صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

ما يعنيه الإصلاح العسكري.. وما لا يعنيه!

فولكر

فولكر

شارك هذه الصفحة

ينشغل الرأي العام في الخرطوم هذه الأيام بالتداول حول مآلات (ورشة الإصلاح الأمني والعسكري) المنعقدة في الخرطوم، على خلفية اتفاق سياسي إطاري تم توقيعه قبل ٤ أشهر بين قادة انقلاب ٢٥ أكتوبر والقوى المدنية بقيادة (تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير). وتأمل عبارات الاتفاق الفضفاضة في “إنهاء الانقلاب وإخراج العسكريين من السياسة”.

وبرغم العقبات والتحديات الجمة التي تترافق مع الورشة، إلا أن العملية برمتها مواجهة بنوايا مشكوك فيها من قبل العسكريين، وربما تفضي إلى تجدد حدة الصراع بين طرفي الانقلاب، الجيش وقوات الدعم السريع، من واقع أن كل طرف لديه رؤيته لما تعنيه عملية الإصلاح العسكري. وللجانبين انتكاسات معلومة ومستترة اعترت التنسيق بينهما.

وفي الواقع، يعود الخلاف بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى بداية هذه القوات (2014) في عهد الرئيس المعزول عمر البشير؛ فقد رفض بعض قادة الجيش وقتها إلحاق قوات الدعم السريع بالجيش السوداني، ما قاد إلى إلحقاها بـ (جهاز الأمن والمخابرات)، قبل أن تصبح (2017) قوات منفصلة وتتبع لرئيس الجمهورية، الذي هو القائد الأعلى والعام للجيش.

ظهرت الشكوك الأخيرة حول موقف العسكريين من الإصلاح العسكري من خلال اللغة المستخدمة في خطاب كل من قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو وهما يخاطبان الورشة من الخرطوم.

في هذه المناسبة المحضورة إقليميا ودوليا، قال عبد الفتاح البرهان كلمات قديمة ومكررة، هي “إن الجيش لن يخضع لقوى غير منتخبة بأمر الشعب”، يحدث هذا برغم إن وثيقة (الاتفقاق السياسي النهائي) نصت على حتمية ابتعاد الجيش عن السياسة والتنفاس في الاقتصاد. وعمليا، يشير حديث البرهان إلى إنه غير ملزم بأي توصيات تقترحها الورشة لتنفذ في ظل حكومة الفترة الانتقالية المزعم الإعلان عنها في 11 أبريل المقبل، وربما في أحسن الأحوال قد يذعن قائد الجيش ليقدم بعض التنازلات الشكلية لصالح المدنيين السياسيين، وليس من بين التتنازلات الاقتراب من اقتصاديات المؤسسة العسكرية، ومع ذلك، سيحاول الجيش أن يقدم رؤيته لما يمكن أن تعنيه “عملية الإصلاح العسكري”، وكل المؤشرات تقود إلى أن الجيش، في هذه المرحلة بالذات، سيفهم أن العملية تعني فقط إنها وتفكيك بينة الدعم السريع ودمجه إلى جانب تفكيك الحركات المسلحة.

وفي المناسبة نفسها قال محمد حمدان دقلو “إن الإصلاح الأمني والعسكري، ليس نشاطا سياسيا ولا يجب أن يخضع لأية أجندة سياسية… ويجب أن يعالج خلف غرف محكمة الإغلاق”. ومن المهم بالنسبة لقائد قوات الدعم السريع “مواصلة عمليات الإصلاح والهيكلة لتشمل بقية أجهزة الدولة”، بما في ذلك هيكلة الجيش نفسه وإخراج العناصر الموالية للجبهة الإسلامية، وقد كان صريحا في ذلك بأكثر من مناسبة، مع أدعائه الصارم بأن لقواته صفة قانونية، شبيهة بوضعية الجيش، حصلت عليه من برلمان منتخب وهو آخر برلمان في عهد عمر البشير.

في هذا الخضم من التأويلات المختلفة، من الصعوبة بمكان أن تتسق رؤية البرهان مع دقلو، على الأقل خلال الفترة الانتقالية، وهو ما يمكن أن يولد أكبر الأخطار.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *