صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

بلاد الذهب والمال والرجال.. وكذلك الثورة

الخرطوم. 8 فبراير

شارك هذه الصفحة

قبل عدة أيام كنت استمع إلى دكتور مرموق في العلوم السياسية، كان يشرح لطلابه في محاضرة مغلقة تأثير الأوضاع السياسية الإقليمية على سودان ما بعد عرقلة ثورة ديسمبر وقيام انقلاب 25 أكتوبر. لشرح وجهة نظره، كان أستاذ العلوم السياسية يستعيد أوضاع السودان السياسية لأكثر من 200 سنة، ويقول إن دوافع الاستعمار التركي في تلك الحقبة البعيدة ما زالت هي المحرك والدافع للسياسات الإقليمية والدولية تجاه السودان: الذهب والمال والرجال.

وإذا كان أستاذ العلوم السياسية محقا، فإن المتابع للشأن السياسي لا يحتاج إلى ذكاء كبير ليخمن الحاجة المتزايدة لهذه العناصر في السنوات القليلة الماضية، أضف إلى ذلك الموقع الجغرافي لهذا البلد الواسع. إن أوضح إشارة تدلل على أهمية السودان إقليميا ودوليا، هي الزيارات الكثيفة المفاجئة لمبعوثين من العيار الثقيل، عددهم 6 مبعوثين أوربيين إلى جانب وزير الخارجية الروسي، يتواجدون في الخرطوم الآن بدوافع واحدة وتقديرات مختلفة لبلوغ تلك الأهداف.

رسميا وديبلوماسيا، تأتي الزيارات من المبعوثين “لتأكيد دعم الانتقالي السوداني وتوسيع دائرة المشاركة السياسية للحكم الديمقراطي”، ومن الوزير الروسي بهدف تطوير العلاقات بين البلدين، لكن في الواقع فإن الزيارات تشكل أعلى درجات التنافس الغربي (الولايات المتحدة وإسرائيل وأوروبا الغربية) والشرقي (روسيا والصين) حول القارة الأفريقية: مكانتها ومواردها، وبالطبع من بينها السودان؛ فإذا كانت هذه الدول في السابق تدير مصالحها عبر وكلاء إقليميين وحلفاء داخليين، فيبدو أنها آثرت أن تأتي أصالة عن نفسها لبلورة استراتيجية طويلة المدى تمكنها من قراءة ميدانية قد ينبني عليها تغيير سياساتها واستراتيجياتها بشكل كلي.

هذه الأصالة دفعت بالوكلاء السابقين، مثل الجارة الشمالية مصر، لإيجاد موطئ قدم لها في السودان، فاحتضنت بدورها طائفة من الشتات السياسي في مؤتمر يحصد الكثير من السخرية في أوساط السودانيين.

كثافة المبعوثين وتعدد زياراتهم قد تجعل القوى السياسية في السودان منقسمة بين أحلام قد تعرض عليها: حلم القوة والقدرة على الدفاع، الذي تلوح به روسيا، وحلم الديمقرايطة والازدهار الذي تسوَّقه دول أوروبا الغربية. لكن فوق كل ذلك، هناك شارع سوداني ثائر حتى الآن، وما يزال يقول كلمته منذ أربع سنوات!


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *