صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

تفكيك النظام البائد.. عملية جديدة وستستمر

شارك هذه الصفحة

تحولت القوى المدنية الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري نحو مربع سياسي جديد بينما كانت تختتم الفعالية الأولى للقضايا التي سينتهي التداول حولها بالتوقيع على الاتفاق النهائي، وهي عودة لجنة تفكيك نظام الانقاذ، وتمكنت أيضا من مسرحة العملية السياسية بطابع تشاركي سياسي شعبي وهي تستعرض القضية الأهم والمتعلقة بتفكيك نظام سياسي استبدادي، وتتلمس بذلك تعاطفا مؤكدا وتأييدا عبر عنه الناطق الرسمي باسم العملية السياسية النهائية المهندس خالد عمر يوسف في مؤتمر صحفي، الخميس، بأن “النقاش حول استعادة عملية التفكيك وسع من حجم المشاركة.

كانت لجنة تفكيك التمكين واحدة من أهم المؤسسات الرئيسية للفترة الانتقالية التي أعقبت النجاح الأولي لثورة ديسمبر، ومعنية بشكل واضح بتفكيك هياكل السلطة التي تم تكوينها بعد مجيء عمر البشير للسلطة بانقلاب يونيو 1989 عبر لمحسوبية هي الأوسع نطاقا، تم إنشائها للحفاظ على ثلاثين سنة من حكم الإخوان المسلمين.

لكن ربكة ما، شابت طرح وتلاوة التوصيات الختامية لورشة التفكيك المنعقدة بقاعة الصداقة، فبينما كان الناس ينتظرون الكشف عنها بشكل المخرجات المعهود، وربما كانوا يتوقون أكثر لتتحدث عن تفاصيل عملية وقابلة للتحقق في ظل التشكيك المستمر على العملية السياسية برمتها، جاءت بجمل فضفاضة زادت من الغموض والسرية التي ظلت ترافق كل خطوات العملية السياسية الراهنة، وإن كان الناطق الرسمي خالد يوسف قد أشار إلى أنها ستحال للجنة صياغة من القوى الموقعة على الاتفاق، لكنه أكد أنها تحدثت عن قضايا التشريع والتكوين والهياكل وتضمينها في الترتيبات الدستورية المقبلة، فضلا تثبيت أسس التفكيك وفق المعايير الدولية، واستمرار التفكيك والاسترداد وفق استراتيجية وهيكل جديد وضرورة دعمه سياسيا وفق ميثاق وطني، ليتحقق التفكيك بكل أبعاده الفكرية والثقافية من أجل بناء ديمقراطي، وأن التوصيات أيضا أشارت إلى ضرورة التفكيك داخل الأجهزة العدلية والعسكرية من كل أشكال الوجود الحزبي داخل الأجهزة النظامية وضمان حرية التعبير وحق التظاهر ورفض التخويف والحد من الحريات، بما فيه العنف ضد النساء، وبناء عقد اجتماعي جديد.

صحيح قد يبدو وجيها أن توصيات التفكيك جاءت بشكل خام سيتحول إلة نصوص وخارطة طريق ومقترحات لتعديل القانون كما أشار يوسف، لكن المشفقين أيضا كانوا يأملون أن تنتهي الورشة لتوصيات تبني من خلالها الثقة لكل من يتشكك في قدرة خطوات العملية السياسية الجارية الآن من بلوغ أهدافها، وفي قضية مهمة مثل إزالة آثار وخراب نظام الانقاذ، ولن يكون مفاجئا أيضا للكثيرين أن تأييدا غير معلن تحظى به أولى قضايا الاتفاق الإطاري، لكن ما يمنع الافصاح عنه مغبة أن يتعرض لتسويف ومماطلة وتدخلات وإلغاء لقراراته مثلما حدث في انقلاب (25) أكتوبر، رغم أن الاتفاق الإطاري نص على مراجعة قراراته صراحة بينما لا يزال الانقلاب يستصدر قراراته في تمكين عناصر النظام البائد- حتى أثناء انعقاد ورشة التفكيك– وتعيينهم ضمن مجالس أمناء جامعات سودانية.

وقد يكون لائقا بالنسبة لحملة الاتفاق السياسي الإطاري أن ينظرون لما أسموها بالتحفظات الإيجابية للقوى الثورية الرافضة لخطوتهم في الانخراط سياسيا مع مكون الانقلاب العسكري في تفاهمات تنتهي بإنهاء الانقلاب، لكن جزءا من قوى الشارع يبدو أنها مصممة على إنهاء الانقلاب بذات الوسائل التي اسقطت بها نظام الإنقاذ المباد، وما لاتأبه له طلائع الاتفاق السياسي الإطاري تحركات فلول النظام السابق، التي يرى الناطق الرسمي باسم العملية السياسية إنها تراهن بالعودة لما قبل 11 أابريل 2019 وهو تاريخ سقوط الإنقاذ، ويمعن في السخرية من ذلك بقوله: “نحن لا نمنع الناس أحلامهم، لكنها أمنيات بلا سيقان ولن يكتب لها الحياة”.

ومن أسئلة الصحفيين التي بدأت منزعجة إزاء حركة الفلول وما قد تتعرض له العملية لانهيار حال لم يلتزم الجانب العسكري المتعاطف معهم، وتدخلات الجانب المصري بالإرباك عبر طرح رؤية جديدة ربما تنسف ما يجري الآن، فان الناطق الرسمي خالد يوسف أقر بأنها تمثل مهددات فعلية لاستعادة الديمقراطية، ومن جانب آخر فقد أشار إلى لقاء جمعه بالسفير المصري في الخرطوم أكد فيه الأخير أنهم يؤيدون الاتفاق السياسي الإطاري، ولا يطرحون عملية بديلة له، وهو ذات الرأي الذي تمسكت به قوى الحرية والتغيير، وبالتوازي حسب رأيه تعمل لجان سياسية لمقترحات تكوين الهياكل ومؤسسات الانتقال المدني القادمة مع استكمال قضايا الاتفاق لتقطع الطريق أمام أي مهددات وتتفادى استنزاف الزمن في عملية واحدة.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *