صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

السودان.. لمن يوجه قادة الانقلاب أسهم التخويف؟

متظاهرون أمام القيادة العامة-ارشيف

متظاهرون أمام القيادة العامة-ارشيف

شارك هذه الصفحة

بعد مرور 16 شهرا، على تنفيذه، لا يزال قادة انقلاب 25 أكتوبر 2021م، يحكمون قبضتهم على مفاصل البلاد وشأنها السياسي والاقتصادي، بينما تجري محاولات حثيثة منهم لتجديد انقلابهم بنحو ما، أو إحلاله بآخر، معززين بذلك تاريخا من الانقلابات العسكرية في القارة الإفريقية، التي لم تجد فيها الديمقراطيات فسحة لمجرد التثاؤب أو تنفس الصعداء، ناهيك عن الاستدامة، وفي السودان الذي أنهكته عبر تاريخه أكثر من خمسة عقود من الحكم الشمولي، فما الذي يعتمل في صفوف العسكر؟

في 25 أكتوبر 2021م، أعلن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان حل مجلسي السيادة والوزراء وفرض حالة الطوارئء في البلاد، وأودع رئيس الحكومة الانتقالية عبدالله حمدوك وأعضاء المكون المدني المعتقلات، لكن الانقلاب واجه، منذ ساعاته الأولى وعلى مدى أكثر من عام، مقاومة شرسة، لم يتمكن معها تحقيق أحلامه بتغيير خاطف لقواعد اللعبة.

أدى الانقلاب إلى تدهور مريع في كل أوجه الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ما دفع بأحد عرابيه (محمد حمدان دقلو) إلى الإقرار بفشله بعد أشهر، ثم الإقرار بخطأ الخطوة في فبراير الحالي، وإعلان التوبة عنه.

وبسبب الانقلاب أيضا فقد السودان علاقات بناها عبر عقود من الزمان، فقد استُبعِد مطلع الأسبوع الماضي، من حضور القمة الـ36 للاتحاد الإفريقي، إلى جانب مالي وغينيا وبوركينا فاسو التي شهدت أيضا انقلابات عسكرية.

وعلق الاتحاد الإفريقي عضوية مالي وغينيا والسودان عام 2021، ثم ألحق بهم بوركينا فاسو بعد عام، على خلفية استيلاء الجيش على السلطة. كما استبعد الرئيس الأميركي، جو بايدن، الدول الأربعة من القمة الأمريكية- الإفريقية التي التأمت في ديسمبر الماضي.

العودة إلى النظام الدستوري يتوقع حدوثه في العام 2024 في مالي وبوركينا فاسو، والعام 2025 في غينيا، بحسب تعهدات قطعها قادة الانقلابات بهذه البلدان، في حين يراوغ قادة الانقلاب في السودان، بتعبيرات سياسية مبنية على كثير من التأويلات ما يجعل الخطوة غير معلومة حتى الآن ولو تقريبا.

في واقع الأمر فإن إقرار قائد قوات الدعم السريع بفشل الانقلاب والمجاهرة بخطأه، هو ما أثار حفيظة البرهان وجعله يحاول افتعال معارك غير حقيقية تكسبه الوقت اللازم لتنفيذ أمر ما، فالخلاف المعلن حاليا بشأن دمج قوات الدعم السريع في غير محله، فقد نص الاتفاق السياسي الإطاري الموقع بينهم وقوى الحرية والتغيير (5 ديسمبر الماضي) على هذه المسألة بوضوح.

ينص الاتفاق في البند المتعلق بـ”قوات الدعم السريع”، على أنه: “ضمن خطة الإصلاح الأمني والعسكري والذي يقود إلى جيش مهني قومي واحد يتم دمج الدعم السريع في القوات المسلحة وفق الجداول الزمنية المتفق عليها”.

في خطابه الأحد الماضي، قال قائد هذه القوات، محمد حمدان دقلو نصا: “إننا في قوات الدعم السريع ملتزمين بما ورد في الاتفاق الإطاري بخصوص مبدأ الجيش الواحد وفق جداول زمنية يتفق عليها. كما إننا ملتزمون بصدق بالانخراط في عمليات الإصلاح الأمني والعسكري”.

مع ذلك، يكرس قائد الانقلاب عبد الفتاح البرهان، وعضوا مجلس السيادة، ياسر العطا، وشمس الدين كباشي، حديثا مطولا عن دمج قوات الدعم السريع، وتصوير الأمر بأنه خلاف قد يؤدي إلى تصادم عسكري، فلمن توجه أسهم هذا التخويف؟

رغم تعهد القادة العسكريين بالخروج عن العملية العسكرية وتركها للمدنيين، لترتيب أمر حكومتهم الانتقالية، إلا أنهم لا يزالوا يخوضون في وحل السياسية وملء شواغر ساحتها، وهو ما يعني أنهم يحركون مياها تحت جسر ما، للإبقاء على انقلابهم حيا.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *