حل السودان متوسطًا قائمة من 12 دولة تشكل مركز أزمة التغذية العالمية والتي تفاقمت من جراء الحرب في أوكرانيا وحالات الجفاف والنزاعات وانعدام الاستقرار المستمر، وفقًا لتقرير جديد صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونسيف”، عن تصاعُد مُعدل سوء التغذية بين الأمهات في البلدان التي تعاني من أزمات.
ويشكّل سوء التغذية مصدر قلق كبير في أجزاء كثيرة من السودان، وفقا مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان (أوتشا)، الذي أشارت في بيان اليوم الثلاثء، أنه وخلال السنوات الـ30 الماضية، زاد عدد الأطفال المصابين بالهزال والنمو المتعثّر في السودان.
ووفقا لـ(أوتشا)، فإن ما يقدر بنحو 4 ملايين طفل تحت سن الخامسة وامرأة حامل ومريضة يعانون من سوء التغذية ويحتاجون إلى خدمات التغذية المنقذة للحياة الإنسانية في عام 2023، من بين هؤلاء 611 ألفا يواجهون سوء التغذية الشديد الحدة.
وشملت القائمة بجانب السودان، كل من: إثيوبيا، وأفغانستان، وبوركينا فاسو، وتشاد، وجنوب السودان، والصومال، وكينيا، ومالي، والنيجر، ونيجيريا، واليمن.
وأشار التقرير إلى تصاعُد مُعدل سوء التغذية بين الأمهات بنسبة 25 بالمئة في البلدان التي تعاني من أزمات، مما يُعرّض النساء والأطفال الحديثي الولادة للخطر.
ووفقًا للتقرير شهد عدد المراهقات والنساء الحوامل والمرضعات اللاتي يعانين من سوء تغذية شديد ارتفاعاً حاداً من 5.5 إلى 6.9 ملايين على مستوى العالم، أي بنسبة 25 بالمئة منذ عام 2020 في 12 بلداً ممن تحملت أشد تأثيرات أزمة الغذاء والتغذية العالمية.
وحذر التقرير الذي حمل عنوان “يعانين من نقص التغذية والتجاهل: أزمة تغذية عالمية للمراهقات والنساء”، وجاء متزامنا مع اليوم العالمي للمرأة، من أن الأزمات الجارية والتي تتفاقم من جراء انعدام المساواة المستمر، تعمل على تعميق أزمة التغذية بين المراهقات والنساء والتي لم تشهد سوى تحسن طفيف على امتداد العقدين الماضيين.
وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف، السيدة كاثرين راسل، “تدفع أزمة الجوع العالمية ملايين الأمهات وأطفالهن نحو الجوع ونقص التغذية الشديد. ومن دون عمل عاجل من المجتمع الدولي، قد تستمر تبعات ذلك إلى أجيال عديدة قادمة”.
ووفقاً للتقرير — وهو دراسة شاملة وغير مسبوقة لوضع التغذية للمراهقات والنساء في العالم — تعاني أكثر من بليون فتاة مراهقة وامرأة من نقص التغذية (بما في ذلك نقص الوزن وقصر القامة)، ونقص في المغذيات الدقيقة الأساسية، وفقر الدم، مما يترك تبعات مدمرة على حياتهن وعافيتهن.
ومن الممكن أن تؤدي التغذية غير الكافية أثناء حياة البنت والمرأة إلى إضعاف جهاز المناعة، وضعف التطور الإدراكي، وزيادة خطر المضاعفات الصحية المهددة للأرواح مما يترك بدوره تبعات خطيرة ولا يمكن تصويبها على بقاء أطفالهن ونمائهم وتعلمهم وقدرتهم المستقبلية على كسب الدخل، وفقًا للتقرير الأممي.
وعلى صعيد العالم، يعاني 51 مليون طفل دون سن الثانية من توقف النمو، مما يعني أنهم قصار القامة بشدة بالنسبة إلى أعمارهم بسبب سوء التغذية. ومن بين هؤلاء، يصاب زهاء نصفهم بتوقف النمو أثناء فترة الحمل وخلال الأشهر الستة الأولى من حياتهم، وهي فترة الـ500 يوم التي يكون الطفل معتمداً فيها اعتماداً كاملاً على التغذية التي يتلقاها من الأم، وفقاً لتحليل جديد يرد في التقرير.
وأضافت السيدة كاثرين راسل القول، “من أجل منع نقص التغذية بين الأطفال، يجب علينا أيضاً أن نعالج سوء التغذية بين المراهقات والنساء”.
وتستمر الأزمات العالمية في التسبب تضر بشكل أكبر بقدرة النساء في الحصول على الأغذية المغذية. ففي عام 2021، كان عدد النساء اللاتي يعانين من انعدام الأمن الغذائي يفوق عدد الرجال بمقدار 126 مليوناً، مقارنة مع 49 مليوناً في عام 2019، مما يمثل زيادة في الفجوة الجنسانية في انعدام الأمن الغذائي بأكثر من الضعفين.
ويدعو التقرير الحكومات والشركاء الإنمائيين والإنسانيين والجهات المانحة ومنظمات المجتمع المدني والفاعلين الإنمائيين إلى تحويل أنظمة الغذاء والصحة والحماية الاجتماعية نحو خدمة المراهقات والنساء.
وقالت السيدة كاثرين راسل، “عندما لا تحصل البنات والنساء على تغذية كافية، يُستدام انعدام المساواة بين الجنسين، كما تنخفض إمكانية التعلم وكسب الدخل. وكذلك يزداد خطر المضاعفات الصحية المهددة للأرواح، بما في ذلك أثناء الحمل والولادة، وتزداد احتمالية ولادة أطفال يعانون من نقص التغذية. ونحن نعرف ما يتطلبه الأمر لتوفير الخدمات والدعم الغذائي المنقذ للأرواح للنساء والأطفال الأشد حاجة إلى هذا الدعم، وما علينا سوى تعبئة الإرادة السياسية والموارد كي نحقق ذلك. وليس ثمة وقت لنهدره”.