صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

كيف تُعجل واشنطن بانهيار الخرطوم؟ قراءة من داخل شروط الانتقال

السفير الأمريكي بالخرطوم

السفير جون غودفري

شارك هذه الصفحة

في مقالتها المنشورة بتاريخ 4 فبراير 2023 تشير السفيرة (ميشيل غافين) وهي زميل أول لدراسات إفريقيا في مجلس العلاقات الخارجية وديبولماسية مخضرمة؛ إن واشنطن فشل مخيالها في السودان.

الناظر إلى سياسة الولايات المتحدة، ومنذ العام 2005 مع اتفاقية السلام الشامل، فهي تعتمد على الأشخاص لا الأنظمة، ما يعني أن سياسة واشنطن تعتمد على استخدام وكلاء بدلا من مؤسسات، وهذا، بطبيعة الحال، سينعكس على الوضع السياسي في الآتي :

أولا: ستتفكك المؤسسات والمنظومات السياسية بسبب نشوء أشخاص مسيطرين على مفاتيح العلاقات مع مراكز القوى، وهو ما يجعل الأحزاب السياسية مستقبلا مجرد واجهات عمل لأفرادن وسيعيق أي انتقال نحو مؤسسات تحكم الفترة الانتقالية .

ثانيا: سيعزز التعامل الذي تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية دوائر المصالح والشراكات بين أفراد بعينهم، ما يعني أن السلطة الانتقالية القادمة ستكون مجرد تحالف بين أشخاص تحكمهم مصلحة البقاء في السلطة وتتم حمايتهم من قبل المجتمع الدولي .

ثالثا: سيصعد طالبي السلطة إلى دوائر التأثير ليعززوا وجود أشخاص بعينهم في مراكز اتخاذ القرار، ما يعني نشوء دوائر ونوافذ جديدة للسلطة، تصارع الأوجه القديمة، وقد يؤدي هذا الصراع، المبتعد عن أجندة المجتمعات المحلية، إلى مواجهات داخل القبيلة الواحد، بالإضافة إلى مواجهات قبلية أيضا بين أكثر من إثنية من أجل الصعود إلى السلطة.

رابعا: ستقطع الدوائر الجديدة محاولة أي إصلاح للمؤسسات والمنظومات التي تم بناؤها عبر سنوات من الفساد والمحسوبية، ما يؤدي إلى نشوء جيوب مصالح تدير الفساد وتحكم من خلال الألعاب القذرة، ويحول السودان إلى مجموعات أشبه بالعصابات؛ بحيث يمنع التحالف الجديد للسلطة أي محاولة إصلاح أو رد الجمهورية للجمهور.

خامسا: ستزيد احتمالية وقوع مواجهات مسلحة بين الأطراف العسكرية بسبب اعتمادهم السياسي على شخصيات مدنية بينها سنوات من العداء والمشاحنة المستمرة، ما سيؤدي إلى الزج بمواجهة الأطراف العسكرية في لحظة العودة إلى أي عملية تشاركية من قبل الجماهير، سواء للدستور أو الانتخابات.

سادسا: ستصبح مناطق النزاع خارج دوائر الاهتمام، ما يكسبها هشاشة أكثر، وتصبح مجرد مجمعات يتم إدارتها من قبل فاعلين محددين لهم علاقات مع السلطة .

أخيرا. إن سياسة واشنطن الخاصة للسودان، لن تساعد في بناء أي سبل حل، بل تزيد من الانقسامات الحزبية والتحالفات العسكرية، مما ينعكس على استقرار السودان ومستقبله، فالولايات المتحدة من خلال سلكها الدبلوماسي بالخرطوم تتعامل بصورة سطحية مع مستقبل الانتقال. تدفع بشخصيات ضعيفة وهشة ولا تمتلك أي وجود فعلي، سواء وسط الشباب المحتج أو القوى الاجتماعية الرافضة للعملية السياسية، وهذا يذكرنا بتعامل واشنطن مع نظام عمر البشير .


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *