صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

حراس الثورة السودانية وحارساتها

شارك هذه الصفحة

بالنسبة للثائرين، روح ناصر وخالد يس، كان نظام الإنقاذ وحزبه المؤتمر الوطني المحلول قد سقطا منذ حريق الثوار لمبنى الحزب بمدينة عطبرة في ١٩ ديسمبر، ومن بعد ذلك شارك روح وخالد في أغلب المواكب ضد نظام الإنقاذ طلبا لما هو أكبر لبلديهما، وقال خالد: “من يوم الحريق في عطبرة كنّا نفكر في ما بعد نظام البشير”، فيما قالت روح ناصر “لو كانت القوى السياسية بمستوى روح الشباب لحققنا ماهو أعظم عبر الثورة”.

وكان خالد يس وروح ناصر قد وثقت لهما صورة ملهمة وهما يشاركان في موكب من المواكب المتعددة المطالبة بإسقاط النظام.

كان خالد في الصورة يجثو على ركبتيه لتتسلقه روح حتى تتمكن من مغادرة المكان المحاط بسيارات الشرطة والأمن.

خلال ثلاثين سنة ماضية، حرص نظام الإنقاذ على تجريم خصومه ومنتقديه وإدانتهم أخلاقيا بوصفهم “بعيدين عن القيم السودانية”؛ لكن جيلا جديدا في البلاد أبطل هذا المفعول من خلال ثورة شعبية استمرت في الشوارع لأكثر من ٧ أشهر، ثم امتدت الشهور لتصبح أعواما.

وفي غمرة البطش الذي صاحب الثورة كان الشاب خالد يس والشابة روح ناصر هما التجسيد الواضح لحالة التضامن السودانية، حيث التقط لهما مصور هاو صورة  ملهمة بواسطة الهاتف الجوال وهما يشاركان في موكب من المواكب المتعددة المطالبة بإسقاط  نظام الإنقاذ.

في الصورة كان خالد يجثو على ركبتيه لتتسلق روح ظهره وتتمكن من مغادرة المكان المحاط بسيارات الشرطة والأمن.

بينما كان خالد يشارك في المواكب من موقعه المستقل عن أي تنظيم حزبي، كانت روح منخرطة في تنظيم غير معلن اسمه (حارسات الثورة) نظمنه مجموعة من النساء والفتيات بالخرطوم ليكون رديفا خفيا لمواكب تجمع المهنيين السودانيين وقتئذ.

يقول خالد لـ  (الحداثة) “اعتقلت بعد لحظات من مغادرة روح، وبعد خروجي من المعتقل، فوجئت أن أحدهم التقط لي صورة وأنا أساعد شابة ثائرة لا أعرفها من قبل ولا تعرفني… شعرت بالفخر، لكن في نهاية الأمر كنت أفعل ما أراه الواجب”.

في ذلك اليوم الذي صادف ٢٥ ديسمبر، كان تجمع المهنيين السودانيين دعا لأول مواكبه ضد نظام الإنقاذ، انطلاقا من ميدان أبو جنزير وسط سوق الخرطوم، فشارك الشاب خالد ضمن الآلاف لكن مشاركته انتهت به معتقلا لدى جهاز الأمن والمخابرات؛ حيث لم يتمكن من مغادرة المكان بعد أن ساعد روح في الفرار من الاعتقال والضرب.

يقول خالد “بعد مغادرة روح ورفيقاتها تسلقت الحائط القريب لكن تم توقيفي وأنا في تلك الوضيعة.. وكانت المقاومة مستحيلة”.

وتقول روح، “فاجأني خالد بتصرفه، لم أكن أتوقع من شاب لا أعرفه أن يحملني على ظهره لأنجو من كمين الموت والبنبان الذي نصب لنا جميعا”.

وحين كنّا نجلس معا لنسترجع تلك اللحظات كان كل من خالد وروح يشيران إلى أن السودان ودع عهدا من الظلم والقهر والاستبداد والدكتاتورية الأحادية والعنصرية في أبغض تجلياتها.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *