صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

الحُب والتضحية يقاومان الفقر والمرض في “زوجة حفار القبور”

شارك هذه الصفحة

يقول أستاذ السينما والتلفزيون بكلية الموسيقى والدراما، عادل ضيف الله، في تعليقه على الفيلم الصومالي “زوجة حفار القبور”، عقب عرضه في أيام السينما الإفريقية (سينما الجيران) للعام 2022م، إن أهم يميز الفيلم هو المسحة الإنسانية العميقة التي تفردت بها قصته.

تتعرّض الزوجة العاشقة نصرة، إلى مرض في الكلية، ويقف الفقر حائلاً أمامها وزوجها المُحِب قوليد دون علاجها، إذ يبذل الزوج – الذي يعمل حفاراً للقبور في المدينة – كل ما بوسعه لعلاجها، لكن دون أن يستطيع توفير مبلغ خمسة آلاف دولار تكلفة العملية الجراحية لنصرة. ومع تحذيرات الطبيبة من تفاقم المرض مع عدم علاجه، يفكر قوليد في حل لتلك المعضلة، فيطلب العون دون أن يجد معيناً، ويدفعه عجزه إلى محاولة سرقة إحدى الصرافات، لكنه يتراجع عن الفكرة في اللحظة التي هدد فيها موظف الصرافة.

إضافة إلى تلك المعضلة الإنسانية، يتهرب ابنهما مهاد من الدراسة، في الوقت الذي كان أبواه يحلمان بأن يدرس في أفضل المدارس.

يضطر الأب قوليد إلى العودة إلى القرية، راجلاً للحصول على حصته في قطيع الأسرة، التي تركها منذ أن تزوج نصرة رغم رفض أسرته، ويقطع الفيافي والجبال راجلاً حتى تتفطّر قدماه، ويلتقي أثناء سيره بإحدى الأسر، ليقضي معها ليلة يحكي فيها قصة عشقه لزوجته نصرة وكيف أحبّا بعضهما. ويتزامن مع هذا المشهد رعاية الابن الصغير لأمه في غياب أبيه، فتكمل الأم لابنها رواية قصة عشقهما من ناحيتها، وعدم رضا الأسرتين عن علاقتهما ثم هربهما إلى المدينة.

في الوقت الذي وصل فيه قوليد، بعد مشقة، إلى قريته، ليجد شقيقه قد استولى على نصيبه من القطيع، ولم يفد في استرجاع نصيبه حتى الاحتكام إلى شيخ القرية؛ كانت نصرة قد وصلت إلى حالة متأخرة من المرض، ونُقلت إلى المشفى، فقررت الطبيبة إجراء العملية ومن ثم انتظار الزوج ليأتي حاملاً معه كلفتها.

يهرب قوليد فجراً مقتلعاً نصيبه من القطيع، لكنه لا ينجو من ملاحقة أخيه الذي استردّ القطيع بعد ضربه ليتركه ملقى في الصحراء، لتصادفه إحدى العربات القادمة وتحمل جثته إلى المدينة.

خطاب الفيلم وتقنياته

يعرض الفيلم الملامح المأساوية للفقر والمرض، لكنه في مقابل ذلك يُجسّد الحب والتضحية في الشخصيتين الرئيستين: نصرة وقوليد، مما أضفى على المأساوية الطاغية، روح التحدي والإصرار في سبيل استمرار الحياة وانتصار الحُب.

تمت عملية المونتاج بصورة تمهد للانتقال من مشهد إلى آخر، بحيث يستبق الصوت المشهد، فضلاً عن تزامن المشاهد مما جعل من الفيلم حالة درامية واحدة.

الإنتاج والعروض

زوجة حفار القبور هو فيلم درامي من إخراج  خضر عيدروس أحمد وإنتاج مشترك بين فرنسا والصومال وألمانيا وفنلندا. تم تصويره في عام  2019، وتأجيل إصداره حتى عام 2021 بسبب جائحة فيروس كورونا وتعطيل توزيع الأفلام في  عام 2020 ويعد العمل أول فيلم روائي طويل للمخرج خضر عيدروس أحمد، مستوحى من وفاة عائلته قبل حوالي عقد من الزمان.

عُرض الفيلم لأول مرة في قسم أسبوع النقاد الدولي في مهرجان كان السينمائي لعام 2021 كما تم عرضه لاحقًا في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي، حيث كان أحد الفائزين بجائزة، ليعرض في مهرجان هامبورغ السينمائي في أوائل أكتوبر من نفس العام. وتم اختياره ضمن الترشيحات الأولية لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم روائي طويل دولي في حفل توزيع جوائز الأوسكار رقم 94 في أول ترشيح لفيلم من الصومال.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *