صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

السودان.. آلاف الضحايا.. ولا تزال “مخلفات الحروب” تشكل خطرًا

إكرام أبكر أول سودانية تعمل في إزالة الألغام

إكرام أبكر أول سودانية تعمل في إزالة الألغام

شارك هذه الصفحة

بينما تتلبد أجواء الخرطوم بغيوم أزمة سياسية طاحنة، تفتح البلاد برمتها على مستقبل مجهول، تتضاعف –على أطراف بعيدة- أرقام ضحايا مجهولين سقطوا جراء ألغام وذخائرة غير متفجرة، خلفتها سنوات من الحرب والفوضي، قضت على الأخضر واليابس في مناطقهم، وتأتي حاليًا على الأبرياء من النساء والأطفال الذين يهيمون بلا “أرض آمنة”. 

بحصيلة 2572 من الضحايا في السودان، حتى أبريل الحالي، حل أمس الثلاثاء، 4 أبريل “اليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام”، واحتفل المركز القومي لمكافحة الألغام والأمم المتحدة  والشركاء الدوليين والوطنيين، في الخرطوم والمناطق المنكوبة (النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور، والشرق) بالمناسبة بهدف إلقاء الضوء على التحديات التي تشكلها الألغام والذخائر غير المتفجرة، التي تكافح منظمات إنسانية ومتطوعون، لتنظيفها.    

والسودان بحسب تصنف الأمم المتحدة، يقع ضمن الدول بالغة التضرر من انتشار مخلفات المتفجرات والألغام الأرضية، وتقدر المنظمة الأممية أن نحو 2611 شخصاً قتلوا جراءها فيما أصيب الآلاف من الأبرياء غالبيتهم من النساء والأطفال والرحل والمزارعين.

ووفقًا لأحدث تقديرات الأمم المتحدة فإنه في العام 2021م  حصدت أو تسببت الألغام الأرضية في قتل أو إعاقة 5500 شخصا على مستوى العالم، معظمهم من المدنيين،  ونصفهم من الأطفال.

ومع عدم توفر احصاءات دقيقة عن الضحايا، قالت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة  لدعم الانتقال في السودان، “يونتاميس” إن 2572 سودانيا سقطوا ضحايا ذخائر متفجرة في السودان، حتى أبريل 2023.

وأشارت في تدوينة إلى أن قسم الإجراءات المتعلقة بالألغام في “يونيتامس”، يعمل بالتنسيق مع المركز القومي لمكافحة الألغام يدا بيد للحد من مخاطر الأجهزة المتفجرة.

ونجح فريق من البعثة في إقليم النيل الأزرق، في يناير الماضي، من إزالة الالغام والذخائر غير المنفجرة بمناطق النزاعات المسلحة سابقًا وتنظيف مساحة تقدر بـ120.000 متر مربع ليتكمن السكان المحليين وطلاب المدارس من التنقل بسهولة وأمان.

فريق يونسيفا لمكافحة الألغام

وفي السياق، قالت البعثة الأممية العاملة في أبيي “يونسيفا”، أنها قامت منذ عام 2011، بإزالة وتدمير 4.460 عنصرًا من المتفجرات من مخلفات الحرب  و26.740 طلقة من ذخيرة الأسلحة الصغيرة في منطقة أبيي، مما أتاح العودة الآمنة للأشخاص إلى المجتمعات المهجورة وتقليل المخاطر التي تشكلها المتفجرات من مخلفات الحرب على الهجرة.

في أكتوبر 2003م، وقع السودان على “اتفاقية أوتاوا”، التي تمنع استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام ليصبح الدولة رقم 140، وفي أبريل العام التالي دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ وبموجبها كان يتحتم على الحكومة السودانية تدمير جميع الألغام المضادة للأفراد المخزونة بحلول أول أبريل 2008 وتطهير جميع المناطق الملغومة بحلول أول أبريل 2014، لكن تلك الجهود تعثرت لأسباب متباينة بينها استمرار الحرب والاقتتال في عدة مناطق.

في نوفمبر 2022 م مُنحت الحكومة السودانية تمديدا ثالث لموعدها النهائي لإزالة الألغام، وعلى ضوء ذلك، التزمت بمكافحة الألغام وتطهير جميع المناطق الملوثة المعروفة بحلول عام 2027.

تشير بعض الاحصاءات  إلى وجود نحو مليوني لغم بمختلف أنحاء المناطق المتأثر، ويعود تاريخ انتشار الألغام في السودان إلى ما قبل الاستقلال وحسب تقارير فإن ألغامًا ومتفجرات يعود تاريخها إلى الحرب العالمية الثانية لا تزال تشكل خطرًا في شرق البلاد. في حين يتهدد خطر الألغام رسميًا 11 من بين 18 ولاية سودانية، لكن تأثيرها الأكبر يقع في مناطق النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور.

منتصف مارس الماضي، أعلنت بعثة “يونتاميس” عن اكتشاف 255 منطقة خطرة لوجود ذخائر متفجرة مؤكدة أو محتملة بها. جاء ذلك، عقب إجتماع  إلتأم بالخرطوم لمجموعة دعم الأعمال المتعلقة بالألغام برئاسة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للسودان ورئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان “يونيتامس”، وسفير إيطاليا في السودان، بصفته رئيس المجموعة الدولية لدعم الأعمال المتعلقة بالألغام للعام 2023، والأمين العام لوزارة الدفاع.

وبحسب تعميم لـ“يونتاميس” فإنه في عام 2022، ومن خلال عمليات المسح والتطهير، تم تقييم أكثر من مليون متر مربع من المناطق الخطرة على أنها مساحات آمنة وبموجب ذلك سمح للمجتمعات باستخدامها بغرض الإنتاج.

ووفقًا للتعميم عثرت فرق التطهير على 32 لغماً مضاداً للأفراد، و14 لغماً مضاداً للدبابات و249.76 قطعة ذخيرة للأسلحة الصغيرة، و2347 قطعة ذخيرة غير منفجرة تم تدميرها.  

عملية نزع لغم

تشكل الألغام والذخائر غير المتفجرة خطرًا ملحًا في السودان، وحسب محللين لم تحرز جهود تنظيفها تقدمًا كبيرًا بسبب شح التمويل واستمرار عدم الاستقرار بالعديد من المناطق، فلا تزال الألغام تحصد أرواح النساء والأطفال والمزارعين والرحل في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وشرق البلاد.

ويقع السودان، ضمن دائرة ما يقرب من 70 دولة حول العالم قالت الأمم المتحدة إنها لا تزال ملوثة بالألغام الأرضية، التي تواصل حصد أرواح الأبرياء وتسبب لهم إعاقات جسيمة.

ووفقا للأمم المتحدة تتواجد، اليوم 164 دولة طرفا،  في معاهدة حظر الألغام “أوتاوا”،  ومع ذلك، لازال قرابة 60 مليون شخص في حوالي 70 دولة وإقليم عبر العالم،  يعيشون وبشكل يومي مخاطر الألغام الأرضية.

وتشير أحدث التقديرات إلى أنه في عام 2021م  حصدت أو تسببت الألغام الأرضية في قتل أو إعاقة 5500 شخص، معظمهم من المدنيين،  ونصفهم من الأطفال، حسب الأمم المتحدة التي أشارت إلى تدمير أكثر من 55 مليون لغم أرضي، منذ أواخر التسعينيات، ما أوجد أكثر من 30 دولة خالية من الأجسام المتفجرة،  الأمر الذي أدى إلى تراجع أعداد الضحايا.

في المحصلة، تتسبب الألغام والدخائر غير المفتجرة في بث الرعب والخوف والاضطراب، ما يحد من حرية الحركة وإمكانية الوصول إلى مناطق الزراعة والرعي ويحرم المواطنين من ممارسة حياتهم الطبيعية، وبالتالي فهناك آلاف الضحايا لا يعنيهم من سحائب الخرطوم الملبدة بغيوم الأزمات السياسية غير الإنصاف وجبر الأضرار.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *