صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

خيال لا ينقطع: قراءة في ألف ليلة وليلة لسعيد الغانمي

شارك هذه الصفحة

ذكر عبد الفتاح كيليطو، وفي سياق الحديث عن ابن المقفع، أن “السرد حيلة العاجز”. وهكذا كانت شهرزاد في سياق الدفاع عن نفسها وبنات جنسها، تندفع وبشكل محموم في حكايات لا تنتهي “وهكذا صار السرد يقوم بوظيفة دفاعية. كل قصة ترويها شهرزاد لشهريار تعادل الحياة نفسها. وبالتالي كلما زادت شهرزاد من رواية الحكايات زادت فرصها في الحياة. فالسرد هو الحياة نفسها”، أو كما قال رولان بارت إن “السرد، ببساطة، هو الحياة نفسها”.

هكذا يتوغل الناقد والباحث والمترجم العراقي سعيد الغانمي في عوالم ألف ليلة وليلة، محللاً ليس فقط بنية الحكاية فحسب، بل تعداها لقراءة سياقية تناول فيها ما سماه “المعتمد الأدبي”، وخلفيات توثيقية وتاريخية حول ظهور الحكايات من الطبعات المختلفة للكتاب من طبعة “كلكتا” مروراً بطبعة “بولاق” الشهيرة، إلى تحقيق الراحل محسن مهدي، بمقاربة دقيقة للنص وشيوع الليالي في محيط العالم ومركزه، وترجمات الليالي من الفرنسي غالان والإنجليزي بيرتون، متجهاً إلى أدق تفاصيل حول عتبات الحكاية وثيماتها المتعددة والمتنوعة مثل السخرية وحكايات الحمالين والصعاليك، حتى يصل إلى ما سماه بالخلود السردي في الحكايات ويختم بعدها بـ”اكتمال التجربة وانفتاح البصيرة”. وكما أوجز المؤلف: “… قررت أن أكرس ثلاثة فصول لمناقشة الخصائص الصنفية للكتاب، وستة فصول أخرى للتحليل النصي لحكاياته”.

وهكذا يظل كتاب الليالي ملهماً على الدوام ونبعاً صافياً لأجيال من المبدعين وأية إضاءة أو بحث وبأدوات نقد نافذة تضيف كثيراً لهذه الثروة السردية، أو قل النبع السردي الذي لا ينضب تماماً كما فعل المؤلف في كتابه هذا بأن الليالي خيال لا ينضب.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *