحروب والعنف المفرط في بقية أرجاء السودان.

وفي كل الأحوال، هذه القوى لها تنظييماتها الخاصة، وأعلنت مرارا وتكرارا عن مواثيقها البرامجية التي تتطابق في شكلها العام أكثر مما تختلف، لذلك فإن الخروج من المأزق الحالي يعني اتحاد هذه القوى كما يتم في الشارع، وأن تدخل في حوار شفاف وجاد لكسر الحواجز والوصول إلى وثيقة واحدة وقيادة واحدة وموثقة وملهمة لحراك جماهيري، تخرج من رحم هذا الحراك وحائزة على ثقته، وقائدة له بالصراع ضد نظام الطغمة العسكرية الحاكمة، عبر انتزاع سلطة الشعب بإقامة الحكم المدني الديمقراطي.

 لكن هناك محاولات مستمرة لكسر وحدة القوى الثورية من قبل التسوية والسلطات الانقلابية، كيف ترى ذلك؟

في ظل تفاقم الصراع الطبقي والسياسي في المشهد العام، وفي ظل محاولات القوى الإمبريالية حماية مصالحها وتناغمها مع القوى المحلية ذات المصلحة المشتركة مع القوى العالمية والمحلية، وفي ظل هذا التململ والحراك وسط الجماهير في القواعد، ستظل السمة العامة هي تعميق التناقض بين الجماهير في قواعد الأحزاب السياسية التي تستمر قياداتها في التعامل الإيجابي مع التسوية السياسية، أو ما تسمية بـ “العملية السياسية” وفي ظل هذا الصراع تهتز المواقف وتتبدل المواقع، وبالتالي، تظهر خلافات وانشقاقات داخل هذه الأحزاب، وهذا الوضع يماثل ما تم في عام 2018 قبيل وأثناء المسيرة الثورية التي دشنتها الجماهير في ديسمبر.

هل تعني أن هناك صراعا داخل الأحزاب السياسية بين القواعد والقيادات؟

من الواضح أن هناك خلافات وتناقضات واضحة بين مصالح القيادات ومصالح القواعد، والشيء الذي يؤكد ذلك أنه بينما تنخرط القيادات في التسوية السياسية والتحالف والشراكة مع اللجنة الأمنية، وتنحني أمام ضغوطات الرباعية والثلاثية، وتستجيب لها، تقف الجماهير وتساهم، ليس فقط في المواكب الهادرة في الشوارع، إنما بانتظامها داخل لجان المقاومة.

 ما الذي يمكن أن تنتج عنه مثل هذه التناقضات؟

متى ما استطاعت القواعد أن تنتخب القيادات التي تعبر عنها، في تلك اللحظات، يمكن حل هذه التناقضات بشكل عام. الآن السودان يعيش فترة غليان ثوري حيث يتحول ميزان القوى يوميا، وفي هذا الوضع الثوري سينتصر من يملك البرنامج الذي يلبي مطامح الغالبية العظمى.

والذي يستيطع تنظيم هذه الجماهير حول ذلك البرنامج. المسألة الأساسية وما تواجهها الحركة الجماهيرية هي مسألة القيادة الواعية التي تخرج من داخل رحم الحركة الجماهيرية، مستندة إلى الفشل الذريع الذي الحقته القيادات التي تصطدت بعملية الحوار ومواجهة أعداء الثورة منذ أبريل 2019.

يقول البعض إن هناك تيار داخل الشيوعي يقبل بالتسوية، ما صحة ذلك؟

الحزب الشيوعي موحد في رأيه حول عملية التسوية، وكل عضويته رافضة ومؤمنة باللاءات الثلاث.. لكن قد تكون هناك اختلافات في وجهات النظر حول التكتيك وهذا أمر طبيعي.

وبشكل عام، الحزب الشيوعي موجود في المجتمع، وهو جزء لايتجزأ من الحركة الاجتماعية السياسية؛ فهو كما يؤثر في مجريات الأحداث باتجاه اقناع الآخرين بصحة خطه السياسية، قد يتأثر بعض أعضاء الحزب ببعض الأطروحات المتداولة والمناوئة، ولهذا من الطبيعي أن تكون هناك معارضة لخط الحزب ومواقفه من التسوية. في إطار الحزب، ومتي التزم العضو بدستوره، يمكن أن يعبر عن رأيه داخل الحزب، حتى وإن كان مخالفا لرأي الأغلبية العظمى.

تشهد البلاد موجة عنف متزايد، خاصة في جنوب دارفور، كيف يقرأ الشيوعي ذلك؟

نعم. تشهد ولاية جنوب دارفور موجة عنف جديدة تأججت بسبب صراعات أودت بحياة العشرات، وتأتي هذه الموجة من العنف كإعلان لفشل سلام المحاصصة في جوبا. ويؤكد ذلك تصريحات الوفد الحكومي الذي يزور الولاية، ما يؤكد أن السلطة ستلجأ إلى اتخاذ إجراءات لحسم التفلتات بعيدا عن وضع حلول للمشاكل المستعصية التي يعاني منها الإقليم منذ الاستقلال.. كما تعكس دوامة العنف مشاركة الدعم السريع في المذابح التي تمت.

في نفس الوقت ينفجر الوضع في شرق السودان من جراء سياسيات الطغمة الحاكمة. وتتحكم الإدارات الأهلية هناك في اغلاق خط بورتسودان الخرطوم، وبالتالي تسهم في تدهور الأحوال الاقتصادية.

لكن الجماهير، وعبر تنظيماتها من لجان المقاومة والقوى الحية، ردت عبر مواكبها الهادرة في 29/12/2022 في العاصمة دعما للمعتقلين، مؤكدة على استمرار الحراك الجماهيري. وتزامنت تلك المواكب مع مظاهرات طلاب الجامعات (جامعة الخرطوم والسودان) أمام وزارة التعليم العالي احتجاجا على زيادة الرسوم.

يتردد أن المواقف السياسية للحزب الشيوعي تتطابق مع أعداء الثورة. ما رأيك؟

من البديهي أن تحاول القوى المنخرطة في التسوية السياسية تشويه مواقف الشيوعي والهجوم عليه من جبهات متعددة، وهناك اتهامات كثيرة، ليست فقط على مواقف الحزب المعلنة، ولكن اتهامات بعض القيادات أن الحزب يعمل مع جماعة المؤتمر الوطني المحلول، وينسى هؤلاء تاريخ الشيوعي والعلاقات النضالية التي كانت تربط الحزب الشيوعي، قاعدة وقيادة، مع القوى الحية التي ثابرت على النضال ضد ديكتاتورية الإخوان المسلمين، منذ 30 يوليو 89. ونحن هنا لا نتكلم عن سجل الشيوعيين في مناهضة ديكتاتورية الإخوان المسملين؛ لأننا نعلم جيدا أن جماهير الأحزاب وبعض قيادات الأحزاب، ثابرت أيضا في النضال ودفعت الثمن، لكن الشيء الذي يميز الشيوعي هو استمرار وضوح موقفه منذ 30 يوينو وحتى الآن.

وفي الواقع، نحن لم نسع إلى لقاء ممثلي الإخوان في جيبوتي في فترة التسعينيات، ولم نخرج عن (التجمع الوطني الديمقراطي) في تلك الفترة، وثابرنا في النضال، وحاولنا بقدر الإمكان المحافظة على وحدة القوى الحية، ولكننا اصطدمنا كغيرنا بمواقف بعض الأحزاب والحركات المسلحة عندما سمعوا موقف الحكومة الألمانية التي اشترطت الانخراط في خارطة الطريق التي ابتدعها مندوب الاتحاد الإفريقي ثامبو امبيكي.

وبعد هذا التهديد تكون (الاجماع الوطني) هذا إلى جانب بداية الحراك في 2018 حيث شهدت الساحة السياسية تغيرات في المواقف، ونذكر على سبيل المثال الحوار الداخلي الذي أجرته قيادة المؤتمر السوداني وأعلنت بعد ذاك مشاركتها في انتخابات 2020.

المهم في الأمر نحن منذ التوقيع على وثقية البديل الديمقراطي والمواثيق الأخرى في بداية 2019 ظللنا ننادي بالحكم المدني الديمقراطي الكامل، ورفضنا بشكل واضح في إطار التحالف الموجود أي محاولة للشراكة مع اللجنة الأمنية، لكننا نقر ببعض أخطائنا، مثل قبولنا بالمشاركة في إطار الكتل داخل التحالفات العريضة مما أدى إلى طمس مواقف الحزب وفرض التزامه بموقف أغلبية أعضاء الكتلة، وظهر كأنما هناك تناقض في مواقف الحزب المعلنة عبر بيانتاته وتصريحات قياداته وموقفه داخل قوى الحرية والتغيير. هذه الازدواجية صححها الحزب في نوفمبر 2020 بانسحابه من قوى الحرية والتغيير، وقد تم ذلك بعد محاولات مضنية لإقناع القوى المتحالفة مع الحزب داخل قوى الاجماع الوطني بضرورة مراجعة العلاقة بين الشق المدني والمكون العسكري ورفض الشراكة.

كيف تجري الترتيبات للمؤتمر العام السابع؟

 من المتوقع أن تجري التحضيرات للمؤتمر السابع وقد وزعت وثائق المؤتمر داخل وخارج السودان، كما ستطرح هذه الوثائق داخل صحيفة الحزب الشيوعي للأصدقاء ومن المتوقع أثناء انعقاد الاجتماع القادم للجنة المركزية في منتصف يناير أن يحدد الاجتماع الموعد النهائي لانعقاد المؤتمر السابع.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *