صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

ساعة واحدة لانعقاد السوق.. ما الذي يجري لمحاصيل القضارف؟

شارك هذه الصفحة

بات لافتا التراجع الكبير الذي اعترى سوق المحاصيل بمدينة القضارف، شرق البلاد، ولا ينعقد السوق في الولاية الزراعية الشهيرة سوى لساعة أو نحوها في اليوم، وهو تراجع أضحى ملوحظا منذ بداية الموسم الحالي، إذ كان المنتجون والتجار يتضجرون من الزحام والتكدس الذي يواجهونه في عمليات التسويق.

فمن جهة بات مزاد الأسواق التاريخي الذي يتم فيه عرض وبيع وشراء المحاصيل الزراعية المختلفة شبه متعطل، وفوق أنه عملية تجارية مالية لتداول المحاصيل، فإنه أيضا أحد واجهات التاريخ المالي في القضارف، لما يضمه من عشرات التجار والمنتجين الذين امتهنوا تلك الحرفة والمهنة، وظلوا عليها لعشرات السنوات، ومن جهة أخرى تجري عمليات بيع خارج الأسواق بصورة كثيفة فيما يعرف بالتهريب، وحسب متداولون فإن المزاد أصبح لا يتجاوز انعقاده الساعة أو أقل، فمعظم المعروض من المحصول لا يتم بيعه ويعود مرة أخرى لـ “الشونة” وميدان الأسواق الذي يحتفظ بملايين جوالات المحاصيل في انتظار البيع أو الترحيل إلى أسواق أخرى بسبب تعذر بيعها.

تتبدى مشكلة إدارية هي السبب وراء تراجع أسواق المحصول، كأكبر مؤسسة وقناة إيرادية في الولاية التي يعتمد اقتصادها بصورة أساسية على ناتج حرفة الزراعة ومنتجاتها، وتتحصل وحدة الأسواق أكثر من 8 رسوم مختلفة تتعلق بتقديم الخدمات، ودعم مؤسسات تعليمية وصحية، لكن ومع ذلك فإن إيرادات الأسواق في تناقص وهدر مستمر، ولا تبدو الإدارة منشغلة بذلك، فهي تعوض عدم التداول ودخول الشركات الكبرى وزخم المزاد بعملية أخرى تسمى “المخالفات”، وهي عملية محاطة بريبة كبيرة من جانب الإدارة ورؤس كبيرة تتهرب من دفع الرسوم طبقا لما يقوله رواد السوق.

ورغم ارتفاع رسوم أسواق محاصيل القضارف في ميزانية الولاية للعام الحالي، وزيادة عملية التسويق من مناطق خارج الولاية، فإن الإيرادات تبدو ضعيفة مقارنة بالعام الماضي الذي كانت فيه الرسوم أقل بأكثر من “50%”. ويعود السبب، حسب المعلومات، إلى اعتماد إدارة الأسواق على نظام “المخالفات” بدلا عن التحصيل الفعلي من النوافذ المعروفة، ويفضل موظفو الأسواق والإيرادات نظام المخالفات الذي يمنحهم فيه القانون حافزا بأكثر من “50%” من قيمة المخالفة؛ فأي متهرب أو عملية بيع وشراء تتم خارج الأسواق يعاقب عليها القانون بدفع قيمة الرسوم بثلاثة أضعاف.

ويؤكد معظم من تحدثنا إليهم أن المخالفات الآن تشكل خطرا كبيرا على عمليات التحصيل والإيرادات التقليدية، نظرا لنشاط المتحصلين فيها أكثر من عملية التحصيل عبر النوافذ، وهو ما يقود إلى تأخير العمل؛ فالعشرات الذين كانوا يناشدون الحكومة الولائية وواليها الملف الذي زار السوق، الخميس الماضي، قالوا إنهم يمكثون طوال يوم العمل الإداري دون أن يتمكنوا من تخليص النذر اليسير من إنتاجهم؛ فعملية دفع الرسوم هي الأهم لتخزين المحصول أو بيعه أو حتى تصديره لأسواق خارج الولاية والبلاد. ويلعب القانون الدور الرئيسي في شحذ همة المتحصل الذي يمنحه جُعلٌ كبير من حجم المخالفة، وهو ما يدفع المتحصل لتقدير خاطئ للمخالفة التي يعرفها القانون بأنها تتم خارج الأسواق بمسافات بعيدة مع سبق الإصرار على البيع العشوائي.

ولم يمتدح معظم الذين استطلعناهم من التجار والمنتجين عملية التسويق، بل أمعنوا في نقدها من واقع الهدر الذي يواجهونه في الوقت، وصعوبة العمليات في النوافذ، لكن لايبدو أن المنتجين وكبار التجار الذين تنتظرهم مسؤولية تاريخية تجاه أسواق محاصيل القضارف مكترثين لما يجري فيه، وبدأ تعاملهم كما لو أنهم يجنون الأموال دون أن يتصدوا لتأهيل الأسواق، أو المحافظة على أدائها دون التشوه الظاهر الذي لحق بها، لكن ثمة أمل تبعثه معلومات تحصلنا عليها بأن واقع الأسواق المتردي لن يستمر بتلك الصورة، فوالي القضارف المكلف، محمد عبد الرحمن، يعتزم إجراء تغييرات واسعة في الأسواق مطلع الشهر المقبل بالتزامن مع بداية تنفيذ ميزانية العام الجديد، وحسب المعلومات فإن أبرز التغييرات تشمل إقالة مدير الأسواق، وموظفين آخرين حصلوا على وظائف خارج الهيكل الإداري المجاز لهيئة أسواق المحاصيل، ويتطلع كثير من العاملين في الأسواق لعملية اقتصادية نزيهة تخلو من التغول الإداري وتضمن تحقيق إيرادات الدولة وتحقق الخدمات اللازمة للمواطنين.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *