صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

السودان.. لا تزال حالة حقوق الإنسان “مثيرة للقلق”، كيف؟

غوتيرش

غوتيرش

شارك هذه الصفحة

أظهرت الطريقة والآلية والتوقيت الذي اغتيل فيه المتظاهر سلميًا إبراهيم مجذوب إبراهيم (17) عاما، في مواكب 28 فبراير الماضي، بشرق النيل، تحديًا بينًا من السلطات الانقلابية لقضايا حقوق الإنسان في البلاد، فقد تزامنت الجريمة التي وجدت استنكارًا واسعًا مع خطاب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أمام مجلس الأمن الدولي عن الحالة في السودان، وكذلك، مع انعقاد مجلس حقوق الإنسان بجنيف الذي يشارك فيه وزير العدل السوداني، محمد سعيد الحلو،  كما تزامنت مع تصريحات رسمية بالخرطوم عن قرب العملية السياسية من نهاياتها، فكيف تبدو الأوضاع الحقوقية في السودان؟  

من نيويورك، رسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش،  صورة قاتمة لأوضاع حقوق الإنسان في  السودان، بعد 16 شهرًا على انقلاب 25 أكتوبر، ملقيًا بإشاراته إلى مجلس حقوق الإنسان بجنيف، المنعقد في دورته الـ52 وتشكل حالة حقوق الإنسان في السودان أبرز ملفاته.

قال الأمين العام للأمم المتحدة أمام مجلس الأمن الدولي: “لا تزال حالة حقوق الإنسان في السودان مثيرة للقلق”، مفصلًا في تقرير أخير بتاريخ 28 فبراير المنصرم، نشرته بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال في السودان، “يونتاميس”، على موقعها أمس السبت، بأن بعثة “يونيتامس” وثقت 72 حادثًا خلال الفترة من 21 نوفمبر 2022 إلى 18 فبراير الماضي، تم خلالها ارتكاب انتهاكات وتجاوزات لحقوق الإنسان، طالت 316 شخصًا، بينهم 21 طفلًا.

وبحسب تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، فإن الانتهاكات والتجاوزات بشأن حقوق الإنسان التي وثقتها “يونيتامس” تقع المسؤولية عن 15 حادثًا منها –طالت 66 ضحية– على عاتق قوات الأمن الحكومية، فيما تقع المسؤولية عن 52 حادثًا –طالت 236 ضحية–على جماعات مسلحة غير تابعة للدولة، بما في ذلك الحركات المسلحة وجماعات المليشيات.

وطبقًا للتقرير بلغ عدد ضحايا الحق في الحياة –خلال الفترة التي يغطيها التقرير–135 شخصًا، فيما بلغ ضحايا انتهاكات السلامة البدنية 141 شخصًا، بينما بلغ ضحايا العنف الجنسي والجنساني 17 ضحية، والاعتداء الجسدي 14 شخصًا .

أشار تقرير الأمين العام للأمم المتحدة إلى عدم إحراز أي تقدم في مجال إصلاح العدالة، كما أشار إلى توثيق 6 أعمال عنف جنسي ضد النساء من مخيمات النازحين، وكذلك رصد 13 حالة انتهاكات جسيمة ضد الأطفال، بينما تعرض 11 طفل للتشويه وقتل إثنان على أيدي مجهولي الهوية بدارفور.

لم يشمل تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الذي يغطي الفترة من 21 نوفمبر 2022 إلى 18 فبراير الماضي  –بالطبع- مقتل المتظاهر إبراهيم مجذوب إبراهيم، وعشرات المصابين على أيدى القوات الأمنية في العاصمة الخرطوم، لوحدها، لكن مقتل مجذوب كان يشكل حضورًا قويًا في إجتماعات مجلس حقوق الإنسان بجنيف بحضور وزير العدل المكلف، محمد سعيد الحلو، الذي جهد في الدفاع عن الحالة المتدهورة لأوضاع حقوق الإنسان في البلاد.

تورك

في جنيف، أبلغ المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، هيئة المجلس الجمعة الماضي، هيئة المجلس قائلًا: “قتل متظاهر في السابعة عشرة من عمره بعد أن أطلق شرطي النار عليه في منطقة شرق النيل في الخرطوم”، قبل أن يطالب السلطات السودانية بإصدار تعليمات واضحة لقوات الأمن باحترام حقوق الإنسان والمعايير الدولية المتعلقة باستخدام القوة والأسلحة النارية.

وشدد المفوض السامي لدى مخاطبته المجلس الأممي على حق الجميع في التجمع والتظاهر بشكل سلمي وعلى الالتزام الواقع على الدولة لضمان الاحترام الكامل لهذا الحق لجميع السودانيين.

وأشار تورك كذلك، إلى أن مقتل المتظاهر إبراهيم مجذوب رفع عدد الذين لقوا مصرعهم منذ بدء المظاهرات قبل 16 شهرا إلى 125  يمثل الأطفال تحت 18 عاما نحو 20% منهم، بحسب مصادر طبية.

وذكر أن أكثر من 9 آلاف شخص أصيبوا بجراح، نجم عن الكثير منها آثار دائمة، بسبب الرصاص الحي والعيارات المطاطية وعبوات الغاز المسيل للدموع وغير ذلك من أسلحة أطلقتها قوات الأمن السودانية بشكل تعسفي.

وقال إن الإفلات من العقاب ما زال يعد مسألة خطيرة، ذلك، قبل ترحيبه بتحقيق بعض التقدم من قبل اللجنة القضائية التي شُكلت للتحقيق في الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان وغير ذلك من إجراءات منذ انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر عام 2021. مشيرًا إلى تشكيل عدد كبير من اللجان القضائية الأخرى للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، لكنه شدد على ضرورة إكمال عمل هذه اللجان والإعلان عن نتائجه.  

وفد السودان بمجلس حقوق الانسان

ردًا على مطالب المفوض، سارع وزير العدل المكلف، محمد سعيد الحلو، لدى مخاطبته مجلس حقوق الإنسان بجنيف أمس السبت، ليؤكد التزام السودان بمبدأ عدم الإفلات من العقاب، وقال “تعمل النيابة العامة على رفع حصانات المشتبه بهم من جهات إنفاذ القانون الأمنية التي ينتمون اليها وفقاً للإجراءات القانونية”.

وأشار إلى تشكيل النائب العام عدداً من لجان التحقيق الجنائية في الإنتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان والعنف ضد المراة، تم استكمال التحقيقات في 8 لجان منها، وقال “تم رفع الحصانات من كل من يشتبه ضلوعهم في انتهاكات حقوق الانسان ومن ثم أحيلت الى القضاء”، بجانب إنشاء النائب العام نيابة متخصصة بشأن الجرائم المتعلقة بحق الشهداء.

مطلع فبراير الماضي، انهى خبير الأمم المتحدة لحالة حقوق الإنسان بالسودان، التونسي، رضوان نويصر، زيارة رسمية إلى البلاد استغرقت أسبوعا، هي الأولى له منذ تعينه بالمنصب في 16 ديسمبر الماضي، ليحل محل أداما دينغ الذي استقال في أكتوبر الماضي، بعد عامين من الإمساك بالملف (نوفمبر 2020- أكتوبر 2022م).

خلال زيارته التي استمرت من 13 نوفمبر الماضي وحتى 16 من الشهر ذاته، والتقى خلالها مسؤولين حكوميين وممثلين لمنظمات المجتمع المدني، ومدافعين عن حقوق الإنسان، بجانب رؤساء وكالات الأمم المتحدة، وديبلوماسيين، استكشف نويصر، حقيقة أوضاع حقوق الإنسان في السودان وفي المحصلة وصف الوضع بأنه “قاتم”، وأن البلاد باتت في مفترق طرق.

في ختام الزيارة قال نويصر إنه رأى في الخرطوم، الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين، بما في ذلك استخدام الذخيرة الحية،  وأشار إلى مقتل ما لا يقل عن 119 شخصًا وإصابة أكثر من 8050 بجروح- العديد منها غيرت حياتهم، وبعد ثلاثة أشهر على تلك الزيارة يزداد الوضع الحقوق في السودان قتامة على قتامة، حيث رفع مقتل المتظاهر إبراهيم مجذوب القائمة إلى 125 قتيلًا وآلاف المصابين منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021م. 


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *