صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

رجل كريم بالإعلانات السياسية. ماذا وراء خطوة الشعبية والكتلة الديمقراطية؟

الحلو وحمدوك. أرشيف

شارك هذه الصفحة

وقعت الحركة الشعبية لتحرير السودان، شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو على إعلان سياسي في جوبا، مع تحالف (الكتلة الديمقراطية) التي يقودها جعفر الميرغني، نجل الزعيم محمد عثمان الميرغني، ما أثار حالة من التعليقات حول دوافع هذا التحرك السياسي وتأثيره في الراهن.

الإعلان الذي صدر، الخميس، نص بشكل صريح على الاتفاق على مبدأ فضل الدين عن الدولة في الترتيبات الدستورية المرتقبة، مع عدم التنازل عن دور الدين في المجتمع، على أن تقف الدولة على مسافة واحدة من جميع الأديان والهويات وحرية العبادة، بجانب التأكيد على لا مركزية الدولة، والجيش الواحد.

في سنوات وأوقات سابقة كانت الحركة الشعبية قد وقعت على إعلانات مشابهة مع أطراف سياسية مختلفة، خاصة سنوات ما بعد سقوط النظام البائد، شملت (تجمع المهنيين السودانيين) والحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وحزب الأمة القومي، والحزب الشيوعي السوداني، لكنها نأت عن المفاوضات الجارية بين (تحالف قوى الانتقال) وقادة انقلاب 25 أكتوبر، وأعلنت أنها ستتفاوض مع الحكومة التي تتمخض عن الاتفاق النهائي كحكومة أمر واقع.

تحالف قوى الحرية والتغيير الذي يقود قوى الانتقال، قال الخميس إن التوقيع على هذا الإعلان غير مؤثر على العملية السياسية، مشيراً إلى أن الحلو وقع مذكرات وإعلانات سياسية كثيرة مع أحزاب، منها الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) والحزب الشيوعي ومؤخراً مع حزب الأمة القومي.

وأوضح القيادي في التحالف، شريف محمد عثمان، أن الحركة الشعبية تشترط أن تتضمن أي اتفاقات تجريها مع القوى السياسية التأكيد على فصل الدين عن الدولة، منوها إلى أن الإتفاق لا يعني الانخراط مع الكتلة في عمل محدد.

وذكر أن الحلو سيدخل في عملية سياسية تفاوضية في المرحلة المقبلة مع الحكومة المدنية التي ستُشكل بموجب الاتفاق النهائي.

تاريخيا، تقاتل الحركة الشعبية منذ 2011 انطلاقا من جنوب كردفان والنيل الأزرق، من أجل إقرار الدولة العلمانية في السودان، أو حق تقرير المصير لمنطقة جنوب كردفان، فيما خاضت سابقا جولات تفاوض فاشلة مع النظام البائد في الخرطوم برعاية إقليمية ودولية جرت في أديس أبابا.

بعد سقوط النظام البائد، واجهت أول حكومة انتقالية في البلاد تحديات كبيرة في الوصول إلى تفاهمات مع حركات الكفاح المسلح وإقرار السلام، وبينها الحركة الشعبية التي طرحت ضرورة الاتفاق على مبادئ فوق دستورية.

في مارس 2021، تم توقيع (إعلان المبادئ) المشار إليه في جوبا من قبل عبد العزيز الحلو وعبد الفتاح البرهان (قبل انقلابه)، بعد أن تعثرت جولات التفاوض التي قادها الوفد الحكومي وقتها، ونص الإعلان على قيام دولة لا تتبنى دينا رسميا، وعدم تدخل في شؤون حرية المعتقد وضمير الأفراد. استناد قوانين الأحوال الشخصية إلى الدين والعرف دون تعارض مع الحقوق، وتضمين هذه المبادئ في الدستور.

وتضمن الإعلان موافقة الحركة الشعبية على دمج تدريجي لقواتها في الجيش السوداني، على أن يكون الجيش قوميا مهنيا قائما على عقيدة عسكرية موحدة، وأن تعكس المؤسسات الأمنية التنوع والتعدد السوداني، وأن يكون الولاء فيها للوطن وليس لحزب أو جماعة. بيد أن المفاوضات انهارت في يونيو من ذات العام، حتى بعد توقيع (إعلان المبادئ) بسبب طلب الحركة النص صراحة على علمانية الدولة في الاتفاق، بينما تمسك الوفد الحكومي بطرح الدولة غير المنحازة.

ويرى مراقبون أن تحركات الشعبية في الساحة السياسية، تستهدف حشد التأييد لمبدأ فصل الدين عن الدولة في الترتيبات الدستورية النهائية، بجانب ضمان عدم تنصل الحكومة عن الاتفاقات الموقعة سابقا في هذا الشأن، مثل إعلان المبادئ.

إجمالا، ترى الحركة الشعبية أن من الأهداف الرئيسة لانقلاب 25 أكتوبر 2021، هو التنصل من (إعلان المبادئ) الموقع معها في مارس 2021، بجانب عدم تسليم السلطة للمدنيين بعيد قرب انقضاء أجل قيادة العسكريين للمجلس السيادي الانتقالي المنصوص عليه في الوثيقة الدستورية (2019).

إلا أنها تعتقد أيضا أن أساس الأزمة الوطنية يتمثل في مشكلة الهوية، أي هوية الدولة السودانية التي لا يعترف بها معظم المواطنين السودانيين، ما تسبب في اندلاع الحروب واستمرارها.

وفي ظل دخول العملية السياسية التي تضم قوى سياسية متباينة التوجهات مراحلها النهائية، يشير مراقبون إلى إمكانية أن تواجه عملية السلام الشامل تحديات إضافية، في ظل تمسك الحركة الشعبية وحركة تحرير السودان بقضايا إعادة تأسيس الدولة.

وتجاوزت إعداد القوى المدنية والسياسية الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري حاجز 100‪ بينما يعتمد الاتفاق النهائي على توصيات 5 ورش، شارك في بعضها حتى الآن مئات الأشخاص من خلفيات مختلفة.

وعلى الرغم من أن الاتفاق السياسي الإطاري تعهد بإحلال السلام، فإن مرجعيات الحكومة المرتقبة في طريق المفاوضات مع الحركات التي لا تزال تحمل السلاح، تظل محل تساؤل في ظل رفض الحركات المسبق لوثيقة الدستور الانتقالي.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *