صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

ممثلة اليونسيف لـ”الحداثة”: 7 ملايين طفل بالسودان لا يذهبون إلى المدارس و12 مليونا يواجهون تعطل عملية التعلم

ممثلة اليونسيف بالسودان، مانديب أوبراين

ممثلة اليونسيف بالسودان، مانديب أوبراين

شارك هذه الصفحة

أجرى المقابلة إسماعيل حسابو وعازة أبو عوف

كشفت ممثلة اليونسيف في السودان، مانديب أوبراين، أن حوالي 2 من كل 5 أطفال سودانيين دون سن الخمس سنوات، يعانون من (التقزُّم)، فيما يعاني حوالي 3 ملايين طفل حاليا من سوء التغذية، منهم 650 ألف يعانون من سوء التغذية الحاد (الهزال)، مشيرة إلى أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، سيعانون من ضعف في النمو الإدراكي، مما يؤدي إلى فقدان 15 نقطة مئوية من معدل الذكاء، مما يؤثر على تركيزهم في المدرسة وعلى نتائج تعلّمهم.

وأعلنت أوبراين في مقابلة خاصة مع (الحداثة)، بمناسبة اليوم العالمي للطفل، عن وجود7 ملايين طفل لا يذهبون إلى المدرسة، في حين يواجه 12 مليون طفلًا آخرين تعطّل عملية التعلّم في السودان.

وأشارت إلى تأثر 12 مليون طفل جراء الاضطرابات في النظام التعليمي في السودان بسبب إغلاق المدارس.

وحذرت المسؤولة الأممية من ارتفاع معدلات وفيات الأمهات في السودان قائلة: “إن المعدل التقديري الحالي، والبالغ 295 وفاة لكل 100،000 ولادة حية، لا يزال معدّلا مرتفعا للغاية وغير مقبول”.. إلى المقابلة:

* وَرَدَ في تقرير مؤشرات مخاطر التعليم لعام 2022 أن منظمة رعاية الأطفال الدولية صنّفت السودان في المرتبة الثانية من حيث مخاطر تعطّل أنظمة التعليم. فماذا يعني هذا التقرير، بالنسبة لكم؟

أصدرت اليونيسف في السودان في سبتمبر 2022، بيانا مشتركا مع منظمة عاية الأطفال الدولية، يدعو إلى اتخاذ إجراء عاجل؛ لأن 7 ملايين طفل لا يذهبون إلى المدرسة، ويواجه 12 مليون طفلًا تعطّل عملية التعلّم في السودان.

دعوني أشرح ما يعنيه ذلك: إن طفلً واحدا من بين كل ثلاثة أطفال في السودان لا يذهب إلى المدرسة، وبعض هؤلاء الأطفال لم يذهبوا إلى المدرسة مُطلقا، بينما تسرّب آخرون من المدارس. شهدنا على مدى السنوات الماضية العديد من الاضطرابات في النظام التعليمي في السودان بسبب إغلاق المدارس، مما يؤثر على 12 مليون طفل. هذا يعني أن الأطفال يفقدون فرصة التعلم، ويُترجم الأمر على المدى القصير إلى حصولهم على درجات متدنية ومهارات متناقصة في القراءة والرياضيات. أما على المدى الطويل، فيترجم إلى خسائر في الأرباح الفعلية. ووفقًا لتقرير صادر عن اليونيسف وشركاء آخرين كان قد نُشر في بداية هذا العام وعنوانه:  حالة أزمة التعليم العالمية الطريق إلى التعافي  the State of the Global Education Crisis: A Path to Recovery))، فإن التكلفة الاقتصادية لفقدان التعلّم ستكون عبارة عن خسارة قدرها 17 تريليون دولار أمريكي، على مستوى العالم.

بالإضافة إلى ذلك، فإن المدرسة ليست للتعلّم فحسب، بل هي أيضا مكان لكي يلعب الأطفال ويحصلوا على الخدمات الحيوية، مثل الدعم النفسي والاجتماعي، وهي تحافظ عليهم في مأمن بعيدا عن سوء المعاملة والاستغلال.

* كيف تصفون واقع الأطفال والتعليم في مناطق النزاع، وخاصة في دارفور وجنوب كردفان؟ هل لديكم إحصائيات عن الأطفال الذين لم يتمكنوا من الالتحاق بالمدارس، وعن الذين تسربوا من الصفوف الدراسية، وعن سوء التغذية، وما إلى ذلك؟

للأسف، يعاني حوالي 2 من كل 5 أطفال سودانيين دون سن الخمس سنوات من قِصَر الطول بالنسبة إلى العمر (التقزُّم)، ويعاني حوالي 3 ملايين طفل حاليا من سوء التغذية الحاد (الهزال). تُبيّن لنا الأدلة العالمية أنّ الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد والمزمن يفتقرون أيضا إلى المُغذّيات الدقيقة الأساسية، كالحديد واليود والزنك وغيرها من العناصر اللازمة لنموهم وتطورهم على النحو الأمثل. ويعاني الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية من ضعف في النمو الإدراكي، مما يؤدي إلى فقدان 15 نقطة مئوية من معدل الذكاء. يؤثر هذا الأمر على تركيزهم في المدرسة وعلى نتائج تعلّمهم. وتُقدّر اليونيسف وشركاؤها أنّ 650.000  طفل دون سن الخمس سنوات من بين هؤلاء الثلاثة ملايين طفل الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، سيعانون في عام 2022 من سوء التغذية الحاد الوخيم. والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد معرّضون للوفاة بنسبة تتراوح بين 9 إلى 12 مرة أكثر من الأطفال الأصحاء، إن لم يتلقوا العلاج المنقذ للحياة في الوقت المناسب.

*وماذا عن دارفور وجنوب كردفان تحديدا بوصفها مناطق نزاع؟

إن الوضع في دارفور وجنوب كردفان أسوأ مما هو عليه في بعض الولايات الأخرى المماثلة. على سبيل المثال، قدّرنا أن في سنة 2022، يوجد في شمال دارفور ما لا يقل عن 93،808 طفل دون سن الخمس سنوات ممن يعانون من سوء التغذية الحاد، و157،264 طفل في سن المدرسة ممن لا يذهبون إلى المدرسة. كما نلاحظ أن في ولاية جنوب كردفان[1] ما لا يقل عن 14،202 طفل دون سن الخمس سنوات ممن يعانون من سوء التغذية الحاد، بينما هناك 132،630 طفل في سن المدرسة ممن لا يذهبون إلى المدرسة. لكن في نفس الوقت، لدى الولاية أعداد كبيرة من اللاجئين والنازحين والعائدين، ونحن نقدر أنه يوجد في الولاية 504،868 مواطنا معرضين للخطر. 

*بالنسبة للإحصائيات التي أوردتها اليونيسف وشركاؤها عن أوضاع الأطفال في السودان. ما المعايير التي تستند إليها هذه التقارير؟

نحن نعتمد على الإحصاءات الرسمية، مثل المسح العنقودي متعدد المؤشرات (MICS) وطريقة المسح المكاني المُبسَّط (S3M)، في السودان. يتم إجراء هذه الاستطلاعات كل بضع سنوات، وهي تعتمد على منهجية سليمة. ويسعدنا أن المسح العنقودي متعدد المؤشرات الجديد سوف يصدر في بداية العام المقبل، وسيكون قاعدة بيانات ممتازة.

* حذرت اليونيسف من وضع كارثي سيصيب أطفال السودان إن لم يتم اتخاذ إجراء والقيام بما هو ضروري. هل من مؤشرات على تحرّك جادّ من قِبَل الحكومة أو المجتمع الدولي لإنقاذ الوضع؟

تأخذ اليونيسف التفويض المُلقى عليها في مجال حقوق الأطفال على محمل الجد. فعلى سبيل المثال، تدعم اليونيسف برنامج التعلم البديل الذي يستهدف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و13 عاما، وتصِلهم بالمدرسة الرسمية من خلال وضعهم في برنامج تعليمي مكثّف لتعويض ما فاتهم من التعلّم، من خلال منهج مخصّص يلبّي احتياجاتهم. ثانيا، نحن ندعم أيضا مراكز التعلم الإلكتروني في المناطق النائية في السودان لمساعدة الأطفال الذين لا يذهبون إلى المدرسة والمجتمعات المحلية الهشّة، مثل المجتمعات البدوية، لكي يحصل أطفالهم على التعلّم. وثالثا، تهدف اليونيسف إلى تسخير قوة التعلم الرقمي لضمان توفير تعليم جيّد من أجل الصالح العامّ وكحق من حقوق الإنسان، مع التركيز بشكل خاص على الأطفال الأكثر تهميشا ممن لا يذهبون إلى المدرسة. 

*ما النتيجة المحتملة لوجود 7 ملايين طفل خارج جدران المدرسة، بالنسبة لدولة كالسودان؟

قبل كل شيء، نأمل أن يعود الأطفال غير الملتحقين بالمدارس في السودان إلى التعلّم، وأن يتمكّنوا من ممارسة حقهم في الحصول على التعليم. تدعم اليونيسف برامج التعليم لكي يتمّ تحقيق ذلك.

إن أطفال اليوم، هم في المستقبل قادة الغد. نحتاج لأن نستثمر في رأس المال البشري في السودان عن طريق القيام باستثمارات على مدى دورة الحياة، وضمان حصول الأطفال على الأطعمة المغذية من أجل نموهم وتطورهم، وحصولهم على خدمات صحية وتعليمية جيّدة، ومياه شرب ومراحيض آمنة، وعلى الحماية من التعرض لسوء المعاملة.

وأخيرا، فإنّ وجود ملايين الأطفال خارج المدرسة يُعدُّ أزمة جيليَّة يمكن أن تؤثر على مستقبل هذا البلد وتؤدي إلى دورات متلاحقة من الفقر والعنف بين مختلف الأجيال.

*كيف يمكن للسودان التغلّب على هذا الواقع، والقصد هو، هل توجد لدى دول نامية أخرى تجارب يمكن استلهامها للاستفادة منها؟

أود أن أؤكد أن بعض العقبات التي يواجهها السودان هي عقبات تواجهها أيضا دول أخرى، خاصة دول جنوب الكرة الأرضية، ويرجع السبب في ذلك إلى تصاعد وتيرة النزاعات وتداعيات أزمة “كوفيد -19” والتضخم المالي العالمي والتحديات المناخية الملحّة بشكل مستمر. شهدنا، على سبيل المثال، هزال الأطفال، وهو نتيجة مباشرة لسوء التغذية المتزايد في العديد من البلدان، ولهذا أطلقنا تنبيها عالميا للهزال هذا العام. السودان هو إحدى 15 دولة تتطلب اتخاذ إجراءات سريعة لمعالجة العبء المرتفع لسوء التغذية الحادّ. نحتاج إلى اعتماد نهج النُّظم التي تعمل على منع سوء التغذية بجميع أشكاله، وتعزيز التغذية المثلى مع التركيز بشكل أكبر على الوقاية. تعمل اليونيسف مع شركائها على خطة تسريع ومعها حزمة من الخدمات التي تلبي احتياجات الأطفال بطريقة شاملة وليس بطرق منعزلة.

*ما أهم التحديات التي تواجهكم في أداء عملكم، من المراقبة والحصول على المعلومات؟

السودان بلد كبير، والبنية التحتية فيه بمستوى أساسيّ، مما يجعل الوصول إلى بعض الأماكن صعبا للغاية. وهناك أيضا مشاكل في إمكانيات الاتصال، وهذا يؤثر على المراقبة الفورية في وقت الحدث. علاوة على ذلك، هناك صعوبات في الوصول إلى المجتمعات المحلية في حالات الطوارئ، مثل حدوث نزاعات وفيضانات. نحن نعتمد، كما ذكرنا سابقا، على الإحصاءات الرسمية، مثل تلك التي يوفرها المسح العنقودي متعدد المؤشرات (MICS) والمسح المكاني المبسّط (S3M)، في السودان.

*ما الوضع من حيث التنسيق بينكم وبين الحكومة أو السلطات المحليّة؟

السلطات شريكة للأمم المتحدة في بلدان مختلفة، ورغم التحديات، فإن اليونيسف تواصل تقديم الخدمات المنقذة للحياة للمجتمعات المحليّة. ونحن نواصل العمل حيثما يوجد أطفال محتاجون.

*ما تقييمكم لموضوع وفيات الأمهات، وهل الأمر آخذ في الازدياد؟

من المهم جدا أن نفهم أن أزمة “كوفيد-19” والمشاكل الاقتصادية والنزاع في أجزاء مختلفة من السودان، أدت إلى تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي وفشل النظام الصحي. وعلى الرغم من انخفاض معدلات وفيات الأمهات خلال العقد الماضي، إلا أن المعدل التقديري الحالي، والبالغ 295 وفاة لكل 100،000 ولادة حية، لا يزال معدّلا مرتفعا للغاية وغير مقبول. نحن نعمل، من خلال شراكاتنا، على دعم وتدريب العاملين في الخطوط الأمامية، مثل الأطباء والقابلات، وعلى تعزيز النظم الصحية في الأجزاء الأكثر هشاشة في السودان. ونعمل أيضا على دعم المرافق الصحية الأولية والثانوية والثالثيّة من خلال تزويدهم بالإمدادات والأدوات الطبية الأساسية المنقذة للحياة، مثل رُزم التوليد. يركز برنامج التحويلات النقدية الإضافية للأم والطفل التابع لليونيسف (MCCT +) على النساء الحوامل والأمهات والأطفال في أول 1000 يوم من حياة المواليد. تحصل الأمهات من خلال هذا البرنامج على الرعاية في فترة ما قبل الولادة التي تقلل من مخاطر وفيات الأمهات، ويحصلنَ بعد ذلك على مجموعة من الخدمات لدعمهن وأطفالهن الصغار، ولمنع المزيد من مخاطر وفيات حديثي الولادة والأطفال.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *