صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

الخرطوم..قادة الانقلاب تجاهلوا 34طلبا من المحكمة الجنائية

مدعي المحكمة الجنائية الدولية

مدعي المحكمة الجنائية الدولية

شارك هذه الصفحة

أبلغ مدعي المحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، مجلس الأمن عن عدم تعاون الحكومة السودانية مع المحكمة، وقال إنها لم تقدم التسهيلات اللازمة لمكتبه في السودان، وذكر أن الوصول إلى الوثائق المتعلقة بالتحقيقات ليس يسيرا، بعد أن أخطروا الحكومة السودانية عن توصلهم إلى وقائع ومعلومات تعزز من وقائع الاتهام ضد المخلوع عمر البشير وآخرين عبر دولة ثالثة.

وذكر خان أن مكتب الجنائية في الخرطوم دفع بـ34 طلبا تتعلق بمقابلة الشهود والوصول للمعلومات والأدلة إلا أن السلطات السودانية تجاهلتها.

وكانت المحكمة الجنائية الدولية أصدرت أوامر توقيف بحق الرئيس السابق عمر البشير ووزير الداخلية السابق عبد الرحيم محمد حسين، ومحافظ جنوب كردفان السابق أحمد هارون، وثلاثتهم محتجزين في السجون السودانية، أما الشخص الرابع فهو عبد الله بندة، القائد السابق في حركة العدل والمساواة الذي لا يزال طليقا.

وعلى الرغم من التعهدات المعلنة أثناء زيارته الأخيرة للسودان في أغسطس من العام الماضي، إلا أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أفاد بأن الوصول إلى السودان أصبح أكثر صعوبة.

وأشار إلى مواصلة فرض القيود على الوصول إلى الوثائق والشهود. وقال إن الإنشاء الرسمي لمكتب المحكمة الجنائية الدولية في الخرطوم مازال رهن الموافقة.

وأكد كريم خان في احاطته مجلس الأمن في الخامس والعشرين من يناير الماضي، أن أي شخص يسعى لإحباط عمل المحكمة من خلال عدم التعاون معها، لن ينجح. وأضاف “لذلك حاولنا بأقصى ما يمكن بناء شراكات جديدة، والتوجه إلى دول ثالثة والمنظمات الدولية لتعزيز قاعدة الأدلة من مختلف المصادر الأخرى. ويسعدني أن أقول إننا، خلال الفترة التي يغطيها تقريري، تمكنا بشكل كبير من تعزيز ذلك التعاون الذي يؤتي ثماره”.

من جهته، اعتبر الممثل الدائم للسودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث محمد أن التحديات التي يتحدث عنها المدعي العام في تقريره فيما يتعلق بتعاون السودان مع مكتبه ناتجة بشكل رئيسي عن الظروف الراهنة في البلاد والتحديات المرتبطة بالمرحلة الانتقالية الاستثنائية، معربا عن ثقته في أن استئناف الانتقال الديمقراطي عما قريب وتشكيل الحكومة المدنية، سينعكس بشكل إيجابي على التعاون مع المحكمة.

في الواقع فإن إعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية، كريم خان، عن عدم تعاون السلطات السودانية في قضية المطلوبين وتسليهم لم يكن مفاجئا، فتصريحاته السابقة حول الشراكة مع الحكومة السودانية في تحقيق العدالة كانت مجرد أمل في إحراز تقدم نحو تحقيق الاستقرار وسيادة القانون.

وسبق أن أبدى قانويون لكريم خان أثناء زيارته للخرطوم عن عدم ثقتهم في تصريحات قادة الانقلاب العسكري في السودان، وقالوا إنها متخبطة، وطابعها الإنفعال باللحظة، وأشاروا إلى الجرائم والفظائع التي وقعت بعد الانقلاب في حق المدنين.

 ويرى قانونيون أن قادة الانقلاب في السودان عادة ما يتسترون خلف شعارات مخادعة، يحاولون من خلالها كسب التعاطف مع الرأي المحلي، حين يرفعون شعار حماية السيادة الوطنية.

وبالنسبة للمدافع عن حقوق الإنسان صالح محمود المحامي فإن مثل هذه التعهدات عادة ما يكذبها الواقع، لعدم وجود أي فرصة في المحاكم السودانية لمحاكمة مرتكبي الجرائم الجنائية لجهة أنها غير مختصة كما يخلو قانون الجنايات السوداني من النصوص التي تتعلق بالجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وجرائم الإبادة الجماعية.

ويؤكد محمود على أن تحقيق العدالة لن يكون فجرا كاذبا كما يعتقد الممسكون بالسلطة في السودان، وأن أهالي دارفور لن ينسوا ما ارتكب في حقهم من جرائم وانتهاكات، وقال إن قضية دارفور لن تكون بلا نهاية، مشيرا إلى أن تحقيق العدالة في مثل هذه القضايا من شأنه أن يدفع بالاستقرار والسلام في السودان كما يثبت أركان العدالة.

 ولفت محمود إلى أن مساءلة ومحاكمة المطلوبين استغرت وقتا طويلا ما سبب حالات من الإحباط لدى الضحايا، ولمسؤولين في المحكمة الجنائية أيضا؛ فقد سبق وأن صرح كريم خان بذلك حين قال “نحن نشارك الضحايا حالة الإحباط التي يشعرون بها؛ لأن جهودنا استغرقت زمنا طويلا”، لكنه عاد وقال: “سنظل ملتزمون بالمساءلة عن الجرائم وهذه القناعة لن تتزعزع”، ونبه إلى ضرورة الامتثال للقانون الدولي، وذكر أن الإفلات من العقاب يدفع إلى تكرار الجرائم.

وفي أغسطس من العام الماضي سجل المدعي العام للمحكمة الجنائية كريم خان زيارة إلى السودان وعقد اجتماعات مع قادة الانقلاب، عبدالفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو، وأكدا على تعاونهم في تسليم المطلوبين وتسهيل عمل مكتبه في الخرطوم، ونشر عدد من المحققين والمحامين، هذا إلى جانب منح تأشيرات دخول متعددة للسماح للمكتب بالحفاظ على الوجود المستمر في السودان؛ وكذلك الوصول إلى الوثائق في السودان ذات الصلة بالتحقيقات، إلا أن قادة الانقلاب نسفا كل تعهدتهما؛ لأن ملفهم مليئ بالانتهاكات وارتكاب الفظائع.

وتبقى الحقيقة المؤكدة أن دورة العنف في دارفور وشبح الجرائم مازال مستمرا؛ لأن العدالة والمساءلة لم تتحققا، ويتوقع محمود اتساع دائرة العنف والجرائم بسبب الإفلات من العقاب وسيشهد الإقليم دورات أكثر عنفا ودموية في حال عدم تطبيق العدالة وتسليم المطلوبين.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *