صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

تتربص الحكومة بمشروع الجزيرة..ويستبسل المنتجون في حماية حرفتهم

شارك هذه الصفحة

يفرح المئات من مزارعي ومواطني قرى مشروع الجزيرة ويتجمعون بلافتاتهم في مركز المشروع بمدينة بركات، الاثنين، في تدشين شبكة طرق ستصلهم ببعضهم البعض، وإن كان أهالي القرى قد هتفوا بعدم وصول الاسفلت لطرقهم الترابية المتردية، وهو ما دعا محافظ المشروع، عمر مرزوق، للرد عليهم بأن الطرق تتكون من ثلاث مراحل، وستنتهي بربط جميع القرى.

لكن رغم ما تبذله إدارة المشروع المروي الأضخم في العالم من جهد، إلا أنه لا يبدو بخير، فقد أظهر مسؤولوه امتعاضا شديدا من السياسات الحكومية المدمرة للإنتاج، وبدا المدير الزراعي للمشروع، المهندس إبراهيم مصطفى متذمرا من خروج الحكومة بشكل نهائي من دعم الإنتاج، ومن أي مساعدة للمنتجين حتى ولو بشراء التقاوي والسماد، وهي عماد إنتاجهم من المحاصيل الزراعية.

صحيح من جهة؛ فقد كسبت إدارة المشروع ممثلة في اللجنة القانونية معركتها في منع تحويل المشروع إلى هيئة حكومية حسبما أذاع ذلك محافظ المشروع، وهو القرار الذي كان  سيسهل للحكومة استغلال الأرض والمقدرات لأي تصرف كما هو الحال بالنسبة لمنحه لدول تحاول أن تستثمر في الإنتاج دون معرفة لتلك الاستثمارات.

لكن بالمقابل فإن مشروع القرار الاتحادي بتحويل مشروع الجزيرة إلى هيئة سيتم تنفيذه بصورة أخري عبر تركيع الإدارة بمنع التمويل عنها، أو وضع متاريس لا تعدمها حكومة تمثل امتدادا لحكم الإنقاذ المباد الذي كتب شهادة وفاة أسطورة المشاريع المروية وشيخ الاقتصاد الوطني.

لقد كان المدير الزراعي في حديثه يستجدي الحكومة السماح له بتصديق ضمانات لشركات وحكومات إقليمية وعالمية قال إنها جاهزة لتدفع مليارات الدولارات لمشاركة المنتجين في العمل الزراعي، وتطوير بنية المشروع.

لقد كان إبراهيم يتحدث بحسرة أكبر عندما يقول “السياسات الحكومية تهزمنا دائما”، وطبقا لذلك فإنه أشار إلى أن  جهة عالمية أبدت الاستثمار واستزراع مساحة بواقع “150” ألف فدان وتعوز الإدارة استكمال طلبها وموافقة دخولها في الإنتاج استصدار ضمان اعتذر بنك السودان من إصداره، ونصح إدارة المشروع بالتوجه لوزارة المالية، وفي هذا الوقت السياسي المنهار فإن إدارة المشروع لن تعمل بنصيحة البنك المركزي لا محالة، واسترسل المدير الزراعي في نقده بالقول “لا تساعدونا لا تخلو الناس يساعدونا”.

أمعن المدير الزراعي أكثر في نقد سياسات الحكومة عندما استدل بسلوكها تجاه المنتجين باستدعاء حادثة لتصدير القطن، حيث أشار إلى أن الحكومة رفضت إعطاء إدارة المشروع حق التسويق العام الماضي رغم أنها كونت محفظة لذلك، بل سمحت- والحديث لمصطفى- للمصدرين بتسويق القطن، وهو ما قاد لتدني سعر القنطار من 40 ألف جنيه لثلاثين ألف، حيث اجتهد المصدرون في استدراج المنتجين للبيع ولو بالخسارة، وهو ما كلف الدولة إحجام عن الزراعة وصل لتقليص نصف المساحة المزروعة مقارنة بالعام والموسم الماضي حسبما قالت إدارة المشروع الزراعية، وردد بحسرة “تم تهريب كميات ضخمة من القطن بلا حسيب ورقيب”.

سيكون من حظ المشروع نشوء عملية سياسية جديدة تتكون فيها سلطة تشريعية لإنقاذ هذه الرقعة الهامة من الإنتاج في البلاد، وتقنين وضعها بما يضمن حقوق المنتجين كأولوية، وضمان سياسات تشجع حرفتهم، وتدعمها، وبالتالي فإن إنشاء بنى تحتية كما هو الحال في إطلاق شبكة الطرق الاسفلتية، سيمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، وثمن قليل للذين ظلوا يهتفون طوال ساعات في مركز بركات، وهم يعبرون من قراهم على ظهور (البكاسي) والحافلات، وراجلين، لرؤية وسماع ما سيقوله مسؤولو مشروع الجزيرة عن قضيتهم الحياتية وعن مصيرهم بالتأكيد في أن يصبحوا قريبين بأوردة وشرايين الاسفلت.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *