صحيفة الحداثة

وعي جديد لبناء حداثة وليدة الثقافة

السودان.. ماذا بعد ورشة الشرق؟

شارك هذه الصفحة

انفض سامر المشاركين في ورشة لمناقشة قضية شرق السودان في الخرطوم، جرت ضمن المرحلة النهائية للعملية السياسية، بمشاركة (400)‪ شخصا، والهدف المعلن هو الاتفاق على برنامج ينفذ في الإقليم بواسطة الحكومة المقبلة.

شهدت الورشة مشاركة رؤساء وممثلين للكتل والأحزاب السياسية الموقعة على الاتفاق السياسي الإطاري، والآلية الثلاثية ممثلة في الاتحاد الأفريقي، وهيئة الإيقاد، ويونتامس، وسفراء الاتحاد الأوربي ورؤساء وسفراء البعثات الدبلوسية.

وناقشت الأوراق “التنوع الثقافي والاجتماعي وحماية التراث في شرق السودان، قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية، المرأة، اللامركزية ونظام ومستويات الحكم، والإدارة الأهلية ودورها في تعزيز السلم المجتمعي، ونبذ ومحاربة خطاب الكراهية في شرق السودان”.

ممثل الآلية الثلاثية السفير إسماعيل ويس، كان قد أكد في افتتاح أعمالها، أن المجتمع الدولي مستعد لدعم وتنفيذ ما تخرج به أعمال الورشة من مقررات وتوصيات تشكل خارطة طريق للحكومة المقبلة.

أيضا أوضح المتحدث باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف، أن الهدف من الورشة هو الوصول إلى برنامج بخصوص شرق السودان تنفذه الحكومة المقبلة.

ويعاني الإقليم من ضعف التنمية ما أدى إلى تكريس الفقر والمرض والجهل، بينما تشكو قيادات سياسية ومدينة من استمرار محاولات تهميشه في عملية صنع القرار الخاص بالتنمية والحكم.

وتقود مجموعات مختلفة على أرض الإقليم ثورة في مواجهة ما تصفه بتحالف يقعده، بين نخبة مركزية فاسدة وفئات من النخب المحلية المتآمرة.

ورغم أن الورشة تناقش قضية شرق السودان من زوايا مختلفة، فإنها شهدت مقاطعة قوى سياسية ومدينة فاعلة في الإقليم، كانت قد طرحت رؤية مختلفة لطريقة الوصول إلى ذلك البرنامج، ما يطرح شكوك بأنها لن تكون حاسمة.

وغير مناهضة مسار شرق السودان في جوبا، التي قادها بداية المجلس القبلي قيادة الناظر ترك وأدت إلى صراعات دامية وتهديد النسيج الاجتماعي، فقد كان الإقليم مسرحا لنشاطات قوى مختلفة مدنية وسياسة في مواجهة مشاريع الاستحواذ على الموانئ والشريط الساحلي، بجانب عمليات التعدين خارج القواعد الرسمية المنظمة، قبل أن يتم طرح منبر منفصل لمناقشة قضية الإقليم.

الهدف من المنبر وفق هذه القوى، إيجاد رؤية حاكمة لمستقبل شرق السودان، خلال المرحلة القادمة، عبر الحوار مع الوساطة الأممية والإقليمية، بمعزل عن المشاركة في الاتفاق السياسي المزمع عقده بين المدنيين وقادة الإنقلاب، مع أنهم يدعمون الحوار الجاري. ومن أبرز تلك القوى (تجمع أحزاب مؤتمر البجا وتجمع منظمات المجتمع المدني في الشرق ولجان المقاومة، بجانب عشرات المبادرات والجمعيات التطوعية).

في الأسابيع الماضية دعا تجمع جديد لأحزاب مؤتمر البجا، إلى تخصيص منبر تفاوضي منفصل لقضايا الإقليم التاريخية، بمشاركة جميع قواه، بدلا عن الورشة المشار إليها. وشدد التجمع على أنه لن يسمح بتكرار خطأ اتفاقية سلام جوبا ومسار الشرق، الذي اتسم بقصور في المضمون وتغييب أصحاب المصلحة.

التجمع الذي يضم (5) من فصائل حزب مؤتمر البجا، قال إنه يهدف لملء الفراغ السياسي في الشرق، والتعامل مع التحديات والمخاطر التي تواجه مواطنيه في ظل الصراع السياسي الحاد والتدخلات الدولية على أرض الإقليم.

وتعهد بالعمل من أجل تفكيك المركزية القابضة، لصالح النظام الفيدرالي الحق، الذي يمكن جميع الأقاليم من الاستفادة من مواردها، ويمكن أهلها من إدارة شؤونهم.

وقال قادة التجمع إنهم سيعملون على بناء جبهة واسعة، تضم كل كيانات وأحزاب شرق السودان، من أجل العمل سويا من أجل حل أزماته، وهم يدعون إلى منبر تفاوضي منفصل يشارك فيه جميع أهل الشرق بكل أطيافهم، وعدم تكرار خطأ ومسار الشرق، عبر التعامل بسطحية مع قضايا الإقليم التاريخية، مشددين على رفض بيع أو إيجار سواحل البحر الأحمر لأي جهة أجنبية أو وطنية، وعلى ضرورة إنفاذ العدالة الانتقالية.

ومن أبرز أهدافه توحيد جميع تيارات مؤتمر البجا، ولَم الشتات ومعالجة الفراغ السياسي، والتعامل مع كل المتغييرات التي صاحبت 25 أكتوبر، من مهددات أمنية وتدخلات إقليمية زادت من حدة الصراع وحجم المخاطر.

في تطور لاحق، أعلنت الحركة الشعبية، التيار الثوري الديمقراطي، دعمها قيام منبر تفاوضي مستقل لغير الموقعين من قوى شرق السودان والموائمة بين نتائج المنبر ومسار الشرق في إتفاق جوبا.

الإعلان جاء بعد اجتماع بين قيادة الحركة الشعبية وبحضور رئيس الحركة ياسر عرمان، وائتلاف شرق السودان الموحد الذي يضم 12 كتلة من القوى الشبابية ولجان المقاومة، وأجسام مطلبية وحرفيين واللجنة التسييرية لهئية المؤاني البحرية والشباب الأحرار والمستقلين.

الائتلاف، بحسب بيان للحركة الشعبية، تحالف يدعم أجندة ثورة ديسمبر والوصول إلى حكم مدني ديمقراطي وإلى سودان جديد.

هذا الإعلان تزامن مع بدء آخر مراحل العملية السياسية، التي تشارك فيها الحركة التي يقودها ياسر عرمان، وتكمن أهميته في أنه يوشر على إمكانية أن تعتمده الوساطة الدولية طالما أصبح موضع قبول من أطراف مختلفة داخل وخارج العملية.

وأمس الأول، خرج في ذات الإتجاه، ترحيب آخر بالمنبر المنفصل من الكتلة الديمقراطية على لسان مني آركو مناوي.

ويستند الترحيب على مقررات الورشة التي عقدتها الكتلة في القاهرة، بمشاركة قيادات من مسار الشرق والناظر ترك.

ما يتضح أكثر، وفق كل ذلك، أن فرص انعقاد هذا المنبر أصبحت أكبر، لكن ماهو غير واضح حتى الآن، موقع التوصيات التي خرجت عن الورشة التي عقدت في الخرطوم.

 وفي هذا الصدد يرى مراقبون أن الورشة كانت ضرورية في سياق إكمال متطلبات التوقيع على الإتفاق السياسي النهائي، وأن انعقادها سمح بحشد مؤيدين جدد للعملية السياسية الجارية، لكن ذلك لن يكون كافيا لمن يطالبون، بالمنبر المنفصل ومخرجاته التي يعتقدون أنها ستصبح رؤية حاكمة لكل ما يخص الإقليم في المرحلة الانتقالية، وربما بعدها.


شارك هذه الصفحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *