صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

“مسرح الشدة”.. موتى يدفنون الموتى

المسرحي أ. محمد أحمد الشاعر في بروفات العرض

المسرحي أ. محمد أحمد الشاعر في بروفات العرض

شارك هذه الصفحة

قد تشكل الأوضاع السياسية والاقتصادية والسيولة الأمنية وحالات العسكرة والتجييش المتصاعدة خصماً على الفنون والحركة الثقافية مما يجعلها في حالة من التراجع كلما تزايدت حالات الاستقطاب السياسي والعسكري، لاسيما تلك التي بلغت ذروتها موخراً في السودان .

هذه الظروف تقف حجر عثرة أمام المشتغلين على الفنون، إلا أن بعضهم يجيد ترويضها والقفز لما وراء الحواجز، منهم صانع العروض المسرحية المخرج، وليد عمر بابكر (الألفي)، الذي أجاد تطويع الواقع ووضعه على خشبة المسرح ليتحول إلى عرض مسرحي يجعلك وأنت تشاهده في حالة تسائل مستمر “هل أنا مجرد مشاهد أم جزء من هذا العرض؟!” هذا ماحدث لكثيرين من المشاهدين في مسرحية “كراس حساب” التي عرضت بالمسرح القومي بعد فض اعتصام القيادة العامة.

ويسمى وليد الألفي الحركة المسرحية في هذه الحالات بـ”مسرح الشدة”، معرفاً له بأنه مسرح يقوم في ظل أوضاع أمنية وسياسية واقتصادية وبيئية وصحية ونفسية بالغة التعقيد، مستلهمين الواقع السوداني الراهن الذي أجتمعت فيه كل هذه الظروف، نعمل على تطويع هذه الظروف في صناعة عرض مسرحي جاعلا من المسرح أداة تفكير، يحفز الناس على طرح أسئلة التغيير للانتقال من الظروف بالغة الشدة إلى أوضاع أفضل تصان فيها كرامة الإنسان حيا وميتا”.

وبالحديث عن العرض الذي تعمل منطقة صناعة العرض المسرحي على تقديمه في كل من سنار والدمازين والخرطوم ضمن مسرح الشدة بعنوان “آيس دريم” يكشف الألفي لـ (الحداثة) قصة العرض قائلاً:
في هذا العرض (آيس دريم ICE DREEM) في ثلاجة الموتى تكدست جثث صنفت بمجهولي الهوية؛ حيث ظلت هذه الجثث لفترة طويلة دون أن يأتي أهلها لأخذها.
وبعد مدة الطويلة من الانتظار، لم يظهر فيها أهالي الموتى، بدأت هذه الجثث تتضجر من طول الانتظار؛ حيث نفدت كل حكاياتها التي تبادلتها مع بعضها البعض.. أخيرا، قررت هذه الجثامين أن تخرج من الثلاجة وتبحث عن أهلها. بالفعل، خرجت إلى المدينة الكبيرة التي وجدوها ركاما وخراب.. وجدوا بعض الكلاب والقطط والصقور الجائعة التي لا تجد ما تأكله.. قررت هذه الجثامين أن تدفن بعضها البعض.
يبدأ الخلاف حول من سيدفن من؟ ومن يدفن أولا.. ويختلفون حول مكان الدفن.. في النهاية سيكون هناك واحد لن يدفن.. من سيتبرع أن يكون هذا الشخص؟

ويضيف الألفي: في هذا المشروع نستهدف الولايات الأقل نموا، والتي تقل حظوظها في الأنشطة المسرحية، وتلك الأقاليم التي تمر بظروف بالغة الشدة بسبب الحرب والنزاعات الأهلية.
والمناطق التي تنتشر فيها قضايا العنف والعادات والتقاليد التي تحتاج إلى معالجة ورفع الوعية بخطورتها مثل العنف المنزلي والعنف ضد المرأة والختان والزواج المبكر وعمالة الأطفال، والأطفال الجنود من خلال بث رسائل مضمرة عن هذه القضايا.

تنفذ هذه العروض بدعم من الصندوق العربي للثقافة والفنون “آفاق” ويشارك في التمثيل كل من (الرشيد أحمد عيسى، محمد أحمد الشاعر، نمارق عبد الله، رماح القاضي، آدم منقة. والموسيقى لرامز سراج)


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *