صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

صرامة الجيش كما يشرحها الاتفاق الإطاري

شارك هذه الصفحة

قال الجيش السوداني، اليوم السبت، إنه ملتزم بمجريات (العملية السياسية الجارية) والتقيد الصارم والتام بما تم التوافق عليه في (الاتفاق السياسي الإطاري) الذي يفضي إلى توحيد المنظومة العسكرية وقيام حكومة بقيادة مدنية فيما تبقى من المرحلة الانتقالية.

وعمليا تعني تأكيدات الجيش المعلنة التزامه بالإصلاح الأمني والعسكري الذي يقود إلى جيش مهني وقومي واحد يحمي الحكم المدني الديمقراطي وينأى عن السياسة، ويحد من أنشطته الاستثمارية ويبتعد عن التعاملات التجارية عبر الشركات المتعددة، وكذلك الالتزام بتنقية الجيش من أي وجود سياسي حزبي، كما نص على ذلك الاتفاق السياسي الإطاري.

ووفق نصوص الاتفاق، من المقرر عقد ورشة لمناقشة خطة الإصلاح الأمني والعسكري، بما يتضمن كيفية معالجة أوضاع قوات الدعم السريع والحركات التي تحمل السلاح.

وتأتي تأكيدات الجيش في ثنايا الحرب الكلامية المندلعة بين قادة انقلاب 25 أكتوبر، وذلك في أعقاب فشل الانقلاب في إحراز أي تقدم لصالح أجندة الانقلابيين والقوى الداعمة للانقلاب.

وهذه الحرب الكلامية هي العنوان الأوضح لصراع النفوذ وحالة التوتر الكامنة بين قائد الجيش، عبد الفتاخ البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو. ويأمل الناس ألا تتطور الحرب الكلامية بين الطرفين إلى مواجهة عسكرية، وهو ما لا يتوقع المراقبون حدوثه.

وتكونت قوات الدعم السريع بتشريع من برلمان حكومة الإنقاذ في يناير 2017م. لكنها بنهاية 2018 أعلنت عن استقلاليتها السياسية عن النظام في خطاب شهير ألقاه دقلو بضاحية طيبة الحسناب، جنوب الخرطوم، أعلن فيه التزامه بدعم ثورة ديسمبر المندلعة حديثا.

ومنذ ذلك التاريخ يشار إلى إن قوات الدعم السريع لديها نفوذ سياسي واقتصادي واسع، وتكسب إيرادات ضخمة من مشاركة قواتها في الحرب اليمنية، وتجارة الذهب، والمشاريع التجارية الأخرى. وحصلت في العاصمة الخرطوم على مناطق حساسة أصبحت المعقل الاستراتيجي لانتشارها.

وخلق وجود قوات الدعم السريع والقوات التابعة للحركات المسلحة أوضاعا مربكة وقابلة للانفجار ما يقتضي دمج هذه الجيوش وهيكلتها داخل القوات المسلحة السودانية.

وإذا كانت أسباب التوتر بين الانقلابيين ما زالت طي الكتمان وعرضة للتكهنات، إلا أنها رسميا تأخذ شكل المزايدة على دعم (الاتفاق السياسي الإطاري) الموقع مع المدنيين في ديسمبر الماضي، الذي تنص بنوده إلى خروج الجيش من العملية السياسية وتسليم السلطة إلى حكومة مدنية.

آخر الكلمات في هذه الحرب هو التصريح المتداول للناطق الرسمي باسم الجيش، اليوم السبت، وقال فيه إن البعض يزايد على مواقف القوات المسلحة من عملية الانتقال، مع أن القوات المسلحة “هي أول من بادر بالخروج من العملية السياسية”، وأشار الناطق الرسمي إلى أن “الحديث عن عدم رغبة قيادتها (القوات المسلحة) في إكمال مسيرة التغيير والتحول الديمقراطي، محاولات مكشوفة للتكسب السياسي والاستعطاف، وعرقلة مسيرة الانتقال”.

ويأتي تصريح الناطق الرسمي للجيش بمثابة الرد على آخر خطاب لقائد قوات الدعم السريع، قال فيه “إن مشكلتهم (الدعم السريع) ليست مع الجيش، بل مع (المكنكشين) في السلطة، في إشارة لا تخفى إلى قائد الانقلاب، عبد الفتاح البرهان، وما يعتبرهم حميدتي فلولا للنظام البائد داخل الجيش الرسمي.

وفيما يكتنف الغموض تفاصيل صراع النفوذ بين الرجلين، إلا أن جزءا من أسباب الحرب الكلامية يعود إلى وضع قوات الدعم السريع خلال المرحلة المقبلة، وكيفية موضعتها بين القوات النظامية التي تتبع لرأس الدولة؛ فبينما يطالب قائد الانقلاب بدمجها، هي والحركات المسلحة في الجيش، وفق جداول متفق عليها قبل توقيع الاتفاق النهائي، يتعامل قادة قوات الدعم السريع والقوى السياسية الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري مع هذه المطالب باعتباره محاولة للتنصل عن الاتفاق من باب آخر.

ومنذ أسابيع، بدأت نواة لتقارب سياسي بين قائد قوات الدعم السريع وقوى الحرية والتغيير الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري في 5 ديسمبر الماضي فحواها دعم (الإعلان السياسي الإطاري) والمضي به إلى اتفاق نهائي ينهي وجود مؤسسة الجيش في السياسة والاقتصاد.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *