صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

ماذا بعد إعلان الميثاق الثوري لسلطة الشعب؟

الإعلان عن الميثاق الثوري في الخرطوم

شارك هذه الصفحة

أعلنت لجان المقاومة من الخرطوم عن صدور الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب في نسخته الأخيرة، بعد إجراء التعديلات وتضمين الملاحظات النهائية للجان والتنسيقيات التي شاركت في نقاش بنود الميثاق ووقعت عليه.

ويأتي الإعلان في ظل انقسام كبير في الشارع، حول مشروع التسوية مع قادة انقلاب 25 أكتوبر، وشكوك متزايدة في فرص نجاح الاتفاق السياسي الإطاري الموقع في هذا الشأن، بين قوى الحرية والتغيير وقادة الانقلاب.

وتزامن الإعلان مع تطورات سياسية أقلقت القوى الداعمة للتسوية، من بينها استقبال قائد الانقلاب، عبد الفتاح البرهان، وزير الخارجية الإسرائيلي في الخرطوم، في استباق لتوقيع الاتفاق السياسي النهائى وتشكيل الحكومة، وتثبيت لمسار التطبيع بين السودان وإسرائيل، مع تأكيد جوهرية دور قادة الانقلاب في علاقات السودان الخارجية.

وحظي التطور الأخير في شأن العلاقات مع إسرائيل، بدعم ورعاية أمريكية، أشار إليها ممتنا وزير الخارجية الإسرائيلي في ختام زيارته للخرطوم، وبينما تجنبت القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري التعليق، أدانت لجان المقاومة الخطوة، ونددت بمساعي البرهان للتطبيع مع حكومة صهيونية يمينية متطرفة تمارس الانتهاكات السافرة والمجازر في حق شعب فلسطين الأبي.

وأشارت اللجان إلى أن السودانيون، بعد أكثر من عام على الانقلاب، مازالوا عرضة للقتل والانتهاك، وما زالت ثرواتهم تنهب بأساليب تحاكي أساليب الكيان الصهيوني المحتل وممارساته الدنيئة مع الفلسطينيين، مشددة على أنها “ستستمر في مناهضة التطبيع مع كيانات الاضطهاد وسياسات الفصل العنصري؛ وستواصل سعيها من أجل تحقيق سيادة وطنية لا يتبع فيها السودانيون الدويلات وقوى الاحتلال التي تهدد كرامة الشعوب”.

ونهض الميثاق الصادر، بحسب اللجان، على تحليل عميق لمشكلة الدولة السودانية منذ ما قبل (1956م) وبداية تشكل مؤسساتها الاستعمارية القديمة والحديثة، وأزماتها المتوارثة التي تراكمت اسقاطاتها لتولد المزيد من المعاناة لشعبنا الصامد والمقاوم.

وشاركت في صياغة بنوده، لجان مقاومة من ولايات السودان المختلفة عبر حوارات ونقاشات قاعدية شملت أكثر من 80 جسما. ورأت اللجان الموقعة إن عملية الاتفاق على الميثاق ستشكل نقطة تحول جديدة في تاريخ السياسة السودانية والإقليمية والعالمية، بدخول قوى شعبية قاعدية كفاعل أساسي لصناعة تحول تاريخي ثوري حديث لبناء السودان الجديد.

ويستهدف هذا الميثاق بحسب اللجان الشعب السوداني، وكل القوى الثوري والمدنية الساعية لتحقيق التغيير الجذري الشامل، كما يعمل على ترسيخ الوحدة البرامجية والسياسية للقوى الموقعة والمدعوة للتوقيع، وبناء مركز موحد للعمل والتنسيق المشترك من أجل إسقاط قوى الانقلاب والتسوية، وتأسيس سلطة الشعب وتحقيق العدالة والقصاص للشهداء.

ويعد الإعلان تتويجا لجهود مستمرة منذ أكثر من عام، من أجل الاتفاق على مركز موحد للعمل بين كل القوى التي تؤمن بحتمية التغيير الجذري والابتعاد عن الحلول الترقيعية لأزمة البلاد المستمرة، داخل لجان المقاومة وخارجها. لكن التساؤلات حول فرص نجاح القوى الموقعة في بناء المركز الموحد، ومدى استجابة القطاعات المعنية بالدعوة طرحت نفسها مند لحظة الإعلان، في ظل الانقسامات والتحديات التي تواجه تجارب العمل المشترك.

في البداية تقول الفاعلة في المجتمع المدني، ميرفت حمد النيل، إن الميثاق لم يخاطب بشكل جاد قضية جوهرية في عملية التغيير، وهي قضايا المرأة، لدرجة تمركز خطابه حول الرجل وتناول قضاياها في ربطها بالطفل، وهذا متأخر جدا عن التقدم الحالي للنساء في السودان والحقوق ذات الصلة على مستوى العالم.

وتضيف: “الميثاق لا يمثلني كمواطنة أيضا؛ لأنني لم أشارك في نقاشه على مستوى الحي الذي أسكنه، ما يشير إلى عدم وجود عملية ديمقراطية كاملة في صناعة الميثاق ونقاش بنوده”.

لكنها تضيف أيضا أنه “من الجيد صدور ميثاق لأي مجموعة ليعبر عنها، لكن يبقى مستوى تعبيره عن قضايا القوى المختلفة هو المعيار الأساسي لقدرته على حشدها، بالإضافة لشكل العلاقات بين المجموعة المكونة له والقوى المستهدفة”.

وفي ذات الاتجاه ينظر النقابي، ناصر سيد، إذا يربط نجاح الميثاق في حشد القوى المعنية برنامجه المعلن، بتجاوز سلبيات تجربة العمل التحالفي في الفترة الماضية، بجانب الإتجاه إلى كل مكان في السودان لتوضيح وشرح البرنامج وآليات إنفاذه، والانفتاح على كل التطورات اليومية في المشهد السياسي وفي المجتمع.

سيد يرى أن الميثاق من حيث مشتملاته ينقاش بالفعل جذور الأزمة في السودان، ويحدد كيفية الخروج منها، لكن ذلك ليس كافيا دون العمل على بناء وحشد جميع أصحاب المصلحة في أنحاء السودان، وإظهار أن كل الأزمات التي تواجه السودانيين يوميا، لا يمكن مواجهتها إلا بالعمل الجماعي من أجل تغيير جذري.

نقطة البداية، بالنسبة للنقابي، تكمن في توسيع الحوار حول الميثاق في جميع أحياء وقرى البلاد، بجانب إدارة حوار مواز مع اللجان والأجسام النقابية، ومنظمات المجتمع، وصولا لللكتلة الأكبر القادرة على إنجاز التغيير حتى في ظل المشروعات الإقليمية والدولية.

ويضيف: “الحراك الذي نشهده في أماكن مختلفة ولأسباب ودوافع وقضايا مختلفة، يؤكد أن فرصة نهوض هذه الكتلة كبيرة”.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *