صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

مع اقتراب موعد التوقيع.. يتزايد معارضو الاتفاق السياسي في السودان

شارك هذه الصفحة

تطورات متسارعة أعقبت الإعلان عن موعد توقيع الاتفاق السياسي النهائي بين قوى مدنية تقودها (قوى الحرية والتغيير) وقادة انقلاب 25 أكتوبر في السودان، كان أبرزها تهديد القوى المنضوية في (تحالف الكتلة الديمقراطية) بإسقاط الاتفاق والحكومة المتمخضة عنه بحملة من الاحتجاجات المتعددة الأشكال.

برغم ذلك، قال، أمس الخميس، القيادي في قوى الحرية والتغيير، محمد الفكي سليمان، إن عملية تنفيذ المصفوفة الزمنية المتفق عليها لتوقيع الاتفاق والدستور الانتقالي الجديد وإعلان الحكومة لن تشهد تأخيرا، ما يعني أن التحالف، وبقية الموقعين على الاتفاق، لن ينتظروا الوصول إلى اتفاق مع القوى غير الموقعة، وأبرزها الكتلة الديمقراطية.

وكانت أطراف الاتفاق من المدنيين والعسكريين، قد حددوا الأول من أبريل المقبل موعدا لتوقيع الاتفاق النهائي لتسليم السلطة المدنية الكاملة، والسادس من ذات الشهر لتوقيع الدستور الانتقالي، والحادي عشر، لإعلان تشكيل مؤسسات السلطة المدنية الانتقالية، وسط معارضة من الكتلة التي تضم حركات دارفور الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام في العام 202‪0.

ويبدوا أن تلك المعارضة لن تعطل من خطط أطراف الاتفاق التي مضت في الترتيبات الممهدة للتوقيع النهائي، حسب الجدول المعلن.

وأعلن الخميس الناطق الرسمي باسم العملية السياسية، خالد عمر يوسف، أن لجنة صياغة الاتفاق النهائي عقدت أول اجتماع لها بالقصر الجمهوري في الخرطوم، وضم ١١ عضوا وعضوة من القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري وممثل لكل من القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.

وأشار يوسف إلى أن مرجعية صياغة الاتفاق النهائي ستكون هي الاتفاق الإطاري ومشروع الإعلان السياسي وتوصيات ورش ومؤتمرات عقدت في الخرطوم في الشهور الماضية فصلا عن مسودة الدستور الانتقالي.

في الأثناء، أعلنت (الكتلة الديمقراطية) أنها تخطط لاحتجاجات ضد الاتفاق في الخرطوم والولايات عبر أشكال مختلفة.

وتستند هذه الكتلة في رفضها للاتفاق بعدم مشاركتها في اجتماعات ما يسمي بـ (العملية السياسية النهائية) بسبب عدم الاتفاق على الأطراف المشاركة ولعدم الاتفاق على آلية اتخاذ القرار وعلى الأسس والمرجعيات التي تستند إليها عملية الحوار، وتتسم بعملية حوارية متكافئة لا غلبة فيها لطرف على آخر، بتمثيل منصف وآلية عادلة لاتخاذ القرار تستند إلى مرجعيات متوافق عليها بين الأطراف.

وترى أن ما يجري حالياً تحت مسمى العملية السياسية النهائية هي عودة لذات الشراكة القديمة بين بعض المكونات المدنية وبعض أعضاء المكون العسكري بقاعدة أضيق، وهي صفقة خاسرة لتقاسم السلطة لن تحقق الانتقال المدني والتحول الديمقراطي المنشود، وتحمّل الموقعين عليه من المدنيين والمكون العسكري مسؤولية فشل الانتقال المدني والديمقراطي.

ومع أن الكتلة تضم أطراف ذات تأثير في مناطق مختلفة من البلاد فإن شكوك تحاصر منطلقاتها في معارضة الاتفاق، بعد أن أعلن عن السماح بانضمام مزيدا من عضويتها إلى العملية السياسية، مثل (المجلس الأعلى لنظارات البجا) بقيادة الناظر ترك والرئيس السابق للسلطة الانتقالية في دارفور، التجاني السيسي، وهم شركاء لحكومة عمر البشير التي أسقطتها ثورة ديسمبر. فيما تواجه هذه المعارضة أيضا اتهامات من الآلية الثلاثية التي تشرف على العملية السياسية، حيث تعتقد الأخيرة أن خلف رفض العملية مطامع من قيادات حركات دارفور التي تتصدر الكتلة في الحفاظ على مناصبهم في الحكومة المقبلة.

وترافقت تهديدات الكتلة بإسقاط الاتفاق السياسي مع الإعلان عن اجتماعات تنسيقية لمكوناتها في العاصمة الخرطوم والأقاليم من أجل ذات الهدف، بجانب تصريحات جديدة لقائد انقلاب 25 أكتوبر، عبد الفتاح البرهان، يحذر خلالها مما يصفه بـ “عدم التوصل لاتفاق سياسي يضم جميع الأطراف”.

وقال البرهان في خطاب بولاية شمال كردفان إن السودان مقبل على مرحلة جديدة ستكون مرضية للجميع، مؤكدا على ضرورة أن تكون كل القوى موجودة في العملية السياسية الجارية وإلا فإن هذه العملية ستتعثر.

ويرى مراقبون أن الدعم الدولي الكبير المقدم للعملية السياسية، سيسهم في إكمال العملية السياسية حسب الجداول المعلنة، وصولا لإعلان الحكومة الانتقالية الجديدة، لكنهم يخشون أيضا من تأثير معارضيها على تنفيذ برنامجها.

الآلية الثلاثية التي تشرف على العملية السياسية تتكون من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (إيغاد). كما تحظى العملية بدعم الرباعية الدولية، وتضم السعودية والإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة، بجانب الاتحاد الأوروبي.

وسبق لأعضاء الكتلة الديمقراطية قيادة احتجاجات ضد الحكومة الانتقالية السابقة بقيادة الدكتور عبدالله حمدوك، ما فتح الطريق لانقلاب 25 أكتوبر، وهو ما قد تحاول الكتلة تكراره حال مضت العملية السياسية دون مشاركتها، وهذا بالاستفادة من موقف قادة الانقلاب الداعي لإشراك جميع القوى في العملية.

بجانب الكتلة الديمقراطية، يواجه الاتفاق معارضة مبدئية من تنظيمات قوي ثورة ديسمبر المجيدة، التي أعلنت مرارا رفضها الحوار مع قادة الانقلاب، إلا إذا كان الحوار يتصل بتسليم السلطة للشعب السوداني.

أمس جددت هذه القوى رفضها الاتفاق السياسي، ورأت فيه محاولة من قوى الردة ووكلاء الخارج لفرض سلطة أمر واقع تأتمر بأمرها- وعسكر اللجنة الأمنية وقادة أجهزة النظام البائد، و(قوى الهبوط الناعم) الحزبية والمدنية.

وأكد بيان لتحالف قوى التغيير الجذري أن الشعب أقوى ومنتصر لا محالة، ولكن الشرط الموضوعي لهذا الانتصار “هو تنظيمنا لقوانا الكلية، وتحديد ساعة المعركة، وأسلحتها الحاسمة”، داعيا كل رافض لواقع الحال للاصطفاف معا في وجه النظام القاتل.

أيضا أعلنت أمس (لجان المقاومة) والقوى التي وقعت على (الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب)، عدم اعترافها بالاتفاق وكل ما ينتج عنه، ووصفته بالمساومة وعملية التسوية، وأكدت في بيان لها مواصلة عملها القاعدي والمقاوم لإسقاط كل المنظومة، وعن الإعلان قريبا عن فعالياتها المقبلة لانتراع سلطة الشعب الحقيقية.

في ظل تعدد المواقف وتسارع ردود الأفعال من القوى المختلفة في المشهد السوداني، قد تجيب الأيام القليلة المقبلة على تساؤلات حول مستقبل العملية السياسية التي أطلقها اتفاق 5 ديسمبر بين قادة الانقلاب والقوى المدنية التي تقدمها الحرية والتغيير، وفي ظل توازنات القوى السائدة في البلاد ستختبر هذه الأيام، وفقا لمراقبين، مدى تمسك قادة الانقلاب بالعملية نفسها.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *