صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

في التخلق الثاني .. التفكيك يفرض سيطرته من جديد  

شارك هذه الصفحة

يتجاوز التمسك بتفكيك نظام الثلاثين من يونيو (89) أي خلاف بين مكونات الثورة، وتلقى الللجنة التي جمد عملها انقلاب (25) أكتوبر حظا واسعا من التأييد. فمنذ انطلاق مداولات عودة لجنة تفكيك التمكين ضمن (العملية النهائية) لاتفاق سياسي ينتظر منه أن يقود إلى حكم مدني جديد، ظلت أجندة التفكيك تفرض سيطرتها على المشهد السياسي، ومنحت العملية السياسية المتحفظ عليها من جانب قوى ثورة بينما تؤيدها أخرى حيوية وجدية، فوق أنها اجتذبت مشاركات دولية وإقليمية استعرضت تجاربها مع تفكيك الأنظمة الديكتاتورية والشمولية.

وعلى مدى أربعة أيام متتالية فإن العشرات من الخبراء والمناقشين والسياسيين وقادة لجنة التفكيك السابقين استعرضوا إمكانية استئناف العملية التي يرجح أن تنطلق في غضون اليومين المقبلين لتمتص تمدد الدولة العميقة ومجموعات المصالح والانتهازية السياسية، وأن توقف عودتهم لمشهد افتقدوا المشاركة فيه منذ انطلاقة ثورة ديسمبر وسقوط نظام الإنقاذ الذي ظلوا يعتاشون عليه.

وبخطوات جدية جرى النقاش حول إشراك المواطنين عبر توفير أدوات الاتصال للإدلاء بالمعلومات التي تساعد على إنفاذ التفكيك وإزالة التمكين.

وعرضت رئيسة المفوضية الوطنية الكينية لحقوق الإنسان، روزالين أوديدي، تجربة كينية مماثلة لتفكيك التمكين ومحاربة الفساد. وأكدت روزالين أن القضاة نفسه خضع للفحص كجزء من التفكيك والعدالة الانتقالية، وقالت إن تجربتهم في الختام “نجحت وفتحت الطريق أمام التحول الديمقراطي في كينيا”. وأثر ذلك تم مناقشة إشراك القضاء من عدمه في تفكيك التمكين، وكيف أن القضاء في السودان سيكون غير قادر إذا كانت التشريعات غير كافية لمساعدته.

ومن الأوراق التي تم تقديمها ومساهمات الأحزاب السياسية التي تضطلع بالاتفاق السياسي الإطاري فإن إزالة سيطرة نظام الإخوان المسلمين تظل هي الأولوية، وقطع جذورها التي تغذي استمرار حكم الناظم المستبدة وتضمن لها امتيازاتها.

إن العهدة الجديدة التي تظهر بها لجنة تفكيك نظام الانقاذ تبدو أكثر حبكة وخبرة، صحيح ومن المداولات فإن طواقم المتطوعين مازالوا يضطلعون بمهام إعداد الأوراق ويستعدون بالتالي لجولة جديدة، إلا أن التفكيك فتقد هذه المرة قيادتها التاريخية والثورية أمثال محمد الفكي سليمان عضو مجلس السيادة ورئيسها المناوب السابق، الذي قطع في كلمته بافتتاح المداولات بأنه لن يكون ضمن إدارة اللجنة، أو حتى زملائه السابقين أمثال وجدي صالح المحامي.

لكن، ومع ذلك، فإن نظام التفكيك المستمد من شعارات ثورة ديسمبر لن يعدم قيادة جديدة ستتمكن من الإمساك بدفة العمل، خاصة وأن هنالك شباب من الثوريين عملوا في اللجنة طوال فترتها السابقة، وهم على دراية بكل تفاصيلها وملفاتها.

بانتهاء مداولات مؤتمر عودة لجنة إزالة التمكين “الخميس” فإن الانظار تتجه مباشرة نحو الهياكل المقترحة لاستئناف عمل اللجنة المجمدة بواسطة سلطة انقلاب (25) أكتوبر، وما يمكن أن تسفر عنه من حيث تعيين مهام جديدة للجنة وانخراطها في عمل إزالة تمكين نظام الإخوان المسلمين.

والتفكيك كعملية سياسية فإنه لاقى تأييدا ومساهمات فاعلة من الأحزاب السياسية المنخرطة في الاتفاق السياسي الإاطاري على وجه الخصوص، فحزب الأمة القومي يرى أن قضية تفكيك نظام الثلاثين من يونيو قضية جوهرية تهدف إلى تحرير الوطن من العقلية الاستبدادية والتمكينية وأبعادها الايدلوجية، ووقف التخريب الذي أصاب السودان بسبب التمكين ووضع أسس التحول نحو الديمقراطية والحكم الرشيد.

ويرى حزب الأمة القومي إلى أن ثمة قضايا لا تحتمل التأخير وتشكل خطرا على الثورة، مثل إعفاء المسؤوليين التنفيذيين الذين أتى بهم التمكين ومازالوا في المؤسسات والشركات الحكومية، وتلك التي تتبع لأي من أجهزة الدولة السابقة، والذين تمت إعادتهم من جديد بعد انقلاب 25 أكتوبر، وكذلك التحقيق الفوري مع من تدور حولهم الشبهات وتقديمهم لمحاكمات عادلة، فضلا عن التحفظ على المفسدين والمجرمين وحظرهم من السفر وحجز أموالهم، والتصفية الكاملة للأجهزة الموازية والتحفظ على الممتلكات الخاصة بها، ومراجعة شاملة وتصفية أذرع التمكين في وزارة الخارجية ووزارة المالية والأجهزة العدلية والنظامية، وتطهير حكومات الولايات بصورة كاملة.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *