صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

جدلٌ لتأكيد المؤكد.. ما مصير قوات الدعم السريع؟

شارك هذه الصفحة

يكافح تحالف قوى الحرية والتغيير في السودان من أجل تنفيذ رؤى الاتفاق السياسي الإطاري الموقع مع قادة الانقلاب في الخامس ديسمبر من العام المنصرم، بينما يظهر قادة الانقلاب عدم حرصهم على الاتفاق ويطلبون مزيدا من التنازلات.

وبعد موجة من التصريحات التي تنتقد عدم شمول الاتفاق السياسي الإطاري لكل القوى التي تتحرك في الساحة، ومزاعم بسعي قوى الحرية والتغيير لتجييره لصالح الانفراد بتشكيل مؤسسات الانتقال ومستقبل البلاد، رهن الأسبوع الماضي قائد الانقلاب عبد الفتاح البرهان، التوقيع على الاتفاق النهائي بالاتفاق على دمج قوات الدعم السريع والحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية سلام جوبا في الجيش، وفق جداول زمنية محددة.

وبما يشبه وضع العقدة في المنشار، عاد أمس السبت عضو المجلس الانقلابي ياسر العطا ليجدد تمسكهم بعملية الدمج، وحذر من خطورة عدم وجود جيش واحد على بقاء الدولة.

تصريحات العطا التي حاولت مغازلة ثوار ديسمبر أصبحت مادة للسخرية في الوسائط بسبب الإصرار المفاجئ لقادة الانقلاب على سرعة حسم قضية الجيش الواحد، بعدما سكت جنرالات الجيش عنها طوال السنوات الخمس الماضية.

سؤال الدوافع وسر التوقيت أصبح موضع النظر الأكبر لدى الشارع المنقسم حول الاتفاق السياسي الإطاري، لكنه موحد خلف مطلب الجيش الوطني المهني الواحد.

وبدا للمراقبين أن هدف هذه الجملة الإعلامية ليس حسم أحد مطلوبات ديسمبر، وإنما إيقاف التقدم في عملية تنفيذ الاتفاق السياسي الإطاري المفضي، بحسب ما اتفقت عليه الأطراف الموقعة، إلى اتفاق نهائي يسلم السلطة للمدنيين وينظم خروج الجيش من السياسية. وهو الاتفاق الذي يجد التأييد من قائد قوات الدعم السريع، على العكس من تردد قادة الانقلاب.

على الجبهة الأخرى، تتعامل قوى الحرية والتغيير بحذر كبير مع هذا التطور، ربما خشية من اتساع شقة الخلافات ودخول أطراف أخرى لنسف التفاهمات بين الطرفين التي قام على أساسها الاتفاق.

بالسبت أيضا قال رئيس الحركة الشعبية التيار الثوري، ياسر عرمان، إن إلغاء الاتفاق السياسي الإطاري “سيجرنا إلى المعادلة الصفرية”.

ويؤكد الاتفاق على جيش مهني قومي واحد ملتزم بالعقيدة العسكرية الموحدة وقائم بواجباته في حماية حدود الوطن والدفاع عن الحكم المدني الديمقراطي.

ويتصمن بندا بشأن وضع قوات الدعم السريع، ودمجه في القوات المسلحة، بجانب (حركات الكفاح المسلح)، ضمن خطة الإصلاح الأمني والعسكري الذي يقود إلى جيش مهني قومي واحد وفق الجداول الزمنية المتفق عليها.

ومن المقرر، وفق نصوص الاتفاق، عقد ورشة لمناقشة خطة الإصلاح الأمني والعسكري، بما يتضمن كيفية معالجة أوضاع قوات الدعم السريع والحركات التي تحمل السلاح.

عرمان أوضح أن هذا الاتفاق يشكل الأجندة بين العسكريين وبعضهم، وبين المدنيين والعسكريين، والعسكريين والمجتمع الدولي، لذا فهو الحل الأفضل الآن الذي يحافظ على تماسك السودان واستقراره.

وقال إن القوى التي تسعى للتحول المدني الديمقراطي، جميعها قوى جذرية، ولكن منها ما يهدف إلى كسب المعركة بالضربة القاضية، ومن يهدف لكسبها بالنقاط.

وبينما تراهن قوى الحرية والتغيير على ورشة الإصلاح الأمني والعسكري التي نص عليها الاتفاق في التعامل مع هذا التطور في موقف الجنرالات، يدفع الخوف على الاتفاق بعض القيادات السياسية إلى دعوة التحالف التوسط بين الجنرالات وقوات الدعم السريع.

وتعد تصريحات لنائب رئيس حزب الأمة القومي، إبراهيم الأمين، عن هذا الاتجاه، إذ دعا قوى الحرية والتغيير إلى التحرك بين الجيش وقوات الدعم السريع، وحذر من خطر الصدام المسلح على البلاد.

ويفاقم من هذه المخاوف، محاولات متسارعة لتجييش الشارع السوداني، من خلال أذرع قبلية ومناطقية مسلحة تتبنى خطابات تحشيد ضد الاتفاق السياسي الإطاري وبرنامج الانتقال نفسه، في ظل صمت مطبق من السلطات الأمنية.

قضية الجيش الواحد، تبعا لمراقبين، أصبحت منصة للاستقطاب بين أطراف مختلفة لأهداف مختلفة، بعضها يعود للتحالفات التي تسيطر على المشهد، وربما رغبة قادة الانقلاب في عدم الاستمرار في العملية السياسية وتسليم السلطة للمدنيين، ما ساهم في إخراجها من سياق تنفيذ برنامج الانتقال المدني الديمقراطي، الذي تطالب به جميع قوى ثورة ديسمبر، ويشمل أيضا تفكيك تمكين النظام البائد في أجهزة الدولة عموما، وبنيته في الأجهزة العسكرية والأمنية على وجه الخصوص.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *