صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

جون غودفري في زيارته الأولى إلى بورتسودان..لكنها ليست الأخيرة!

السفير الأمريكي يزور بورتسودان

غودفري في بورتسودان

شارك هذه الصفحة

تهتم الصحافة بزيارة السفير الأمريكي جون غودفري إلى مدينة بورتسودان بشرق السودان في جانبها السياسي، لكن غودفري يقول إنه وصل إلى مدينة الساحل ليسهل وصول الدعم والمساعدات الإنسانية المقدمة من بلاده للشعب السوداني، وهي الزيارة الأولى أيضا منذ وقوع انقلاب (25) أكتوبر العام الماضي، حيث يضيق الأمريكان والمجتمع الدولي على العسكريين الذين استولوا على السلطة من الحكومة المدنية بقوة السلاح، ويسعون إلى قبضة حديدية على البلد المتوثب لانتقال ديمقراطي.

تُسخر الإدارة الأمريكية جهود سفيرها في الخرطوم للتوصل لحل سياسي في التعقيد الذي أطبق على المشهد السوداني بخطوة أكتوبر العسكرية، لكن في ذات الوقت يلعب العسكريون على أكثر من حبل للبقاء في السلطة بامتيازات شمولية قابضة وخانقة حتى بعد ثورة ديسمبر التي حققت حرية السودانيين من براثن شمولية الإنقاذ الدينية، ويمكن فهم حديث السفير الأمريكي في بورتسودان بأنه امتداد للعملية السياسية التي بدأتها زميلته مولي، مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية.

صحيح ان الحديث المتلفز لـ غودفري من بورتسودان الذي بثته الصفحة الرسمية لسفارة بلاده في موقع “فيس بوك” يفسر حالة الدعم الإنساني كما يقول: “وصلت لأكون سفيرا لكل السودانيين قبل ستة أشهر، وأنا سعيد بزيارة مدينة بورتسودان، الأحد،، وأنا سعيد للمشاركة في وصول المساعدات الإنسانية للسودان، لكن بجعبة الدبلوماسي الرفيع ما يحيل لحيثيات سياسية أخرى حيث يقول أيضا: “زيارتي لبورتسودان حتى أفهم بشكل أفضل الوضع هنا في شرق السودان”، فقبل ذلك بأيام قليلة كان السفير زار ولايتي كسلا والقضارف والتقى بعض الزعامات المحلية المؤثرة.

 

إن التحليل السياسي يذهب لفرضية مناقشة السفير الأمريكي لملف (مسار شرق السودان المضمن في اتفاقية جوبا (أكتوبر 2020)، ولتأكيد تلك الفرضية فأنه أشار إلى أن زيارته، بجانب مهمتها الإنسانية، تفتح الأفق بقوله: “لزيارة أخرى على المدى القريب لبورتسودان”، فربما يقصد وضع اللبنة الأولى لاستكمال الحوار في مدينة بورتسودان التي ارتبطت بقضايا كبرى إبان حكومة حمدوك، أهمها غلق الميناء والتضييق على الحكومة المدنية حتى الانقلاب عليها من قبل المكون العسكري، الذي أعتمد على المدينة وزخم قادتها الشعبيين كمنصة لتهيئة الوضع لانقلاب (25) أكتوبر.

بات الدبولماسي الأمريكي مؤثر في السياسة الداخلية في البلاد، ترافقه في ذلك بعثات دولية تعمل على مقاربة الوضع في شرق السودان، ولو بالقوى التقليدية، حيث أن الحكم المدني أهمل قضيته أو نظر إليها بنوع من التساهل، لكن بدأ واضحا أن البعد الأهلي لم تزحزحه موجات التغيير العاتية في ديسمبر، وأن شرق السودان ما يزال يقع تحت وطأة الملاذات التقليدية، لكن البعد الإنساني للمواطن الذي يفتقر لمقومات الحياة والتنمية يبدو أيضا ذو أثر كبير، وربما سيكون هو المدخل للدبلوماسي الأمريكي وهو مستمر منذ قدومه في حركة دؤوبة لمعظم أرجاء البلاد، وتتضاءل في التحليل السياسي أي نوايا من جانب إدارته لفتح ملفات مثل الوضع في الميناء والمياه الإقليمية والمنشآت العسكرية، مثل القواعد العسكرية أو حركة السفن، فالوقت ربما لم يحن بعد، الوقت الآن لوضع اللمسات الأخيرة للتسوية السياسية وإلغاء (مسار شرق السودان) على الأرجح.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *