صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

الاتفاق الإطاري: تجريب المجرب: طريق آخر من الضفة الاأخرى (١)

شارك هذه الصفحة

بعد استقلال السودان بعامين، قام رئيس الوزراء الراحل عبدالله خليل بتسليم السلطة إلى الجيش السوداني. الجيش الذي أنشأه المستعمر ليكون حاميا له كان مهيأ بتركيبته وقوانينه وقائده العام لهذا الدور. حمل اليسار القومي والشيوعي انقلاب 25 مايو للسلطة، وسارت الجبهة الإسلامية على الدرب. كلها كان هدفها حرق المراحل لتحقيق برنامجها الخاص.

الاتفاقات الإطارية التي تحاول إعادة الجيش إلى الثكنات وتحقيق دولة مدنية ديمقراطية ليست جديدة على السودان، وكلها فشلت في مقصدها ولم يتم إعادة الحيش إلى الثكنات إلا بثورة..

الاتفاق الأول كان بين الجبهة الوطنية (الأمة والاتحادي والجبهة الإسلامية) عام ١٩٧٧، ماعرف بـ (المصالحة الوطنية) وفشلت في تحقيق مرادها، وتمسك العسكر بالسلطة حتى اسقطتها انتفاضة أبريل.

الاتفاق الثاني كان بين انقلاب الإنقاذ ومجمل المعارضة من الحركة الشعبية وقوى التجمع الوطني الديمقراطي التي تحولت في واقعها إلى صفقة شمالية جنوبية، ومن ثم انفصال الجنوب وتشبث العسكر بالسلطة ومزيدا من الاستبداد والفساد والحروب الأهلية في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وانتهت في ٦ أبريل بسقوط رأس نظام الإنقاذ ومجيء اللجنة الأمنية، وانتهت الاتفاقات إلى تحكم الجيش الذي لم يغادر السلطة.

رغم وجود ٦ أعضاء زادوا إلى  ٩ مدنيين و١٨ وزيرا مدنيا فقد سيطر على المشهد التشريعي خماسية اللجنة الأمنية، ونفذت كامل خططها.

مع تصاعد الثورة وبدء مشوار التخلص من العسكر والمدنيين البائسين في ٢١ أكتوبر ٢٠٢١ صعد العسكر إلى لسلطة بشكل كامل في انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١.

يعقد المشهد غير شهوة العسكر في السلطة ومصالحهم المالية المرتبطة بها، الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبوها والرعب الذي سكنهم من مبدأ المحاسبة وعدم الافلات من العقاب.

نفس من كانوا ابطال الاتفاقات الخائبة والدول الإقليمية حسب قوتها في كل مرحلة والقوى الدولية هي من تريد انجاز الاتفاق الإطاري. لكنها الآن متشرذمة وتعاني من تداعيات الثورة والثوار داخل كل مجموعة، انقسامات الأحزاب بين النموذج القديم في القيادة وشبابها المنخرط في الثورة، تضارب مصالح بين القوى الإقليمية والدولية.

هذه المقالات ستأتي متسلسلة لتحاول أن تخرج من هذا النفق الضيق وتقديم نموذج جديد من ضفة الثورة، تعتمد حشد موارد الثورة والانطلاق بها لتحقيق تطلعات الشعب في حياة كريمة وتأسيس دولة المستقبل.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *