صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

ربيع نقابة الدراميّين يأتي في ديسمبر

شارك هذه الصفحة

سببان مهمان يجعلان انتخاب نقابة الدارميين السودانيين، الحدث الأقوى حضوراً منذ أمس وحتى صباح اليوم، أولهما: أنها ثاني نقابة تأسيسية سارت على خطى التكوين بعد نقابة الصحفيين السودانيين، وثانيهما الكيفية التي قامت بها النقابة خلال أربعة أشهر عُقد خلالها، بمدينة كادوقلي، مؤتمرٌ لفرعيات النقابة في الولايات، لتُجيز نظامها الأساسي وتنتخب مكاتب فرعية، ومن ثم تُتوّج ذلك بانتخاب نقابة تمثل الدراميين في كل السودان لا العاصمة الخرطوم فحسب، وهو ما حدث مساء أمس بمركز أمدرمان الثقافي.

وانتخب الدراميون أمس نقابتهم التأسيسية، بمركز أمدرمان الثقافي، بالتوافق على قائمة واحدة، على رأسها نقيباً المخرج والممثل الرشيد أحمد عيسى، وميسرة حسن بخيت سكرتيراً عاماً، وحياة الصادق سكرتيراً مالياً.

وضمت القائمة المنتخبة لنقابة الدراميين الفنانين عبد الرحمن الشبلي، موسى الأمير، أمين صديق، لسان الدين الخطيب، أحمد عجيب، هيبات الفاتح، حاتم طلب، إخلاص نور الدين، رحاب إبراهيم محمد، هيثم محمد نور، فريد الأمين، رضا عبد الله.

وبدأ الإعداد لتكوين نقابة الدراميين قبل أربعة أشهر. وفي أكتوبر الماضي استضافت مدينة كادوقلي دارميين من مختلف أنحاء السودان، لينتخبوا المكاتب التنفيذية للولايات، وانتُخبت اللجان الفرعية لنقابة الدراميين السودانيين في عدة ولايات: الخرطوم، وشمال كردفان، وشمال دارفور، وكسلا، والنيل الأبيض، والنيل الأزرق،  ونهر النيل، والجزيرة، ولحقت بها بقية الولايات.

وحول الكيفية التي تكونت بها النقابة – التي يمكن وصفها بأنها تؤكد الاستناد إلى القاعدة الدرامية في مختلف أنحاء السودان – يعلّق الناقد الدرامي د. راشد مصطفى بخيت بأنه رغم ما اعترى العملية من اعتراضات سابقاً من دراميي شمال كردفان والنيل الأزرق، إلا أن العملية نظرياً تمضي في الطريق السليم لتكوين النقابة، ويضيف: “بالتأكيد تجاوزت العملية النقابية لدى الدراميين التمركز المتوهم للعاصمة الخرطوم لتمضي في خطى تمثيل القاعدة الدرامية”؛ وواصل بخيت: “لكن الطريقة المُربكة لميكانيزم صناعة النقابة نفسها خارج الخرطوم عبر تمهيديات أثارت العديد من التساؤلات أثناء جريان هذه الموجة، وستظل بعض الأسئلة قائمة يجيبها عنها الزمن، لكن من الضروري الالتفاف حول النقابة نفسها لتكلمة علاج الداء بمزيد من الحوار الجاد والهادف”.

المخرج والمؤلف الدرامي ربيع يوسف يقول: “بعد اندلاع ثورة ديسمبر لا يستطيع جسم، أن يتجاوز قاعدته سواء في العاصمة أو الأقاليم، وعلى هذا الأساس مضت النقابة في اتجاه تمثيل قاعدتها في الولايات والخرطوم على حد سواء”.

وحول القائمة الموحدة التي تم التوافق عليها – على عكس ما يرشح عادة في انتخابات النقابات بأن تكون هناك أكثر من قائمة للتصويت – يُعلّق ربيع يوسف بأن “الحس الجمعي للدراميين بهذه الحالة من التوافق يسعى إلى تجاوز إرث الصراعات التي طالما واجهها، لأسباب موضوعية وغير موضوعية، فكانت هذه القائمة”.

وفي ذات الاتجاه يمضي راشد مصطفى بخيت بالقول: “هناك حركة أو فلنقل موجة قوية وسط الدراميين تدفعهم للتفكير بصورة مختلفة عما كان سائداً بينهم منذ سنوات، لم توصلهم تلك الطريقة إلى أي شيء سوى العدم، جربوا النفي، جربوا الإقصاء وجربوا كذلك بعضهم البعض لسنوات طويلة”.

ويضيف: “رغم أن حركة الدراميين كانت متقدمة في هذا المجال على بقية الفنون الأخرى، فيما يتصل بالنقابة والحقوق والإدماج في هيكل الدولة الوظيفي وأشياء من هذا القبيل، وحتى في التنظيم كانوا أكثر من غيرهم، لكن ضربهم فايروس الانقسام السوداني الأصيل!”.

ويصف بخيت هذه الموجة بأنها “تمثل أفكاراً داعمة للتجديد والتنظيم وروح العمل الجماعي والاقتحام… نعم هي تتمظهر في شكل نقابة الآن، لكن ستظل القوة الدافعة لهذا التوق نامية لأنها لم تعد تقبل التجاوز”.

الناقدة الدرامية ميسون عبد الحميد تعتبر أن المرحلة الحالية، على المستوى السياسي والثقافي والاجتماعي، تحتاج إلى أكبر قدر من التوافق بوصفها نقابة تأسيسية.

وتمضي في القول: “أهم ما سيجنيه الدراميون من النقابة هو تحديد هوية الدرامي المهني، فغياب النقابة طوال الأعوام  الفائتة تسبب في ظهور دراما غير معبرة عن طموحات الدراميين وبلا ضوابط”.

“ظل غياب نقابة الدراميين السودانيين عن المحافل الدولية مُحرجاً لوضع السودان الدرامي إقليمياً ودولياً”، تقول ميسون، ثم تضيف: “حتى من يمثلون الدراما السودانية في الخارج يبتعثون بالوساطة ودون عدالة في توزيع فرص التمثيل والتدريب”.

وإضافة إلى التشبيك مع المؤسسات العلمية والأكاديمية، توضح ميسون أن من أهم ما سيجنيه الدراميون من تكوين نقابتهم حماية الفنانين وحريات التعبير، وتضيف: “مع غياب النقابة تعرّض كثير من الدراميين للسجن وإنزال الممثلين من خشبات المسارح كما شهد من قبل في عهد اتحاد المهن التمثيلية برئاسة علي مهدي”.

ويعتبر بخيت كل ما حدث حتى الآن انتصاراً للدراميين أولاً ثم للاتجاه العام في بناء النقابات المهنية للفنون الأخرى، فالمدخل الحقوقي الذي تطرحه النقابة مكسب يجب البناء عليه، وليس هناك فرصة للاختلاف غير المنتج، وهذه هي النتيجة التي وصل إليها الدراميون بعد إهدار ما يكفي من الزمن.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *