صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

إسرائيل من الخرطوم.. الأجندة السرية باتت أكثر وضوحا

شارك هذه الصفحة

على نحو مفاجئ وصل وزير الخارجية الإسرائيلي، أيلي كوهين، إلى الخرطوم اليوم، لبحث ملف تطبيع العلاقات بين البلدين.

وانخرط كوهين، فور وصوله بصحبة وفد أمني وعسكري ودبلوماسي، في لقاء مع قائد انقلاب 25 أكتوبر عبد الفتاح البرهان، بمكتبه وسط الخرطوم.

داخليا، تأتي الخطوة بعد أقل شهرين من التوقيع على اتفاق سياسي بين قوى الحرية والتغيير وقادة الانقلاب، ومن المأمول أن يساهم الاتفاق في يبعد الجيش من السياسية، وحتى مساء اليوم لم يصدر موقف قوى الحرية والتغيير من زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي.

وتطرق اللقاء مع وزير الخارجية الإسرائيلي، بحسب بيان لمكتب البرهان، لسبل إرساء علاقات مثمرة مع إسرائيل وتعزيز آفاق التعاون المشترك بين الخرطوم وتل أبيب في مجالات الزراعة والطاقة والصحة والمياه والتعليم، لاسيما في المجالات الأمنية والعسكرية.

كما تناول اللقاء، أيضا، الدور الذي يلعبه السودان في معالجة القضايا الأمنية في الإقليم.

وذكر البيان أن الجانب السوداني قد حث الجانب الإسرائيلي على تحقيق الاستقرار بين إسرائيل والشعب الفلسطينى.

وجاء التطور، الذي أثار دهشة السودانيين، بعد تسريبات عن لقاءات جمعت الأسبوع المنصرم كلا من البرهان ونائبه بمسؤول أسرائيلي رفيع في العاصمة التشادية انجمينا، أعقبتها زيارة لرئيس السلطة الانتقالية في تشاد إلى تل أبيب بهدف تدشين العلاقات الدبلوماسية وفتح سفارة.

وتوقف الحديث رسميا عن ملف التطبيع بين السودان وإسرائيل بعد إرجاء الحكومة الانتقالية، التي انقلب عليها البرهان، الخطوة إلى حين تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي.

واكتفت حكومة د. عبد الله حمدوك وقتها بتوقيع إعلان (الاتفاقيات الإبراهيمة)، وهي اتفاقات سلام جمعت إسرائيل بدول عربية رعتها الولايات المتحدة، إلا أن قادة الانقلاب واصلوا الاتصالات السرية مع تل أبيب.

وتوقف الحديث رسميا عن ملف التطبيع بين السودان وإسرائيل بعد إرجاء الحكومة الانتقالية، التي انقلب عليها البرهان، الخطوة إلى حين تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي.

واكتفت حكومة د. عبد الله حمدوك وقتها بتوقيع إعلان (الاتفاقيات الإبراهيمة)، وهي اتفاقات سلام جمعت إسرائيل بدول عربية رعتها الولايات المتحدة، إلا أن قادة الانقلاب واصلوا الاتصالات السرية مع تل أبيب.

ويرى محللون أن الزيارة جرت في توقيت لا يخدم إلا التأكيد على محورية دور العسكريين في السودان، دون التفات لعدم شرعية وجودهم على السلطة وغياب المؤسسات، بجانب الرغبة الشعبية في الانتقال الديمقراطي.

وأعادت زيارة الوفد الإسرائيلي مخاوف لدى أوساط مختلفة من الزج بالسودان في صراع إقليمي محتمل بين إسرائيل وخصومها.

وأشرع البرهان في فبراير من العام 2020 باب التقارب مع إسرائيل بلقاء مفاجئ أيضا  مع رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، في عنتيبي الأوغندية.

وفرض هذا اللقاء مع نتنياهو، ملف تطبيع العلاقات مع إسرائيل على الحكومة الانتقالية التي كانت كانت تكابد لرفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب، بجانب بحث معالجات لديون السودان على الهيئات الدولية.

وأعلن السودان موافقته الانضمام إلى “اتفاقات أبراهام” في أكتوبر من العام 2020 ثم وقع علي الإعلان في يناير من العام التالي، وسط معارضة من أبرز القوى التي كانت قد شكلت الحكومة الانتقالية المنقلب عليها، ما أدى برئيس وزراء الحكومة وقتها عبد الله حمدوك إلى إعلان تأخير البت في الخطوة إلى حين تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي.

الاتفاقات المشار إليها اتفاقات سلام برعاية أمريكية بين إسرائيل ودول عربية، وقد وقعت عليها، قبل السودان، كلا من الإمارات والبحرين والمغرب، وبدا أن السودان قد خضع لضغوط أمريكية تحت ظل حاجته لرفع العقوبات الدولية.

وحتى بعد توقيع إعلان “اتفاقيات أبراهام” بين البلدين، والكشف عن زيارات لوفود إسرائيلية إلى الخرطوم فإن المعارضة القوية لتطبيع العلاقات أبقت الملف مجمدا على المستوى الرسمي.

وأدى انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي قاده البرهان، لتأزيم العلاقة بين قادة الانقلاب والمجتمع الدولي، ووقف الاتصالات مع إسرائيل بشأن مستقبل عملية تطبيع العلاقات.

لكن البرهان كشف في فبراير من العام 2022 أن التعاون الأمني الاستخباراتي بين السودان وإسرائيل لم يتوقف منذ لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مؤكدا أن سلسلة من الاجتماعات قد انعقدت بين مسؤولين سودانيين وإسرائيليين في إطار تعاون أمني ومخابراتي، وليس سياسيا.

وقال إن المعلومات المتبادلة مع الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية، مكنت السودان من ضبط بعض المجموعات الإرهابية التي كانت تسبب مشاكل بالسودان والإقليم.

وبينما يتساءل مراقبون حول أهداف إعادة ملف التطبيع إلى المشهد في ظل غياب مؤسسات شرعية، وعدم إنهاء العملية السياسية الجارية بين المدنيين والعسكريين، أعربت أوساط سياسية عن عدم ارتياحها للزيارة التي جرت في توقيت غير مناسب.

ويشير المحلل السياسي، أنور سليمان، إلى أن هذه التطورات في ملف العلاقة مع إسرائيل لافتة جدا، رغم التوقعات بمحاولة استئنافها عقب عودة نتنياهو وفوزه برئاسة الحكومة الإسرائيلية، لكن لم يكن متوقعا أن يسارع بها.

ويقود نتنياهو حزب الليكود الذى يولي أهميه للعلاقة مع اطراف العالم الإسلامي، لأنها تمهد لفتح قنوات مع قلب العالم الإسلامي الذي يواجه إسرائيل، بعكس بقية الأحزاب الإسرائيلية، وفقا للمحلل.

ويقول إن للمكون العسكري الذي افترع هذا الاتجاه بداية من عنتبي، فكل غرضه كان إعادة تقديم نفسه سياسيا عقب كارثة فض الاعتصام، وهي مفيدة له الآن بعد كارثة انقلاب أكتوبر. والمكون العسكري يعرف أن زمن اللاءات الخرطومية ولى وأن هناك متحمسين كثر وسط الناشطين لمثل هذه العلاقة، لذا يطمح في تحسين مركزه وسط ناشطي المعارضة إضافة لتقسيم أحزابها وإظهارهم في صورة المتردد والضعيف، والعاجز على الإقدام على اتخاذ خطوات خارجية جريئة.

ولا يعتقد سليمان أن العلاقات مع تل أبيب يمكن أن تذهب في اتجاهات تعود بالنفع على السودان، فكل ما تمخض عنه اللقاء السابق بين البرهان ونتنياهو، هو تنسيق أمني واستخباري لخدمة حظوظ المكون العسكري السياسية.

وأصاف: “الأنظمة العربية وظفت في السابق حالة العداء مع إسرائيل لتبرر قبضتها وقمعها لشعوبها، ويبدو أنه سيتم توظيف صداقة إسرائيل لذات الغاية! لكن هذا سيقدح في إدعاءات إسرائيل التاريخية كونها حكومة ديمقراطية في محيط استبدادي متوحش، فالصداقات مع المتوحشين لن تخدمها كثيرا”.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *