صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

الميناء الجنوبي.. شبح الخصخصة يؤرق الساحل

شارك هذه الصفحة

من جدبد تصاعدت أصوات العاملين في هيئة الموانئ البحرية، لتحتج على تحركات شركة موانئ دبي التي تهدف للسيطرة على الميناء الجنوبي في بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، بينما لم تهدأ بعد الضجة التي أثارها توقيع اتفاق مبدئي مع نظريتها شركة موانئ ابوظبي لانشاء ميناء ومنطقة اقتصادية شمالاً في ابوعمامة.

صباح الخميس الماضي شهد الميناء مخاطبة عمالية حاشدة دعت لها اللجنة العمالية لمناهضة مشروع خصخصة الموانئ  السودانية، أمام مقر السلطة المينائية، للتأكيد على موقف العاملين الرافض لخصخصة الميناء الجنوبي، وبيع الموانئ والتسويق لها تحت دعاوى الاستثمار.

وكان تجمع عمال وموظفي هيئة المواني البحرية، قد أصدر الاسبوع المنصرم، بياناً احتجاجياً على تلبية عدد من الصحفيين وبعض من أعيان الإدارة الأهلية وبعض العاملين بالميناء لدعوة من مواني دبي، لتعرف على تجربتها في الموانيء الصومالية، حتى يتثنى لهم بعد الزيارة تشكيل رأي عام ايجابي تجاه الخصخصة، وذلك اعتقاداً بأن للإدارة الأهلية القرار في تحديد مصير الميناء وتمرير الصفقة.

الدعوة المقدمة من الشركة الاماراتية، إثارت جدلاً في مجتمع الميناء والمدينة الساحلية، بين من يشكك في نواياها ويربطها باتفاق وشيك مع الحكومة، وبين من ينتقد اوضاع الميناء الجنوبي، المختص بالحاويات والغلال، وتراجع مردوداته على الهيئة واقتصاد المدينة، وخزينة الدولة.

 ويقر التجمع بأن الميناء الذي يمثل شريان  حياة للاقليم وللسودان ككل، يحتاج لعمليات تطوير وتحديث مستمرة، ولكنه يؤكد انه ليس بحوجة للقطاع الخاص الأجنبي الذي يعلم العاملون نواياه جيداً.

ويقول ناطقه الرسمي، عبد الرحيم آدم أحمد، إنهم يرفضون وبشدة تمرير مشروع خصخصة الميناء الجنوبي لأي جهة كانت، وتحت أي مبرر كان.

 ويضيف إن شبح الخصخصة مازال وبشكل مستمر يهدد وجود هيئة الموانئ ككيان يعبر عن مصالح الشعب السوداني، ومرفق إقتصادي كبير يساهم في إيرادات الخزينة العامة، ليخسر الوطن هذا الإمتياز الكبير من إدارة وتشغيل المواني لصالح مجموعات ضيقة محلية وأجنبية.

أما  سكرتارية التجمع فقد ثمنت وعي العاملين الذين سارعوا بتنظيم أنفسهم عبر لجان لمناهضة هذه المؤامرة الكبيرة، ودعتهم  للإلتفاف حول اللجنة العمالية لمناهضة مشروع خصخصة الموانئ السودانية.

وتزامنت هذه التحركات المناهضة لخصخصة الميناء، مع تبني تجمع جديد مكون من 5 فصائل من حزب مؤتمر البجا رفض بيع أو ايجار السواحل السودانية، وقد دعا هذا التجمع في المقابل لتطوير الموانئ وتعظيم الاستفادة منها.

وساهمت عروض الاستثمار الأجنبي المتوالية في سواحل البحر الأحمر، في ظل غياب مؤسسات الدولة المعنية وعدم وجود حكومة، في آثارة شكوك حولها بين كل الفاعلين هناك، وربما أصبحت منصة لقاء بينهم. حيث ترى قوى سياسية ومدنية أن المساعي الحثيثة لتوقيع اتفاقات أنشاء أو ايجار موانئ على الساحل، تكمن خلفها رغبة في الاستحواذ من أجل تحقيق أهداف بعيدة عن الاستثمار والتنمية الاقتصادية.

وسبق ان رفض تجمع القوى المدنية في الشرق عقد إنشاء ميناء أبوعمامة، وتشكك في أهداف المشروع الذي لم يعرض حتى على هيئة الموانئ البحرية كجهة فنية مختصة، وأكد على ضرورة التنمية الشاملة لكل ساحل البحر الأحمر من حلايب وحتى قرورة، مع التشديد على أن اي موانئ تُقام على الساحل  يجب ان تكون تحت سلطة هيئة الموانئ البحرية وسيادة السودان.

وتقف على خط المناهضة أيضاً الهيئة النقابية لعمال الموانئ البحرية، التي أجهصت سابقاً محاولات من موانئ دبي لإدارة الميناء الجنوبي.

تضم الهيئة عمال الشحن والتفريغ داخل البواخر وخارجها، وتعد الأكثر تأثيراً في عمل الميناء والقرارات الحكومية الصادرة بشأنه، والتي ترى ان الخصخصة ليست هي الحل لوضع الميناء الجنوبي، بل يكمن في تأهيل البنية التحتية ورفده بالكوادر التي يحتاجها، بجانب كفالة حقوق جميع العاملين.

ويعتقد المتحدث باسم الهيئة، عبود الشربيني،ان موقع ميناء بورتسودان يؤهله لأن يكون محوريا ومنافسا قويا لبقية موانئ البحر الأحمر ، شرط أن يتم تطويره من الحكومة، مشيرا إلى ان مستوى الاداء الحالي للميناء مرتفع لحد كبير قياسا بأوضاعه.

ويتساءل عن دواعي تسليم الميناء لشركة اجنبية، بينما يمكن تطويره من قبل هيئة الموانئ البحرية بالاستفادة من عائداته السنوية الكبيرة بالعملة الاجنبية التي تذهب لوزارة المالية، وعن أسباب تحميل الكوادر العاملة نواحي القصور في العمل بينما يقدمون أفضل ما لديهم في ظل تقاعس واضح عن تحديث البنية التحتية.

بالنسبة لكل من يعمل في موانئ البحر الأحمر، فان الأزمات التي تعيشها سببها الرئيس، عدم تحديث البنية التحتية بحيث يمكن الاستفادة من موقعها على الساحل، ومن موقع السودان في خارطة المنطقة، أما اسباب عدم التحديث فتثور حولها شكوك تدفعهم دائما لمناهضة كل مشروعات الاستثمار الأجنبي في الموانئ والساحل.

أما الجهة المسؤولة إدارياً وفنياً عن الموانئ الحالية، وعن خطط بناء أخرى جديدة فتبدو مغيبة عن ما يدور حول مشروع الخصخصة، مثلما تم تغييبها عن مشروع ميناء ابو عمامة، حتى علمت عنه من الاعلام.

الشاهد انها اعلنت في الاسابيع الماضية، عن إعادة صياغة عمل الهيئة وكادرها الوظيفي بما يستجيب للمتغيرات ويعزز فرص المنافسة في البحر الأحمر، واضحت  أنه لن يكون هناك اي توجه للخصخصة أو انتقاص حق هيئة الموانئ البحرية السيادي.

وقالت ان الموانئ تتجه للتعافي والتحسن بعد وصول بواخر ذات خطوط منتظمة، وحرص مجتمع الموانئ في القطاعين العام والخاص علي  دعمها لحل كل المشاكل والتحديات التي تواجهها.

وكشف مديرها العام المكلف المهندس إبراهيم يوسف محمد، عن حراك واسع في الهيئة لإنفاذ هيكل وظيفي جديد يراعي المتغيرات والمستجدات في عمل الموانئ، ويواكب خطي تعزيز مقومات المنافسة وتنفيذ كل المتطلبات العالمية البحرية .

 وأشار إلى ان الهيئة تعمل بجد لتنفيذ متطلبات التدقيق البحري الإجباري، سعياً لدخول المؤاني البحرية في القائمة البيضاء، خاصة وأن خفر السواحل الامريكي سبق وان أشاد بخطط تأمين الموانئ البحرية السودانية.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *