صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

النقابات السودانية ما زالت تواجه تحديات التأسيس

موكب التضامن النقابي

وقفة احتجاجية لأجسام نقابية أمام المحكمة الدستورية ـ الخرطوم

شارك هذه الصفحة

في يونيو من العام 2019 بدأت حلقة صغيرة من المهندسين الطبيين مساعيهم لبناء جسم نقابي خاص، عبر ابتدار حوار مع زملائهم، وفي البدء انتابت أغلب العاملين في هذا القطاع الهندسي الحديث نسبيا، شكوك حول مدى صحة قرار الخروج عن نقابة المهندسين، وتداعياته على حقوقهم النقابية.

 وبدا أن التطلع بين من يعملون في هذا القطاع لجسم نقابي يشملهم فقط، كان أكبر من كل الشكوك والمخاوف حول المستقبل، إذ انخرطت العدد الأكبر منهم في دعم المبادرة، وفي عملية البناء ومناقشة مشروع النظام الأساسي للنقابة الجديدة التي يترقب أعضائها الآن انتخاب مكتبها التنفيذي، بحسب ما أعلنت عنه لجنة انتخابات نقابة المهندسين الطبيين السودانيين، والتي أغلقت الأسبوع الماضي باب الطعون في العضوية.

وجاء إعلان اللجنة تمهيدا لنشر الكشوفات النهائية لعضوية النقابة عبر إعلان منفصل عقب إكتمال البت في الطعون، تمهيدا لاستكمال بقية خطوات العملية الانتخابية.

إطار قانوني

أبرز التحديات على طريق المبادرة، بحسب أحد الأعضاء، كانت عدم وجود إطار قانوني ينظم عملية بناء النقابات، وعدم إلغاء قانون الاتحادات المهنية 2004، الذي سنه النظام البائد خصيصا لمنع نشوء النقابات وفرض شكل تنظيم محدد على عضويتها، وعمليات عرقلة بناء الأجسام على أساس شرعية النظام الأساسي وسلطة الجمعية العمومية.

وقال الخبير النقابي محجوب كناري إن مبادرة إنشاء نقابة المهندسين الطبيين تعد النموذج الباهر على روح الالتزام بالبناء النقابي السليم، والعمل الجماعي من أجل تحقيق الهدف دون انتظار اعتراف من جهة إدارية أو حكومية.

ويبدو أن المبادرة تستند على تاريخ الحركة النقابية في السودان، الذي يعود لمرحلة ما قبل استقلال الدولة نفسها عن المستعمر، إذ نشأت هيئة شئون العمال في حدود العام 1946، وكان تكوين ذلك التنظيم النقابي سابق لصدور القانون، واستنادا على قواعد العمال وجمعياتهم العمومية.

موكب التضامن النقابي

ويشير كناري إلى إن هذه النقابة، فور انتخاب مكتبها التنفيذي، ستنضم إلى عدد لايستهان به من الأجسام النقابية التي نهضت على أساس أنظمتها الأساسية وجمعياتها العمومية، مثل نقابة أساتذة جامعة الخرطوم ونقابة الصحفيين ونقابة أساتذة جامعة نيالا، ونقابات سكر كنانة وسكر حلفا وشركة حجار، واتحاد التشكيليين، وغيرها من الأجسام التي انتصرت على عسف السلطة.

ثورة القواعد

وجاء التطور الجديد تزامنا مع قرار للمحكمة العليا بحل لجان التسيير في النقابات والاتحادات المهنية، وإعادة لجانها السابقة، والتي كانت قد حلت بقرار من (لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو) في ديسمبر من العام 2019، لتشكل لاحقا لجان تسييرية لإدارتها.

وأدى القرار إلى ثورة داخل قواعد الأجسام العمالية والمهنية، التي كانت تعمل من أجل استكمال بناء نقاباتها فور صدور قانون يعترف بشرعيتها، لكن الخبير النقابي محجوب كناري يرى أن عليها التحرك فورا لعقد جمعياتها العمومية وإجازة نظمها الأساسية دون انتظار.

ويعتبر أن الطريق الوحيد لاستعادة النقابات يبدأ من قواعدها النقابية، ويستند على المعايير السليمة في البناء، والتي تتضمن نظام أساسي مجاز من الجمعية العمومية وأجهزة نقابية منتخبة، والتمسك بشعار استقلالية الحركة النقابية وعدم تدخل الأحزاب.

“التكوين النقابي في السودان سابق لصدور القانون، بجانب أن اتفاقية الحريات النقابية “87” التي وقع عليها السودان العام الماضي تقر هذه الحرية دون تدخل من الحكومة”.

الواقع أن فريق من النقابيين طالما تبنى الدعوة للجمعيات العمومية لاكتساب الشرعية من القواعد، والاحتكام في ذلك إلى المعايير والاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية الحريات النقابية رقم (87) لسنة 1948، واتفاقية المفاوضة الجماعية رقم (98) لسنة 1949.

كما رفض هذا الفريق بشكل مبدئي قرارات حل وتجميد النقابات بواسطة السلطات، لأنها تندرج في خانة التدخل الإداري في عمل النقابات الذي طالما قاومته الحركة النقابية في البلاد، بجانب حرمان الجمعيات العمومية من اختيار ممثليها في لجان التسيير، من خلال تعيينهم بقرار إداري وفقا لاعتبارات سياسية.

الشرعية القاعدية

وتنتقد اللجان التي انخرطت في هذا الاتجاه بشدة، انتظار فريق آخر إجازة الحكومة لقانون جديد للنقابات، حتى يتسنى لها بناء النقابات على هدى بنوده.

فالطريق الوحيد لاستعادة النقابات بنظر النقابي المهندس، محمد شاويش، يمر أيضا باكتساب الشرعية الديمقراطية القاعدية أو الشرعية المستمدة من الجمعيات العمومية، منددا بالتدخل الإداري، مهما كانت ثوريته ونبل مقصده، لأنه ينتهك حق العمال في تأسيس ما يرتضونه لأنفسهم من تنظيمات .

وأشار شاويش إلى واقع أن بضعة أجسام في قطاعات خدمية وإنتاجية ومهنية، نجحت في سحب الثقة من نقابات الفلول وعقد جمعياتها العمومية، في حين أن معظم اللجان الأخرى بالقطاعات المختلفة اختارت الطريق الأسرع الذي لا يوصل في الحقيقة لشيء سوى السراب.

وبعيد انقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي قام بحل اللجان النقابية التي اضطلعت بمهام التسيير والتمهيد لعقد الجمعيات، واجه من جديد كلا الفريقين تحديات استرداد حقهم في التنظيم النقابي والدفاع عن حريات الشعب نفسه.

ولا يعتقد كناري بصعوبة المهمة التي تنتظر اللجان المنتخبة من القواعد، رغم قرارات المحكمة العليا، لأن فلول النظام السابق لا يملكون قواعد نقابية بالفعل، ما يمهد لإسقاط القيادات القديمة المرتبطة بالنظام البائد عن الجمعيات العمومية وعمليات سحب الثقة.

وأضاف “المعركة تتضمن نشر الوعى في القواعد وتعبئتها، والتصدي لقرارات المحكمة العليا بالقانون”.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *